دورة أولى من المنتدى الإسباني العربي حول الخدمات السمعية البصرية العمومية استقبلتها العاصمة مدريد، بمبادرة من هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسبانية، وبرعاية من الجامعة العربية.
واستقبل الملك الإسباني فيليبي السادس رؤساء الوفود والخبراء المشاركين في اللقاء، بالقصر الملكي في زارزويلا، منوها بمبادرة المنتدى الإسباني العربي الأول لقنوات الخدمة العمومية، وما يمكن أن تضيفه هذه الجهود لحل الأزمات المستعصية في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأنصت إلى تلاوة إعلان مدريد للمنتدى الإسباني العربي لتلفزيونات الخدمة العمومية، الذي تقدم به نيابة عن الوفود العربية المشاركة ياسين الإدريسي، مدير الأخبار بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة.
ووفق تقرير حول اللقاء فقد عرف حضور الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، ولطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بالمغرب، وخوسي مانويل بيريس تورنيرو، رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الإسباني، وإيريني لوثانو، مديرة البيت العربي، ومدراء وممثلين من هيئات تلفزيونية عمومية عربية من المغرب وتونس وموريتانيا وفلسطين، وممثلين عن اتحاد الإذاعات الأوروبية ومنظمة المؤتمر الدائم للوسائل السمعية البصرية المتوسطية (الكوبيام)، مع أكاديميين وخبراء عرب وأوروبيين.
ومغربيا، عرفت أشغال هذا الملتقى مشاركة كل من لطيفة أخرباش، وأمين عزيمان، مدير التعاون الدولي بـ”الهاكا”، وياسين الإدريسي، مدير الأخبار بالشركة الوطنية للإذاعة والتلفزيون، والأكاديمي محمد عبد الوهاب العلالي، أستاذ بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط.
وخلال يومين دُرست سبل تعزيز الشراكات الإسبانية العربية، ودور التلفزيونات العمومية في الحوار الثقافي والحضاري بين إسبانيا والدول العربية.
وحسب المصدر نفسه فقد أشاد الأمين العام للجامعة العربية بـ”الدور الإسباني الفاعل داخل الاتحاد الأوروبي لصالح القضايا العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بدءا بالمساهمة المؤثرة في إطلاق عملية السلام الشرق الأوسط في مدريد في تسعينيات القرن الماضي، التي لم تترجم على أرض الواقع”.
من جهتها، تحدثت لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للسمعي البصري، عن “وجود تحديات من أجل تحسين التمثلات الإعلامية للآخر في السياق الدولي، تتمثل أولاها في تفادي أن تعمل وسائل الإعلام كعامل لإذكاء تقاطب الرأي العام، خصوصا حول القضايا ذات الأهمية الجيو-استراتيجية المشتركة”، مؤكدة أنه “لا يمكن أن تختزل في مزايا ترسيخ القوة الناعمة لجهة ما، وتقوية تأثيرها لدى الرأي العام والأوساط الاقتصادية للبلدان والفضاءات الأخرى”.
واعتبرت أخرباش أن “التحدي الحقيقي هو النجاح في بناء الثقة وتعزيز المعرفة المتبادلة وتقوية الوعي بالمصلحة العامة المشتركة، لضمان دعم الرأي العام ومختلف الجهات الفاعلة”، وهو دعم “يعتمد على عمل وسائل الإعلام لضمان التزام المواطنين ومساندتهم لجهود وديناميكيات بناء المساحات المشتركة والازدهار المشترك والعمل المتضافر والتعبئة المستمرة”.
كما ذكرت المتحدثة أن “توضيح العلاقة بين الثقة والمعرفة والمشاركة الفعالة يمكن التعبير عنه من خلال عدة أمثلة للتحديات المشتركة التي تجب مشاركتها، ولاسيما مكافحة الإرهاب، وإدارة الهجرة، والاستجابة للتغير المناخي، وضمان الاستدامة للموارد الطبيعية”.
وقال محمد عبد الوهاب العلالي إن هذا المنتدى “يمكن أن يكون جسرا لتوسيع الحوار مع باقي الدول”، ويمكن أن يتيح “معرفة الدور الحقيقي للتلفزيون”، و”التأكيد على دور التلفزيونات العمومية العربية والإسبانية واسعة الانتشار، والتأثير في الحوار الثقافي الحضاري العربي الإسباني، وفي مواجهة التحديات الراهنة لانتشار الأخبار الكاذبة والمشوهة والصور النمطية والعنف الرمزي والتطرف ومظاهر من التجاهل المتبادل، والشح في تقاسم المعرفة المشتركة بين أبناء الضفتين”.
وأضاف المتدخل ذاته أن هذا المنتدى “يشكل مرحلة جديدة من الحوار الثقافي الحضاري”، مبرزا أن “واقع التبادل الإخباري الثقافي والفني لمنتجات القنوات العمومية العربية والإسبانية، رغم الجهود القائمة، يبقى شحيحا رغم أن العلاقات المغربية الإسبانية تمتد لآلاف السنين”؛ علما أن “الإنتاج التلفزيوني في إسبانيا والعالم العربي لم يستثمر على نحو كافٍ التاريخ المشترك”.
ودعا العلالي إلى “تعزيز حضور المثقفين والمفكرين من الضفتين في الشاشات التلفزيونية، لتقديم رؤى وتحليلات تعزز المعرفة المشتركة وتقاسم الرؤى بين الطرفين، على أسس مكانتهما في الحضارة الإنسانية والكونية، ومكانتهما الجيو-استراتيجية الأساسية على ضفتي المتوسط، ككيانات تربطها صلات بقارات متعددة وذات وشائج مهمة مع أمريكا اللاتينية، في إطار حوار متكافئ، ومشروع حضاري مشترك، له أسسه الواقعية”.