
قال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، إن “مبدأ المنافسة الحرة الذي اعتمده دستور المملكة لا يقف عند حدود توفير تشريع يرسخ مبادئ الشفافية والمنافسة الحرة الضرورية بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين، لكن أساسا عند وجود مؤسسات حكامة جيدة تراقب تطبيقه، وتسهر على فرض تنفيذه، وتحد من الممارسات المنافية له؛ كما يحتاج إلى قضاء مستقل وقضاة أكفاء يضبطون قوانين التنافس الاقتصادي ويلمون بالاجتهاد القضائي وتطوره ومواكبته للحركية الاقتصادية وأساليب السوق”.
وأضاف عبد النباوي، في كلمة له ضمن أشغال ورشة بخصوص تطبيق قانون المنافسة، أن الأخير “سلك محطات مهمّة ساهمت في تقدمه وتطوره؛ إذ تمت دسترة مبدأ التنافس الحر بمقتضى الفصل 35 من دستور المملكة لسنة 2011، وتأكيد دسترة مجلس المنافسة بمقتضى الفصل 166، باعتباره هيئة للحكامة الجيدة والتقنين، عُهِدَ إليها بضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الاقتصادية، من خلال تحليل وضبط وضعية المنافسة في الأسواق، ومراقبة الممارسات المنافية لها، والممارسات التجارية غير المشروعة، وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار”.
وأضاف المتحدث ذاته، اليوم الإثنين، أنه “خلال سنة 2014 صدر القانون رقم 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة، والقانون رقم 12-104 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، وخلال سنة 2000 أعيد تنظيم المنافسة بمقتضى القانون رقم 99.06 نحو شكل أكثر حرية، مماثل للنظام الأوروبي”، وزاد: “أقر هذا القانون مراقبة لاحقة للممارسات المنافية للمنافسة ولعمليات التركيز؛ كما جعل هذه المراقبة تخضع لسلطة رئيس الحكومة، الذي يمتلك سلطة القرار، ولمجلس المنافسة الذي عُهد إليه بالاستشارة والتوجيه، بالإضافة إلى السلطات التقريرية التي خولها له القانون رقم 13-20 بشأن التحقيق والمعاقبة”.
كما سجل عبد النباوي أن “الشراكة مع مجلس المنافسة تهدف إلى تبادل المعارف والخبرات بينهما، وربط جسور التعاون بين السلطات والمؤسسات الوطنية، وفقاً للدستور”، مردفا: “لذلك نسعد اليوم بالمشاركة في هذه الورشة حول تطبيق قانون المنافسة، آملين أن تسهم في توسيع مدارك القضاة المشاركين فيها، للإلمام بتطبيقات هذا القانون، وتحسين معارفهم بجزئياته وتفاصيله، بما يسهم في تطوير الأداء القضائي والتطبيق العادل للقانون”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “الغاية من تنظيم المنافسة وحظر الممارسات المنافية والمقيدة لقواعدها هو ضمان حرية التنافس ومصالح المشغلين الاقتصاديين، ولاسيما المقاولات الصغرى، والمبادرات الفردية، ومنع الهيمنة والاحتكار الذي يقضي على هذه المقاولات والمبادرات ويضر بحقوق المستهلكين ورفاهيتهم”.
وأشار عبد النباوي إلى أن “مجلس السلطة القضائية يسعى عبر الشراكة مع مجلس المنافسة إلى الاستفادة من الخبرات الكبيرة، والمعارف الواسعة، لكفاءات الأخير، لتعريف القضاة بالقوانين المنظمة لهذا النظام الاقتصادي الحر، الذي كرسه دستور المملكة وأحدث له مجلس المنافسة للسهر على ضبطه ومراقبة الممارسات المنافية له”.
وأكد المسؤول ذاته أن “المجلس الأعلى للسلطة القضائية يؤمن اليوم بأن من مستلزمات النجاعة القضائية ومتطلبات الأمن القانوني التكوين المستمر للقضاة في قوانين تقنية يحتاج استيعابها إلى الانفتاح على مختلف المخاطبين بنصوصها، والاطلاع على آراء الهيئات الرسمية التي تطبق مقتضياتها”.