سلم لبناني مسلح، احتجز لساعات رهائن داخل مصرف في بيروت مطالبا بالحصول على أمواله المودعة في المصرف المذكور، نفسه إلى السلطات الخميس، في حلقة جديدة من إشكالات تشهدها المؤسسات المالية منذ بدء الانهيار الاقتصادي قبل سنتين.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية أن المودع وافق على تحرير الرهائن “بعد الاتفاق على إعطائه 30 ألف دولار من أصل وديعته البالغة قيمتها 209 آلاف دولار”.
وتفرض المصارف، منذ خريف 2019، قيودا مشددة على سحب الودائع المصرفية تزايدت شيئا فشيئا؛ حتى أصبح شبه مستحيل على المودعين التصرف بأموالهم، خصوصا تلك بالدولار الأمريكي، بينما فقدت الودائع بالعملة المحلية قيمتها مع تراجع الليرة أكثر من تسعين في المائة أمام الدولار.
وصنف البنك الدولي الأزمة من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.
وكان المودع دخل مصرف “فدرال بنك”، الواقع في منطقة الحمراء المكتظة في غرب بيروت، وفق ما أفاد مصدران أمنيان وكالة فرانس برس، حاملا سلاحا، وطالب الموظفين بالحصول على وديعته من أجل علاج والده، وفق قوله.
وفرضت قوات الأمن طوقا مشددا في محيط المصرف، وتفاوضت مع المودع الغاضب طالبة منه فتح باب المصرف والإفراج عن الموظفين المحتجزين.
وقال مصدر أمني طلب عدم الكشف عن هويته: “كان بحوزة المودع بندقية.. ومواد ملتهبة”، و”هدد بإشعال نفسه وقتل من في الفرع، كما شهر سلاحه في وجه مدير الفرع”.
وحسب مصدر أمني ميداني، “سكب الرجل وهو في الأربعينيات من عمره مادة البنزين في أرجاء المصرف، وأغلق مدخله محتجزا داخله الموظفين”.
وكان الرجل اللبناني المسلح يطالب بالحصول على وديعته، التي تفوق قيمتها مائتي ألف دولار.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن المودع برر دخوله إلى المصرف بهذه الطريقة بأن والده “دخل إلى المستشفى منذ فترة لإجراء عملية من دون أن يستطيع دفع تكاليفها”.
وقال عاطف الشيخ حسين، شقيق المسلح، في تصريحات لصحافيين خارج المصرف، إن “لشقيقي 210 آلاف دولار مع المصرف، ويريد الحصول على 5500 دولار لدفعها للمستشفى”.
وأوضح أن السلاح الذي بحوزته “أخذه من داخل المصرف، ولم يحضره معه”، مؤكدا أنه سيسلم نفسه بمجرد حصوله على وديعته. وأضاف: “لا يهم أن يدخل السجن لكن المهم أن نفك ضيقتنا” المادية.
مفاوضات مع محتجز الرهائن
في شريط فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، ظهر شخصان يتفاوضان من خلف باب المصرف الحديد مع المودع الذي كان يُنادى باسم بسام. وظهر وهو يتحدث بعصبية ويحمل سلاحا بيد وسيجارة بيد أخرى، رافضا إطلاق سراح أي من الموظفين.
وطلب أحد المفاوضين منه السماح بخروج مودعين اثنين موجودين داخل المصرف.
وفي وقت لاحق، أفادت وسائل إعلام محلية بإطلاق سراح مودع أصيب بعارض صحي؛ بينما تجمع العشرات من المواطنين وأهالي الموظفين خارج المصرف.
وشهدت قاعات الانتظار في المصارف، خلال العامين الماضيين، إشكالات متكررة بين مواطنين غاضبين راغبين بالحصول على ودائعهم وموظفين ملتزمين تعليمات إداراتهم.
وقال جورج الحاج، نقيب موظفي المصارف، أثناء وجوده أمام المصرف لوكالة فرانس برس: “يريد المودع وديعته.. وللأسف، يفجر غضبه في موظف المصرف، لأنه الشخص الذي يجده أمامه؛ بينما لا يستطيع الوصول إلى الإدارة”.
وأضاف نقيب موظفي المصارف: “هذه ليست أول حالة، تتكرر الحوادث المماثلة، وتحتاج الأمور حلا جذريا غير متوافر في الوقت الراهن”.
وفي ظل انقسام سياسي وفساد مستشر في البلاد يحولان دون اتخاذ خطوات حكومية لوقف الانهيار الذي لم توفر تداعياته أي قطاع أو شريحة اجتماعية، يصدر مصرف لبنان بين الحين والآخر تعاميم لامتصاص نقمة المودعين تسمح لهم بسحب مبالغ صغيرة من ودائعهم بالدولار ضمن سقف معين ووفق معايير معينة.