أصدر عدد من الأساتذة بكلية الحقوق بسلا بيانا حول ما وصفوه بـ”التصعيد الخطير الذي لم تشهده كلية الحقوق بسلا منذ تأسيسها، والمتمثل في إرسال الاستفسارات إلى رؤساء الشعب المنتخبين من طرف الأساتذة الباحثين بالكلية، دون نسيان البيانات والبيانات المضادة والتموقع والتموقع المضاد”.
وقال المحتجون في البيان الذي توصلت به هسبريس: “كنا نتوقع أمام هذا التصعيد الخطير أن تختار الأجهزة المعينة، أي رئيس الجامعة ونائبه المكلف مؤقتا بمهمة عميد بالنيابة، طريق الحياد والصمت وطريق لم الشمل، بدل طريق الاصطفاف مع طرف داخل الكلية وضد طرف آخر، ما زاد من توتير الأوضاع والاحتقان بالكلية”.
وأشار الأساتذة إلى أن “هذا التصعيد لا يخدم بتاتا المصلحة العامة التي تتطلب الاستعداد الجماعي للدخول الجامعي المقبل في أجواء سليمة وإيجابية، وبالتالي من المفروض الابتعاد عن التدبير المتهور والانفرادي والسلطوي واستبداله بتدبير أفقي جماعي يستهدف المصلحة العامة”.
وعن أسباب هذا التوتر، أوضح البيان أنه “انطلاقا من المادة11 من المرسوم التطبيقي للقانون التنظيمي المتعلق بالتعيين في المناصب العليا فإن المسؤول عن تدبير كلية الحقوق بسلا هو المكلف مؤقتا بمهمة عميد بالنيابة، وبالتالي التوقيع بصفة ‘عميد بالنيابة’، دون الإشارة إلى أن التكليف المؤقت هو اشتغال من خارج الصفة التي شرعنها النص التنظيمي”.
وذكّر الأساتذة المكلف مؤقتا بمهمة النيابة بـ”الصفة الحقيقية التي يمنحها له النص التنظيمي، من أجل الوعي بالفرق الكبير بين منصب العميد والمكلف مؤقتا بمنصب العميد بالنيابة، سواء من خلال مسطرة التعيين أو شكل التعيين أو سلطة التعيين”، مضيفين أنه على “المكلف مؤقتا بمنصب عميد بالنيابة أن يعلم أنه صاحب شرعية مقلصة ومؤقتة، وصاحب الشرعية المقلصة والمؤقتة يمارس المهمة في حدودها المقلصة”.
وورد ضمن البيان أنه “على المكلف مؤقتا بمهام نائب العميد بسلا أن يعلم أن رؤساء الشعب هم منتخبون من طرف الأساتذة الباحثين، وبالتالي يمتلكون سلطة تمثيلية باسم القواعد التي نصبتهم، بينما المعينون يمتلكون شرعية السلطة السياسية التي عينتهم، وأن الجامعة المغربية عرفت دائما تعايشا بين الأجهزة المنتخبة والأجهزة المعينة في إطار احترام القانون، لكن بعض المسؤولين حديثي العهد بالتكليف المؤقت أو المسؤولين المعينين اختاروا عن طواعية إستراتيجية التدبير العمودي، من خلال العمل على وضع الأجهزة المنتخبة تحت السلطة الرئاسية للأجهزة المعينة بعيدا عن الأعراف الجامعية”.
ونبه المحتجون إلى أن “رئيس الجامعة، من خلال إلغاء انتخابات الهياكل الجامعية، عمد إلى ضرب المشروعية الانتخابية، ما جعل الأساتذة الباحثين يشعرون بأن هناك نية مبيتة لترسيخ ديكتاتورية المعين على المنتخب، والعمل على تحويل المؤسسات الجامعية إلى هياكل إدارية تنفيذية يحكمها الأمر الرئاسي بدل أجهزة منتخبة مستقلة تفتح المجال أمام الأساتذة الباحثين للاهتمام بالبحث العلمي”.
وأبدى الأساتذة “التخوف من تحويل الفضاء الجامعي إلى فضاء عمودي تسوده ثنائية الآمر-المنفذ، بدل فضاء أفقي يسوده التدبير الأفقي عبر أجهزة منتخبة تقريرية وأجهزة معينة تسير وتنسق، ما عمل على زيادة الأوضاع المشحونة بين الأساتذة الباحثين ورئاسة جامعة محمد الخامس بالرباط”.
وقال مصدرو البيان: “نحن الأساتذة الغيورون على حاضر ومستقبل كلية الحقوق بسلا نوضح للرأي العام الوطني والجامعي أن رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط، من خلال عدم تقبله نتائج الانتخابات الأخيرة للهياكل الجامعية والنقابية وتحالفه مع الطرف الخاسر في الانتخابات، جعله يبتعد عن دوره التنسيقي المحدد في النص القانوني، ما اضطر الأساتذة المنتخبين إلى التوجه للقضاء، وكان الحكم الاستئنافي لصالح الشرعية الانتخابية”.
وجاء في البيان أنه “بعد الحكم، كان الكل ينتظر من رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط أن يصطف إلى جانب المشروعية، وإلى جانب قوة الشيء المقضي؛ لكنه للأسف فوت على نفسه فرصة أن يكون أبا للجميع، يدور الزوايا ويصنع الجسور بين الفرقاء ويوسع جبهة المطمئنين”.
وأكد المحتجون أنه “ليس في مصلحة أحد إلغاء اشتغال الأجهزة المنتخبة واستبدالها بالأجهزة المعينة وتحقير المقررات القضائية والانحراف بالسلطة من خلال ترهيب الأساتذة المنتخبين بالاستفسارات”، موضحين لرئيس الجامعة أن “هذا الطريق أوصل الأجهزة التي جربته سابقا إلى الفوضى والجمود، ولا وجود لعاقل يجرب المجرب”.
ودعا أساتذة الكلية رئاسة جامعة محمد الخامس إلى “العودة إلى مربع العقل ومربع المسؤولية ومربع المصلحة العامة ومربع رجال المؤسسات الجامعية المترفعين عن الصغائر”، داعين الجميع إلى “الاحتكام إلى لغة العقل”، ومنبّهين الذين اختاروا اللجوء إلى سلاح التأديب من خلال الاستفسار إلى أن “هذا الأخير هو خيار الفاشلين وخيار غير القادرين على التدبير الديمقراطي وخيار المنتحرين تدبيريا”.
وختم المحتجون البيان بدعوة وزير التعليم العالي إلى التدخل فورا، من خلال دعوة رئاسة الجامعة والأجهزة المكلفة مؤقتا إلى الاحتكام إلى لغة العقل ولغة الحكمة.
ولم يتسن للجريدة نيل رأي رئاسة جامعة محمد الخامس، في الوقت الذي أفاد فيه مصدر مسؤول في الجامعة بأن بيانا سيصدر في الموضوع.