يواصل خبراء ومسؤولون أمنيون ضمن المؤتمر الدولي حول التطرف العنيف، المنظم بالرباط، خلق نقاش حول آليات محاربة الفكر المتطرف، ومنهجية التعامل مع حامليه، بغية الخروج بتوصيات لتعزيز التعاون الأمني، سواء بين مختلف الدول أو بين القطاعات المعنية داخل كل دولة.
“التعاون على هذا الصعيد بين مختلف الفاعلين حقق إنجازات مهمة”، يقول المصطفى الرزرازي، رئيس المرصد المغربي حول التطرف والعنف، مستدركا: “إلا أن هناك ثغرات ينبغي التفكير فيها من قبل أكاديميين وخبراء من أجل معالجتها”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “المؤتمر حرص على أن يغطي مختلف الجوانب، سواء المتعلقة بالفكر الديني أو المتعلقة بتدبير شريحة من السجناء المتابعين في قضايا التطرف”، وزاد: “كما تأتي هذه الدورة بعد دورة سابقة نظمت تحت عنوان ‘إجابات جديدة لتحديات جديدة’. وهذه السنة نريد تقييم ما تم تحقيقه على مستوى التعاون بين الدول في مكافحة التطرف، ثم على صعيد التعاون بين الفاعلين داخل الدول”.
ومن المنتظر أن يشهد المؤتمر جلسة خاصة بالأمنيين والمختصين في القضاء، لتداول بعض القضايا الميدانية الدقيقة، مثل الحكامة في تدبير المعلومات الاستخباراتية والتعاون القضائي.
من جانبه، قدم مولاي إدريس أكلمام إستراتيجية المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ومقاربتها في تدبير اعتقال الأشخاص المتابعين على خلفية التطرف والإرهاب في جميع أبعاده، مؤكدا أن هذا المؤتمر “مناسبة للتذكير بالدور المهم للمؤسسات السجنية، الذي أصبح يستأثر باهتمام الهيئات الأممية”.
وتابع المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، بأن “تواجد هذه الفئة من السجناء في المؤسسة السجنية فرصة للباحثين لمعرفة الدوافع وراء الأفعال المتطرفة، وأيضا فرصة للأشخاص المعنيين عند الاختلاء بأنفسهم داخل السجن للتفكير في أخطائهم والمشاكل التي تسبب فيها هذا الفكر”.
وقال أكلمام إن “المؤسسة السجنية في المغرب تعتمد على الوقاية والاستباق، وتأهيل مجموعة من القطاعات التربوية، والدينية، والسوسيو اقتصادية، كما أنها تملك برامج رائدة، منها برنامج مصالحة الرائد على المستوى العالمي، الذي يرجع تميزه إلى هندسته وتكوينه، إذ أحدث من طرف لجنة علمية تتكون من خبراء، وهو برنامج تطوعي يطلب السجناء الاستفادة منه”.
وأضاف المتحدث أن المقاربة المعتمدة في تدبير معتقلي التطرف والإرهاب “مقاربة أمنية استباقية وقائية”، وزاد: “في هذا الإطار تم إحداث قسم الشؤون العامة والمراقبة التابع مباشرة للمندوب العام خلال سنة 2015، حيث عهدت إليه مهمة تتبع وتقييم سلوك هذه الفئة من المعتقلين بصفة خاصة، وذلك من خلال مراقبة تحركات السجناء وتصرفاتهم، وخاصة منهم الخطيرون والمتطرفون، ورصد أنشطة الاستقطاب ونشر الفكر المتطرف العنيف، وتشديد المراقبة والتتبع على السجناء المتشددين والممولين والمحرضين والمتزعمين، وكذا رصد وتتبع علامات التشدد المؤدي إلى التطرف العنيف، وكذا علامات فك الارتباط وفرص إعادة التأهيل؛ ثم التعرف على الأنشطة ذات الطابع الجنائي ومنعها، إضافة إلى منع أي خرق لقواعد السجن، مع رصد فساد الموظفين وتسريب الممنوعات”.
كما تعمد المندوبية إلى ضبط ومراقبة الكتب بخزانات المؤسسات السجنية، عبر تشخيص وضعيتها ومخزونها من الكتب ومجالات تصنيفها، وجرد الكتب المتواجدة بها، وتحديد لائحة المؤلفين المعروفين بتشدد أفكارهم وتطرفهم، وحصر المراجع التي يمكن أن تعتمد في تغذية الفكر المتطرف لدى هذه الفئة من السجناء في ظل قابليتهم لذلك.
لا مصالحة مع الإخوان
ريهام عبد الله سلامة نصر، مديرة مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، وهي مؤسسة تابعة للأزهر الشريف بمصر، قالت في مداخلتها إن “المرصد يعمل على رصد كل ما تبثه التنظيمات الإرهابية على مختلف المنصات من أجل الترويج لخطاب عدائي للإنسانية، وليس فقط للإسلام”، مؤكدة أن “داعش قامت بكل شيء من أجل أن تدمر الإسلام، وهو ما أدى إلى تفاقم ظاهرة الإسلاموفوبيا، فبات الناس يخشون اسم الإسلام حتى”.
وأوضحت ريهام أن المسؤولين بالمرصد “يعملون على خلق رواية مضادة للتأكيد على أن الإسلام دين السلام، ومن أجل تفكيك الخطابات والمفاهيم المغلوطة التي تروجها هذه التنظيمات”.
كما يعمل المرصد عبر 13 لغة من أجل الوصول إلى أهدافه، وفق المتحدثة ذاتها، مضيفة أن “المسلمين لا يتواجدون فقط في المنطقة العربية، بل في إندونيسيا، كأكبر تجمع للمسلمين، وفي باكستان والهند كثاني أكبر تجمع؛ وبالتالي ينبغي التحدث إليهم طبقا لسياقاتهم الاجتماعية والجغرافية ولغتهم”، وفق تعبيرها.
وجوابا عن سؤال هسبريس حول تعاطي مصر مع قضايا التطرف والإرهاب، ومع السجناء والنشطاء السياسيين، خاصة المعتقلين بعد أحداث 30 يونيو، قالت ريهام إن البلاد “تتجه نحو بناء دولة حديثة، وتبحث تحصين 60 في المائة من الشباب المصري”، وتابعت: “الأزهر له خصوصية في مصر، وبالتالي عندما يخرج الخطاب منه بطريقة بسيطة موجهة إلى هؤلاء الشباب يكون له تأثير كبير”.
كما شددت المتحدثة ذاتها على أن “العمليات العسكرية التي قامت بها القوات المسلحة المصرية داخل مصر استطاعت أن تقضي على العناصر التكفيرية، خاصة في سيناء؛ فيما يعمل المرصد على محاربة الإرهاب إيديولوجيا قدر المستطاع”.
وأشارت المسؤولة ذاتها ضمن جوابها أيضا إلى أن “الرئيس اجتمع مع مختلف القوى السياسية بمصر، ومن ضمنها حمدين صباحي، ودعا إلى المصالحة والحوار”، مردفة: “كما أن هناك مجموعة كبيرة من المعتقلين خرجوا من السجون، وتم تشكيل لجنة من شباب أحزاب مختلفة لإعداد لائحة بأسماء الأشخاص الذين لا يشكلون خطورة على المجتمع، فخرج العشرات من السجناء السياسيين. لكن لا مصالحة مع الإخوان المسلمين، لأنهم دمروا ومازالوا يشكلون خطرا على مصر وعلى العالم”.
