تتواصل الأيام الصعبة على حزب العدالة والتنمية بعد مرحلة استحقاقات 8 شتنبر؛ فالانتخابات الجزئية في مكناس والحسيمة لم تحمل المراد بسقوط مرشحي الحزب رغم مساندة وحضور الأمين العام عبد الإله بنكيران شخصيا.
ولم يستطع الحزب تجاوز الألف صوت في الحسيمة، متراجعا خلف الاتحاد الدستوري والحركة الشعبية الحائزين على المقاعد الأربعة، وبذلك يستقر رقم نواب “المصباح” في 12 رغم الطموحات الكبيرة للقيادة القديمة الجديدة.
وتتجه قراءات عديدة نحو اعتبار الانتخابات الجزئية انعكاسا مصغرا لوضعية الحزب واستمرارا لدهشة التشريعيات الماضية، فيما ترى أخرى أن الوقت ما يزال مبكرا للحكم على الحزب والتحركات الجديدة داخله خلال فترة عبد الإله بنكيران.
محمد ظريف، أستاذ جامعي متخصص في قضايا الإسلام السياسي، اعتبر أن رهانات عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، كانت هي الحصول على أكثر من مقعد في الحسيمة، خصوصا أن مجال المنافسة كان مفتوحا، وبفضل ذلك ستتأكد إحدى قناعاته الراسخة.
وأوضح ظريف، في تصريح لهسبريس، أن بنكيران كان يود ترويج فكرة أن المواطنين يصوتون له لا للحزب، وأن وجوده أساسي في فوز حزب العدالة والتنمية في الانتخابات، فضلا عن إعطاء الأمل للأعضاء بعد ضعف الحضور في التجمعات الأخيرة بالدار البيضاء والعيون.
وسجل صاحب كتاب “الإسلام السياسي في المغرب” أن النتيجة كانت قاسية بالنسبة لـ”البيجيدي”، ومن خلالها سيعيد بنكيران النظر في العديد من مواقفه، لكن ظريف لا يعتبر أن مستجدات الانتخابات الجزئية تعني بالضرورة اتخاذ المغاربة موقفا سياسيا واضحا من الحزب.
وشدد المصرح لهسبريس على صعوبة الحديث عن المغاربة بالإجمال، خصوصا في ظل المشتركات الدينية واستغلال “البيجيدي” للدين في مناسبات عديدة، فضلا عن ضعفه أصلا في منطقة الريف، ما يعني تأجيل الجواب عن تراجع الحزب إلى حين.
محمد مصباح، رئيس المعهد المغربي لتحليل السياسات، قال إن الانتخابات الجزئية مرت دون انتباه يذكر في عمومها، لكن بالنسبة لحزب العدالة والتنمية فنزول عبد الإله بنكيران لدعم مرشح الحسيمة لم تأت بفائدة، معتبرا أن الحزب يعيش مرحلة صعبة ونتائج 8 شتنبر مازالت ترخي بظلالها على أدائه.
وأضاف مصباح، في تصريح لهسبريس، أن خسارة “البيجيدي” ليست مفاجئة، خصوصا في ظل غياب أي خطاب أو موقف للحزب خلال الحملة الانتخابية الباهتة، مشيرا إلى أن هذه النتائج تبرز بالملموس أن الحزب يسير في المنحى التراجعي الذي انطلق منذ 8 شتنبر.
وأوضح المحلل السياسي ذاته أنه من الصعب بناء موقف ثابت لرفض المغاربة لحزب العدالة والتنمية من خلال الانتخابات الجزئية؛ فهي تعطي صورة مصغرة وإشارات فقط، لكن هناك فعلا سقوطا مدويا واتجاها نحو عدم التصويت، وهذا الأمر لن يتم تجاوزه على المدى القصير.