درج الناس على استخدام عبارة “القلب المنكسر” في وصف حالة الحزن جراء حادث أليم، والضغط الذي يكابدونه يوميا، غير أن هذا الوصف في مجال الطب ليس مجرد تعبير مجازي، بل حالة مرضية تطال عضلة القلب، وتحديدا البطين الأيسر، بحيث تجعله عاجزا عن ضخ الدم بطريقة سليمة وسلسة، ومن ثمة فشل عضلة القلب بشكل عام.
وتعتبر متلازمة القلب المنكسر من أمراض العصر التي تطال القلب والشرايين، وقد تؤدي إلى مضاعفات بمخاطر كبيرة على صحة الإنسان، نتيجة التوتر النفسي والقلق والاكتئاب، وفق ما أكدته الدراسات العلمية والطبية الحديثة.
وفي الصدد أرجع الدكتور محمد باحوس، أخصائي أمراض القلب والشرايين بمدينة سلا، الإصابة بهذه المتلازمة إلى تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي الودي، وما يرافقه من إفراز مجموعة من الهرمونات، خاصة الأدرينالين، الذي قد يضر مؤقتا بعضلة القلب، ويسهم في ارتفاع نبضاته أو عدم انتظامها؛ كما يؤدي ذلك في بعض الحالات إلى تقلص الشرايين التاجية ومضاعفات شبيهة بالذبحة الصدرية.
ويعود تشخيص هذا المرض لأول مرة إلى تسعينيات القرن الماضي من قبل أطباء يابانيين، عقب الزلزال الذي ضرب اليابان، حيث لوحظ نقل العديد من الأشخاص إلى المستشفى بعدما تعرضوا لنوبات قلبية رغم أن سجلهم الطبي لا يشير إلى عوامل اختطار بأمراض القلب والشرايين.
وقال الأخصائي ذاته لهسبريس إن الإصابة بمتلازمة القلب المنكسر تنتج عن المواقف المسببة للتوتر والقلق والعواطف الشديدة، سواء تعلق الأمر باكتئاب حاد أو فرح مبالغ فيه، إذ يشعر المصابون بهذا المرض بألم مفاجئ في الصدر أو على وشك الإصابة بذبحة صدرية ( Infarctus du myocarde ).
وأضاف المتحدث ذاته أن هذا المرض يصيب بنسبة تصل إلى 90 في المائة النساء اللواتي يتجاوز عمرهن 50 سنة، نتيجة تعرضهن لصدمة نفسية أو عاطفية كبيرة أو توتر نفسي طويل.
وأوضح طبيب أمراض القلب والشرايين أن الإصابة بهذا المرض ومسبباته لا تقتصر على مواقف الاكتئاب والتوتر والقلق الناتج عن فقدان شخص عزيز أو منصب أو سلطة، بل قد تنتج في حالات الفرح والمبالغ فيه أو المشاعر الجياشة.
وسجل الطبيب نفسه ارتفاع نسبة أمراض القلب والشرايين في صفوف الشباب بأرقام لافتة للأنظار في الآونة الأخيرة، نظرا لعوامل كثيرة متعددة متعلقة أساسا بتغير نظام ونمط العيش وعدم اتباع حمية غذائية سليمة، وكذا العزوف عن ممارسة الرياضة والتعاطي للتدخين وشرب الكحول.
وأكد الدكتور باحوس أن جائحة كوفيد 19 شكلت امتحانا حقيقيا كشفت عن تسجيل ارتفاع أمراض القلب والشرايين لدى الشباب، بعدما كانت هذه الأمراض حكرا على الشيوخ وكبار السن.
وعرف الطبيب ذاته، في حوار بث بالصوت والصورة، الذبحة الصدرية بكونها “انسداد مفاجئا في الشرايين التاجية للقلب، وتتلخص أعراضها في ألم مفاجئ وشديد تفوق مدته 20 دقيقة، يتمركز على مستوى الصدر وينتقل إلى الذراع الأيسر والرقبة كما قد تصاحبه أعراض أخرى من قبيل القيء والهلع والتعرق والإغماء”.
وأبرز الأخصائي نفسه أن “فشل القلب يعتبر من بين المضاعفات الناتجة عن أمراض القلب والشرايين؛ وهو عجز القلب بوصفه عضوا حيويا عن القيام بالدور المنوط به المتمثل في ضخ الدم إلى الأعضاء النبيلة وجسم الإنسان، وهذا العجز يصادر صحة المريض”.
وقدم الطبيب نفسه مجموعة من النصائح للمصابين بهذه المتلازمة، من قبيل اتباع الحمية الغذائية السليمة والتقليل من الملح والسوائل، بالإضافة إلى ممارسة الرياضة وفق تعليمات طبية دقيقة وصارمة، والمواظبة على أخذ الدواء وفق الاستشارة الطبية، مع الابتعاد عن التوتر والتحكم فيه.
كما نصح المؤدي لقسم أبوقراط عموم الأشخاص لتفادي الإصابة بهذه المتلازمة إلى ضرورة ممارسة الرياضة بصفة منتظمة ودورية 3 مرات في الأسبوع على الأقل، واتباع حمية غذائية سليمة تعتمد على الخضروات، مع الابتعاد على اللحوم الحمراء والدهنيات، داعيا الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 50 سنة إلى زيارة طبيب القلب بشكل دوري واستباقي وتجنب القلق والتوتر، أو التحكم فيه على الأقل.