حول شتات الطوارق وانعكاساته الأمنية بإفريقيا جنوب الصحراء، كتب عبد الواحد أولاد ملود، باحث مغربي في الشؤون الأمنية والإفريقية، دراسة علمية منشورة من طرف مركز دراسات الشرق الأوسط، تناولت تداعيات قضية الطوارق على مجتمع شمال إفريقيا.
الباحث استهل دراسته بالتأكيد على أن “شتات الطوارق يعد إحدى الإشكاليات الأمنية بالغة الأهمية والتعقيد بمنطقة شمال إفريقيا وإفريقيا جنوب الصحراء، لما لها من بعد جيوسياسي على المنظومة الإقليمية والدولية”.
وواصل بأن “تلك المساحة الجغرافية تعد من المناطق التي عانت، وما زالت تعاني، من الأزمات عبر التاريخ نتيجة لعوامل عديدة؛ كالتنوع العرقي وصعوبة الجغرافيا وطبيعة مؤسسة الدولة، أضف إلى ذلك شساعة الحدود غير المراقبة، وتداخل المصالح الإقليمية والدولية”.
ولمعالجة موضوع هذه الدراسة، تم تسليط الضوء على أبعاد شتات هذه العرقية وانعكاسه على الموازنة الأمنية لدول الإقليم، واستغلاله من طرف بعض الفاعلين الإقليميين والدوليين والجماعات الراديكالية والإجرامية.
إشكالية الدراسة انطلقت من علاقة وضعية الطوارق التي تميزت بالشتات، وكون هذه العرقية تؤمن بنمط عيش خاص بها ولا تكترث بالحدود المرسومة بين دول المنطقة وكذلك طبيعة تكوين هذه الدول، مع التأثير الأمني لهذا الشتات الذي يكلف دول المنطقة العيش على تنامي الأزمات.
ومن هذا المنطلق، حلل الباحث الوضع عبر رصد موقع عرقية الطوارق ضمن دول إفريقيا جنوب الصحراء، والوقوف عند أهم مراحل تمردهم، والأسباب الكامنة وراء وضعيتهم الحالية. كما تمت دراسة علاقة شتات هذه الأقلية بالتغيرات الأمنية التي تعيش على وقعها دول الإقليم وتأثيره على عقيدتها الأمنية.
وفي هذا الصدد، صنف كاتب المقالة أسباب تمرد الطوارق ضمن النظرية التي تفسر سبب تمرد الناس، من خلال التمييز بين التمرد والإرهاب، معتبرا أن تفشي الإرهاب والإجرام في المنطقة له علاقة بتوظيف للحاضنة الاجتماعية كجزء من استمرارية أنشطة “الجماعات الراديكالية” لتحقيق إستراتيجيتها.
وصنف الباحث مشكل الطوارق من المشاكل المزمنة والصراعات العميقة نظرا لطبيعته الإثنية، زيادة على ارتباطه بمعوقات اقتصادية وسياسية، ليلفت إلى أنه “يمكن معالجة المشكل بالانتباه إلى خصوصية هذه الحركات، وإقحامها في اتخاذ تدابير لضمان عيشها وخصوصيتها”.
وسجل أن “استفحال كل المخاطر التي لها علاقة بشتات الطوارق وانعكاسه على المنظومة الأمنية لدول شمال إفريقيا والساحل يتطلب تبني ما يعرف اليوم في أدبيات الدراسات الأمنية بالمركب الأمني الإقليمي”.
وشرح ذلك بقوله إنه “عندما يكون هناك إحساس أو استشعار من طرف جماعة إقليمية معينة على أن هناك تهديدات أمنية مشتركة، تستوجب تضافر الجهود في التنسيق والتعاون للتصدي لكل هذه التهديدات”.
وعليه، فكل دول شمال إفريقيا والساحل مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالوقوف عند المشترك الذي يتجسد في الأخذ بعين الاعتبار أوضاع الطوارق، حسب الباحث الذي خلص إلى أنه “لا بد لهذه الدول من استحضار مقاربات شمولية للحيلولة دون إعادة فتح المجال لتمرد هذه العرقية؛ وذلك بمعالجة أوضاعها والوقوف عند خصوصياتها المجتمعية”.