قال خالد الشرقاوي السموني، رئيس المركز الوطني لمكافحة العنف والاعتداءات ضد الأطفال، إن “زواج الأطفال ظاهرة عالمية توجد في مختلف المجتمعات نتيجة عوامل ثقافية واجتماعية ودينية ‘مختلف الأديان’، تؤثر على حياة ومستقبل الفتيات وتحرمهن من الحق في الكرامة والتعلم والتنمية”.
وأضاف الشرقاوي السموني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر سنة 1948 نص على أن الزواج لا ينعقد إلا برضا الطرفين رضاء كاملا لا اعتراض فيه؛ وهو المقتضى الذي أكده العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية المؤرخ في 16 دجنبر 1966، بإشارته إلى ضرورة توفر ركن الرضا الحر والتام على الزواج”.
وأشار المتحدث إلى أن “المادة 16 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة نصت بدورها على أن الدول الأطراف تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، الحق في اختيار الزوج، وعدم عقد الزواج إلا بموافقة حرة وتامة، وفي ذلك إشارة إلى ضرورة توفر سن الرشد القانوني لعقد الزواج”.
وأوضح رئيس المركز الوطني لمكافحة العنف والاعتداءات ضد الأطفال أن “اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989 أوجبت على الدول الأطراف اتخاذ جميع التدابير الفعالة والملائمة بهدف إلغاء الممارسات التقليدية الضارة بصحة الأطفال، وحمايتهم من جميع أشكال الاستغلال الجنسي والانتهاك الجنسي”.
وحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أضاف الشرقاوي السموني، فإن “زواج الأطفال قد يؤدي إلى المعاناة مدى الحياة؛ فالبنات اللواتي يتزوجن قبل بلوغهن سن الثامنة عشرة أقل احتمالا للاستمرار في المدرسة، ويزيد احتمال تعرضهن للعنف المنزلي، وأيضا احتمال الوفاة بسبب مضاعفات الحمل والولادة أكبر عند المراهقات مقارنة بالنساء في العشرينات من العمر؛ وأطفالهن أكثر عرضة للإملاص (ولادة الجنين ميتا) وللوفاة في الشهر الأول من العمر”.
وورد ضمن التصريح ذاته أن “الكثير من الآباء المعوزين، خاصة في البوادي، يعتقدون بأن الزواج سيؤمن مستقبل بناتهم، ذلك بأن تضمن أسرة أخرى تولى مسؤولية رعايتهن؛ غير أن ذلك لا يبرر انتهاك حقوق الطفلات واغتصاب براءتهن، بل أكثر من ذلك أن نسبة الطلاق تكون مرتفعة بالنسبة لحالات زواج القاصرات، مما قد يؤدي إلى ضياعهن بسبب حرمانهن من التعلم أو انقطاعهن عن الدراسة، وبالتالي لا يتوفرن على شواهد دراسية أو مهنية تتيح لهن ولوج سوق الشغل لتأمين حياتهن أمام الأوضاع الاقتصادية الصعبة”.
ونبه رئيس المركز الوطني لمكافحة العنف والاعتداءات ضد الأطفال إلى أن “زواج القاصر الذي لم يبلغ سن الرشد القانوني يعد بمثابة زواج قسري، لكون الطفل في هذه الحالة عاجزا عن التعبير عن رأي مبني على دراية وإدراك، وعن الموافقة الواعية، والكاملة، والحرة على هذا الزواج”.
ومما لا شك فيه، قال الشرقاوي السموني، أن “هذا الموضوع أصبح يشكل في المغرب مصدر قلق لدى العديد من المنظمات الحقوقية والنسائية وحتى بعض المؤسسات الوطنية، نظرا لتزايد عدد القاصرات المتزوجات قبل السن القانوني، حسب الإحصائيات التي يتم تسجيلها سنويا منذ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، وما يترتب عن هذا النوع من الزواج من تبعات وآثار وخيمة على تمتع الأطفال بحقوقهم، ويجعلهن أكثر عرضة للعنف البدني والنفسي والاستغلال الجنسي، ويتحملن مسؤولية أكبر من سنهن وعبء يفوق طاقتهن”.
فضلا عن ذلك، أضاف خالد الشرقاوي السموني، فإن “تزويج الطفلات القاصرات يشكل إحدى العقبات الرئيسية التي تحول دون ضمان للفتيات فرص التعليم والعمل، وغيرها من الفرص، مما يساهم في هدر طاقات لا يستهان بها في بناء المجتمع، ويعوق تكوين جيل قادر على كسب رهان التنمية. لذا، اعتبرت هيئة الأمم المتحدة للمرأة مكافحة زواج القاصر أحد الأهداف السياسية للتنمية المستدامة في أفق سنة 2030″.
وختم الشرقاوي السموني تصريحه لهسبريس بالإشارة إلى أنه في إطار فتح ورش مدونة الأسرة التي دعا إليه الملك محمد السادس في خطابه الأخير بمناسبة ذكرى عيد العرش، وهي فرصة لإدخال التعديلات الضرورية على المدونة لتجاوز الثغرات والاختلالات القانونية، أصبح الوقت مناسبا لإلغاء المادة 20 منها، ليصبح سن الزواج محددا في الـ 18 بالنسبة للفتى والفتاة كما هو منصوص عليه في المادة 19 من المدونة، مع وضع مقاربة شاملة وسياسات عمومية متكاملة لحماية القاصرات ومنع تزويجهن وتمكينهن من التمتع بحقوقهن الطبيعية، وعلى رأسها التعليم والصحة وإدماجهن في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية”.