من قلب الصحراء المغربية، وبالضبط مدينة الوطية الواقعة بسواحل طانطان، سطع اسم الشابة نجاة داود كفنانة تشكيلية عرفت في الأوساط المحلية كرسامة بدأت في سن مبكر نقش مسارها الفني بثبات، مستعينة في ذلك بعصامية وطموح مكناها من تجاوز جميع الصعوبات.
“الفن التشكيلي هو حياتي، هو الملاذ من جميع الشرور والمساوئ التي أواجهها، وكأنني أفتح باب عالم خاص بي وأنسى العالم الذي كنت أتواجد فيه” هكذا تحدثت لجريدة هسبريس الفنانة نجاة داود وهي تصف علاقتها بالفن التشكيلي وتشبثها الكبير به.
وتابعت نجاة، ذات 26 ربيعا، قائلة: “ولجت الفن التشكيلي منذ سن مبكر، فأنا فنانة تشكيلية بالفطرة، منذ ست سنوات وأنا أزاول الفن، وكان أول معرض لي في سن العاشرة.. وهذا راجع إلى أساس حبي وتعلقي بالفن التشكيلي وتشجيع أهلي وترحيبهم بالفكرة، بالإضافة إلى وجود أناس آمنوا بموهبتي”.
وأضافت المتحدثة ذاتها: “لا يوجد أي شيء سهل؛ ولكن بالإصرار والعزيمة والإرادة يمكن تحقيق المراد… حاولت إقامة معارض لمرات عديدة وكنت أفشل؛ لكن هذا لم يحبطني وواصلت بالممارسة والتعلم وتوفقت الحمد لله. إن المعرض الأول شجعني على إقامة المعرض الثاني، والثاني شجعني على إقامة معرض ثالث وهكذا.. وعلى الرغم من أنني أنحدر من منطقة صغيرة قرب طانطان اسمها الوطية وهي بعيدة جدا عن المركز، فإن هذا لم يكن أبدا عائقا بقدر ما كان تشجيعا وحافزا؛ لأن مدينتي الساحلية هادئة، وتمتاز بجو جميل ساعدني كثيرا على الإبداع”.
وأوردت الفنانة التشكيلية نجاة داود: “لوحاتي تعنى بالمرأة بالدرجة الأولى؛ فوجودها في لوحاتي يرجع أولا إلى كوني أنثى، وأقرب الأشخاص وأصدقهم بالنسبة لي كأنثى هي الأم والجدة والصديقة والأخت، فهي أقرب صورة يمكنني التعبير بها لكل عمق، المرأة الإفريقية العربية الصحراوية، وكذلك هي سلاح أحارب به ضد تهميش وتعنيف المرأة وللدفاع عنها وتقديسها”.
وجوابا عن سؤال حضور الصحراء في لوحاتها الفنية، أوضحت الحاصلة على دبلوم الفن التجريدي وإجازة في القانون الخاص: “يقال إن الفنان ابن بيئته وهذه قولة جميلة وحقيقية، وأكيد أن الثقافة الحسانية والصحراء والبحر والساحل والجمل هي مكونات لها حيز كبير من لوحاتي بعد موضوع المرأة وستبقى دائما كذلك”.
وحول الصعوبات التي واجهتها في مسارها، قالت نجاة داود إنها “كانت دائما بسيطة لكوني إنسانة غير سلبية، وأرى الأمور من الجانب الإيجابي دائما، كما أحاول معرفة الناس المحبين المشجعين لموهبتي. الحمد لله كل شيء ميسر أمامي؛ فالعراقيل بسيطة جدا، كأني أجد صعوبة في نقل لوحاتي من مدينة إلى أخرى خصوصا إذا كان عامل البعد حاضرا والذي يصاحبه تخوفي على اللوحات من الضياع أو الإتلاف أو أن تفقد اللوحات قيمتها، هذا فضلا عن عراقيل تواجه الفنانين بصفة عامة ولذلك فهي تبقى هينة”.
وبخصوص المعارض التي سبق أن شاركت فيها، ذكرت الفنانة داود أنها تتنوع بين فردية وجماعية؛ ومن بينها معرض فردي بمدينة العيون، وآخر بالداخلة لمرتين، وكذلك بمراكش وفاس وطانطان مسقط الرأس، فضلا عن المشاركة في تظاهرة الداخلة إبداع بصيغة المؤنث في نسختها الثالثة بمدينة الداخلة، إضافة إلى تنظيم ورشات الرسم للأيتام وأخرى دور الأطفال والشباب.
وعن طموحاتها المستقبلية، قالت نجاة داود، في ختام تصريحها لجريدة هسبريس: “باختصار، أطمح إلى بلوغ العالمية، وأكون فنانة تشكيلية معروفة على الصعيد العالمي بالزي الصحراوي الذي أتميز به وأصر على ارتدائه دوما وأنا أرسم لوحاتي الفنية”.