تعود حساسيات أمازيغية إلى استئناف مشاورات عقد مؤتمر يهم تجميع مختلف تيارات الحركة، بعد فشل تجربة أولى أوقفتها سلطات وزارة الداخلية بمنع مؤتمر وطني كان من المقرر أن ينعقد بمدينة سيدي إيفني شهر مارس الماضي.
وعقدت فعاليات عديدة لقاءات في الرباط ومراكش وتيزنيت، وغيرها من المدن، والغرض هو الوصول إلى عقد لقاء وطني بمدينة أكادير خلال الأسابيع المقبلة، وتجاوز حالة التفرقة التي تعيشها “الحركة”، وضرورة التنظيم أمام تعدد الرهانات المستقبلية.
وكانت الحركة الأمازيغية تسعى من خلال مؤتمرها “المجهض” إلى إعادة رص صفوفها، وحشد جهود مكوناتها، من أجل إعطاء دفعة جديدة لعملها، خاصة بعد التصدع الذي شهدته خلال السنوات الأخيرة، وازداد حدة في الانتخابات التشريعية والجماعية الأخيرة بعد إعلان منتمين إليها انضمامهم إلى حزب سياسي.
وفتحت اللجنة التحضيرية للمؤتمر السابق الباب أمام مختلف الفعاليات المستقلة من أجل طرح تصورات وحدة مستقبلية، واستعادة النفس التنظيمي والتنظيري للحركة، مراهنة على ضخ دماء جديدة وتجاوز النكوص والتذمر.
عبد الله بوشطارت، عضو اللجنة التحضيرية، قال إن المشاورات مستمرة ومتواصلة بين الفعاليات وبعض التنظيمات المستقلة التي مازالت متشبثة بالعمل بعيدا عن الإملاءات الحزبية، واصفا الوضع التنظيمي للحركة الأمازيغية بـ”الهش”، والذي “يتميز بتعدد الأطراف والاختلاف في أدوات العمل، وكذلك تشتت الأفكار والأهداف”.
وأضاف بوشطارت أن “الحركة تأثرت بشكل كبير بظرفية حالة الطوارئ الصحية التي استمرت سنتين ونصف سنة، وهي الفترة التي شهدت تنظيم الانتخابات المحلية والجهوية والتشريعية، وهي الأخرى ساهمت بشكل قوي في إحداث هزة داخلها”.
واعتبر المصرح لهسبريس أن “الجمعيات تراجعت والتنسيقيات هي الأخرى لم تعد فاعلة بالشكل المطلوب، فيما ظهرت تنظيمات أخرى تنتمي إلى أحزاب سياسية تخدم أجندتها بشكل مباشر وصريح؛ ثم انضم الكثير من الفاعلين الأمازيغيين إلى أحزاب سياسية”، مستدركا: “لكن بقيت أطراف واسعة ومتعددة متشبثة باستقلاليتها، وذلك لأن الحركة الأمازيغية في عمقها حركة فكرية تصحيحية لها خط إيديولوجي واضح ممانع لا يمكن أن يتحول إلى جناح حزبي إداري أو إلى آلية لتعزيز السلطوية داخل المجتمع”.
كما سجل بوشطارت أن “الحركة الأمازيغية لها الفضل الكبير في الكثير من المنجزات المحققة إلى الآن، أهمها العودة إلى إفريقيا ومسألة أمازيغية الصحراء، وضرورة فتح علاقات قوية مع إسرائيل، ثم الدفع بقضايا الحداثة وقضية المرأة”.
“كل هذه القضايا جاءت بفضل الحركة الأمازيغية التي نادت بها منذ سنوات، واستفادت منها الدولة مؤخرا، لأن الحركة تطرح قضايا إستراتيجية كبرى في خطابها، لكن للأسف لا يوازي ذلك واقع تنظيمي قوي”، يقول الفاعل الأمازيغي ذاته، مقترحا: “تنظيم الحركة لكي توازي بين الخطاب والممارسة، وبين الفكرة والآلية”.
ورفض المتحدث ذاته أن “تفكر الحركة الأمازيغية وتترافع وتكون نخبا سياسية لتستقطبها أحزاب كسولة وتستفيد منها”، منبها إلى “كون الفراغ التنظيمي الذي تعاني منه الحركة الأمازيغية تستغله الأحزاب التي لا قواعد لها ولا مرجعية ولا مذهب سياسيا”، وفق تعبيره.