ينتظر أن تعرف مدينة الدار البيضاء، وفق إفادات مسؤولين وخبراء في المجال البيئي، أزمة ماء صعبة في الفترة المقبلة، خاصة في ظل التغيرات المناخية.
ويؤكد المختصون أن العاصمة الاقتصادية، ومعها المناطق المجاورة، ستعرف في المدى القريب أزمة في الماء الشروب، بالنظر إلى تراجع حقينة السدود وقلة التساقطات المطرية.
ونقل برلمانيون إلى مجلس النواب تخوفات المواطنين بمختلف جماعات الدار البيضاء من قلة المياه في الفترة المقبلة، وكذا ضعف الفرشة المائية لسقي الأراضي الفلاحية.
أزمة تلوح في الأفق
أفاد مصطفى بنرامل، خبير في مجال البيئة، بأن مدينة الدار البيضاء ومنطقة الشاوية ستعرفان تراجعا كبيرا في الماء، وذلك بالنظر إلى استنزاف الفرشة المائية والسدود.
وقال بنرامل، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن مدينة الدار البيضاء، التي تعد من المدن المهمة في مختلف المجالات، “ستعرف في ظل التغيرات المناخية نقصا في الماء، وهو ما يدفع إلى البحث عن حلول من أجل تجاوز هذه الإشكالية”.
بدورها، أميمة الخليل الفن، متخصصة في الهندسة البيئية والتنمية المستدامة، أوضحت لهسبريس أن “أزمة الماء قد بدأت معالمها تظهر في الدار البيضاء، ولو أن حدتها أقل مقارنة بما شهدته مدن أخرى على غرار مدينة أكادير”.
وشددت المتخصصة في الهندسة البيئية، ضمن تصريحها لهسبريس، على أن “الفرشة المائية تعرف تراجعا كبيرا، بالتالي سيكون هناك تأثير مستقبلي على المدينة، خصوصا إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه؛ إذ يستهلك القطاع الصناعي ما يناهز 10 بالمائة، ثم القطاع الفلاحي 70 بالمائة”.
وأضافت أنه “إذا بقي الوضع على ما هو عليه، فعلى المدى القريب ستكون هناك أزمة كبيرة في الدار البيضاء، ما يتطلب القيام بمجموعة من الإجراءات والحلول لتفادي الوصول إلى هذا الوضع”.
حلول مستعجلة
بالنسبة إلى مصطفى بنرامل، الخبير في مجال البيئة، فمن بين الحلول المقترحة لتفادي أزمة الماء في القطب المالي للمملكة، “تحلية مياه البحر”، وهو ما تدعو إليه هيئات المجتمع المدني والمؤسسات.
إلى جانب ذلك، اقترح المتحدث “جلب المياه من مناطق أخرى لسد الخصاص، مع العمل على ترشيد استعمال المياه الجوفية في الأراضي الزراعية المسقية بمحيط المدينة للحفاظ على الفرشة المائية”، وشدد على “صرامة السلطات في محاربة الآبار غير المرخصة التي تشكل خطرا على الفرشة المائية”.
من جهتها، أميمة الخليل الفن ركزت على “أهمية ترشيد استعمال الماء، مع العمل على توعية المواطنين في هذه المرحلة قبل تفاقم الوضع أكثر”، ودعت إلى “إعادة النظر في السياسات العمومية من طرف الحكومة، خاصة في المجال الفلاحي الذي يستهلك كميات كبيرة من الماء، ما يؤثر على الفرشة المائية”.
كما أكدت الخبيرة نفسها على “وجوب محاربة إشكالية التلوث، خصوصا في المناطق المجاورة للدار البيضاء، على غرار برشيد، وهو ما يتسبب في تلوث الفرشة المائية ويجعل الاستفادة منها أمرا مستبعدا”.
وبخصوص المقترح المتعلق بتحلية مياه البحر، ترى المهندسة أميمة الخليل الفن أن ذلك “يبقى حلا ليس سحريا لتجاوز أزمة الماء، وإنما مجرد حل بديل في انتظار حلول أخرى تساهم في وقف استنزاف الفرشة”.
وكان وزير التجهيز والماء، نزار بركة، أكد بمجلس النواب، الاثنين الماضي، أن الوزارة تعمل على ربط قنوات من سد مولاي عبد الله لتزويد الدار البيضاء بالمياه وتفادي انقطاعها عن المدينة.
وأضاف الوزير أن العمل يجري حاليا على تحلية مياه البحر، وذلك لربح 90 مليون متر مكعب، الشيء الذي من شأنه تفادي الضغط على سد المسيرة، وبالتالي حل المشكل بالنسبة لمدينتي الدار البيضاء ومراكش.