مباشرة بعد إعلان الهيئة القضائية المكلفة بالنظر في ملف المعتقلين على خلفية أحداث الشغب التي شهدتها مباراة فريقي الجيش الملكي والمغرب الفاسي، شهر مارس الماضي، عن تأجيل الملف إلى 8 شتنبر المقبل، تحول الفضاء الخارجي لمحكمة الاستئناف بالرباط إلى شبه سرادق عزاء، حيث انخرطت عدد من أمهات المعتقلين في موجة من البكاء ولطم الخدود.
ولم تتمالك قريبات المعتقلين أنفسهن منذ لحظة إعلان تأجيل الملف، حيث شرعت سيدة في ترديد عبارة: “شتتو لينا ولادنا وعائلاتنا، ولدي مسكين مريض وشديتوه، الله ياخد فيكم الحق”، قبل أن تتدخل شرطية محاولة تهدئتها، ثم تكررت عبارتا “حسبي الله ونعم الوكيل”، و”الله ياخد فيهم الحق” على ألسن أمهات وآباء آخرين.
داخل قاعة المحكمة كانت الوجوه الواجمة تنتظر ما سيقوله القاضي، الذي رُصّت أمامه عشرات الملفات لأفراد تم وضعهم في غرفة زجاجية. وعلى يسار القاعة، جلست أمهات وآباء المعتقلين على خلفية شغب مباراة الجيش والرجاء. ولم تمض سوى هنيهات حتى نُودي على أربعة من المتابعين في حالة سراح، وقفوا للحظات أمام هيئة المحكمة قبل أن يعلن القاضي تأجيل الملف إلى ثامن شتنبر المقبل.
وفيما خلف القرار صدمة في صفوف أقارب المعتقلين، قال أحدهم إن القرار كان متوقعا، مضيفا يخاطب نساء متحلقات حوله خارج المحكمة: “ما دام أنهم لم يحضروا أبناءنا إلى المحكمة فلا تنتظروا أبدا أن يبدؤوا في محاكمتهم”، قبل أن يصب جام غضبه على بعض المحامين الذين قال إنهم “لا يترافعون عن المعتقلين كما يجب”، مضيفا: “اللي عطا شي ريال لشي محامي خاصو الحبس”.
غير بعيد، كانت سيدة تتلوى مُسندة ظهرها إلى جذع شجرة مرددة: “واهيا سيدي ربي راسي شاعلة فيه العافية”؛ بينما تواسيها أمهات أخريات تقول إحداهن بتكرار: “حنا كنتسناو فرج الله وما عرفناش فين كاين الخير. الله هو اللي كيحكم ونهار يبغي الله يخرجو غادي يخرجو”.
وما إن هدأ روع السيدة حتى شرعت سيدة أخرى في الصراخ مرددة: “ما شفنا رمضان، ما شفنا العيد الصغير، ما شفنا العيد الكبير، مابقيناش كنعسو، خرجو لينا على ولادنا الله ياخد فيهم الحق”، قبل أن تنهار وتجلس على الرصيف، بينما قالت سيدة باكية: “لا ما خدمتش فالديور ملقا منصيفت لولدي فالحبس باش ياكل”.
وفي الوقت الذي أجّل القضاء ملف المتابعين، يتمسك أقاربهم بأن عددا من المعتقلين لم يتورطوا في أعمال الشغب، وأن منهم من تم اعتقاله قبل المباراة، بينما قال أحد الآباء: “القضاء لا يتوفر على أي دليل لإثبات تهمة السرقة الموصوفة على أبنائنا واتهامهم بتكوين عصابة إجرامية”.

