لم تتفاعل جبهة البوليساريو الانفصالية والجزائر مع قرار دولة بيرو سحب اعترافها بـ”الجمهورية الوهمية”، وقطع علاقاتها مع الجبهة، إذ ارتكنت قياداتهما إلى الصمت وتكبّد الهزيمة الدبلوماسية التي لحقتها في عمق أمريكا اللاتينية.
وأمام الدعم المتزايد لمقترح الحكم الذاتي المغربي خلال الفترة الأخيرة، لاسيما من قبل دول كانت حليفة لمخطط الانفصال في الصحراء، لم تعد الجزائر والجبهة الانفصالية تبصمان على تحركات دبلوماسية للرد على هذه الخطوات.
وكانت الجزائر في آخر تفاعل دبلوماسي مع الخطوة التي اتخذتها إسبانيا لدعم مغربية الصحراء قامت باستدعاء السفير الإسباني، في مارس 2022، قبل أن تقرر قطع العلاقات مع مدريد وتعليق التعاون الاقتصادي معها.
نبيل الأندلسي، المتخصص في الشؤون الدولية، قال إن “سحب بيرو الاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية يخدم الطرح المغربي ومشروع الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب لحل هذا المشكل المفتعل، الذي يغذيه ويطيل أمده النظام الجزائري”.
واعتبر الباحث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “سحب الاعتراف يفند وهم الحضور الوازن للجبهة الانفصالية بدول أمريكا اللاتينية، ويفتح المجال لتفاعل وتحرك دبلوماسي مغربي من أجل كسر طوق اعتراف عدد من دول القارة بالكيان الوهمي”.
ويقف رئيس لجنة الخارجية السابق في البرلمان المغربي عند البيان الصادر عن خارجية دولة بيرو، الذي “يستشف منه أن سحب الاعتراف نابع من غياب علاقات ثنائية نشيطة، وهذا مؤشر على أن ما يحكم القرار، بالإضافة إلى التحرك الدبلوماسي المغربي، هو منطق المصالح والعلاقات الثنائية الفاعلة، وهو ما يستوجب من الحكومة المغربية بذل مجهودات لتعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين دول أمريكا اللاتينية بشكل عام”، وفق تعبيره.
ووضح المتحدث ذاته أن “موقف بيرو يبين أنه من الخطأ الارتكان إلى مسلمة أن أحزاب اليسار، وأساسا الراديكالية منها، داعمة للطرح الانفصالي بشكل مبدئي ودائم”، وزاد: “هنا يمكن استحضار التطورات المفاهيمية والإيديولوجية التي طرأت على الأحزاب اليسار، وحتى الراديكالية منها، وتوجهها الجديد نحو الواقعية السياسية ومنطق المصالح الذي بات يحكم السياسة الدولية والعلاقات بين الدول، خاصة بعد التراجع الذي عرفته الإيديولوجيات”.
وشدد الأندلسي على أن “القرار فرصة للدبلوماسية المغربية لتكثيف حضورها بدول أمريكا اللاتينية، لكسب مزيد من هذه الدول إلى الصف المغربي”، مردفا: “كما أن البرلمان المغربي مدعو إلى تفعيل دبلوماسيته الموازية من خلال اللجان البرلمانية المشتركة والعلاقات مع الفرقاء السياسيين بهذه الدول”.