أفاد الناقد السينمائي المغربي محمد بنعزيز أن المهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، تمكن من الاستمرار رغم رحيل نور الدين الصايل، مبرزا أن هذا المهرجان نجح في التنظيم بفضل “جماعية القرار”.
وفي مقال توصلت به جريدة هسبريس الإلكترونية، دعا بنعزيز إلى عدم اعتبار الإرث التاريخي للمهرجان عبئا تنظيميا حين التوجه إلى المستقبل.
وهذا نص مقال محمد بنعزيز:
انعقدت الدورة الثانية والعشرين للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة بين 28 ماي و4 يونيو 2022. كانت التوقعات عالية مع قلق من عدم تحققها لأن المحاسبة تجري بناء على الماضي، وليس بناء على رصد ما يجدي هنا والآن، وهذا هو الأهم.
لذلك، ولكي لا يصير الإرث التاريخي عبئا حين التوجه إلى المستقبل، وفي مواجهة الإرث التنظيمي والرمزي، طرح سؤال طيلة سنتين: كيف سيكون مهرجان خريبكة بعد رحيل نور الدين الصايل؟
جاء الجواب خلال الدورة 22 من المهرجان. جاء الجواب هنا والآن.
على الصعيد الرمزي، إن الإدارة الجديدة لمهرجان خريبكة غير ملزمة بتحمل أو تعويض نور الدين الصايل. هذا مطلب لا جواب له لأن العمل الذي قام به الصايل طيلة خمسين سنة في المشهد السينمائي المغربي هائل. كان دينامو ثقافيا ورجلا تنظيميا بطاقة ونفس لا نظير لهما. على هذا الصعيد فموقع الصايل محفوظ وإرثه مشاع في المغرب وخارجه.
ليكن هذا واضحا لكي لا يصير الإرث التاريخي عبئا حين التوجه إلى المستقبل.
إن هذا الكتارسيس ضروري لتجاوز الماضي وبناء مستقبل أفضل لأن السينما باقية وتتمدد.
على الصعيد التنظيمي، تمكن مهرجان خريبكة من الاستمرار وصار تنظيمه أفضل لأن القرار يتخذ جماعيا من طرف اللجان، وليس قرارا مركزيا في يد واحدة. كان التنظيم سلسا رغم الطابع الانقسامي لمجتمعات شمال أفريقيا.
في هذه الدورة، سُمعت أصوات لم تكن تسمع قط وحضرت الكثير من الوجوه التي غابت خلال السنوات الماضية.
كان سعد الشرايبي من مؤسسي المهرجان في 1977 لكنه “لم يحضر؟” طيلة 16 سنة الماضية. والآن هو حاضر، وهو رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة.
هذا رد اعتبار للمناضل والسينمائي سعد الشرايبي الذي تحتل أفلامه الآن (2022) مرتبة الأعلى مشاهدة في أول منصة للأفلام المغربية (أفلامين). في هذه الدورة من مهرجان خريبكة أفلام جيدة والنقاشات كثيرة والحضور الأفريقي وازن.
هذا ما ينبغي تقييمه هنا والآن تقديرا وإنصافا للذين يتحملون التسيير الميداني لساعات طويلة يوميا. يجب تجاوز الجدب حول الإرث التنظيمي والرمزي ليظهر المجهود المبذول هنا والآن.
ضروري هذا التمييز بين المستوى الرمزي والمستوى التنظيمي، بين ثقل الإرث التاريخي والتنظيم اليومي للفعاليات. تمييز ضروري لكي تكون لأي نقاش وتقييم للدورة الحالية مردودية عملية.
مردودية تنظيمية ستستثمر في الدورات اللاحقة لمهرجان خريبكة للسينما الأفريقية.