بعد مصادقة المجلس الوزاري الأخير، المنعقد منتصف يوليوز المنصرم، على قانونيْ إطار يتعلقان بـ”ميثاق الاستثمار الجديد” و”المنظومة الصحية الوطنية”، برزت مطالب بعض الأطياف السياسية والهيئات النقابية المغربية بتسريع مسطرة المدارسة والمصادقة التشريعية على هذين النصيْن قبل حتى انعقاد الدورة الخريفية المقبلة.
الدخول السياسي المرتقب في شتنبر يأتي هذه السنة حاملا لرهانات عديدة؛ فإلى جانب مشروع قانون المالية لسنة 2023، الذي كُشفت توجهاته الكبرى وأولوياته الرئيسية الأربع مطلع غشت الجاري، يبدو أن المشروعَين الهيكليين لإصلاح المنظومة الصحية الوطنية والنهوض بالاستثمار وتحفيزه سيستأثران بحيز مهم ضمن الأجندة السياسية في المغرب، بالنظر إلى صرامة المضامين والتوجيهات الملكية الواردة بصريح العبارة في خطاب عيد العرش الأخير.
وفي وقت أبدت أطياف من المعارضة رغبتها في “الدعوة إلى انعقاد دورة استثنائية لمجلسَي البرلمان” لمناقشة تفاصيل مشروعي قانوني الإطارين سالفي الذكر، معبّرة عن “كامل استعدادها للإسهام في النقاش العام حولهما، ودعم تجويد نصوصهما ومسارهما التشريعي”؛ أكد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، “عدم وجود أي قرار، حاليا، بجمع غرفتَي البرلمان في دورة تشريعية استثنائية”، مشددا على “ضرورة انتظار جاهزية النصوص”.
واكتفى رئيس مجلس النواب، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بالقول إن المؤكد، إلى حدود اليوم، هو “انتظار انتهاء اللجان البرلمانية المعنية من مناقشتها للنصوص المتعلقة بالاستثمار والمنظومة الصحية، قصد التمكن من الدعوة إلى انعقاد دورة استثنائية للمصادقة عليهما في حينهما؛ إذا استدعى الأمر”، جاعلا ذلك “رهينا باستكمال مناقشة النصوص في اللجان”.
ويكتسي مشروعَا القانونين الإطاريْن أهميتهما من كونهما “ملفين يتّسمان بطابع الاستعجال والإلحاح”، ولأنهما يندرجان في إطار “المشاريع الهيكلية الكبرى” التي انخرطت فيهما المملكة خلال السنوات الأخيرة.
وقد وصل مشروع القانون الإطار 06.22 يتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية إلى أيدي “المستشارين” في لجنة التعليم والشؤون الثقافية والاجتماعية بالغرفة الثانية للبرلمان، قصد تدارسه الذي بدأ فعليا الأسبوع الماضي بعرض قدّمه وزير الصحة والحماية الاجتماعية.
عرض الوزير خالد آيت الطالب تناول “مرتكزات” مشروع قانون-الإطار للنهوض بالقطاع الصحي في المغرب، ومبادئه العشرة “الموجِّهة”، فضلا عن استعراض 10 أهداف حُددت “كأولوية وطنية ومسؤولية مشتركة”؛ تلَتْه مناقشة عامة وتفصيلية بحضور الوزير الوصي على القطاع.
بينما كانت الحكومة قد أحالت، قبل نهاية يوليوز الماضي، مشروع قانون إطار رقم 03.22 بمثابة ميثاق الاستثمار على مجلس النواب، في أفق مناقشته في لجنة المالية والتنمية الاقتصادية. ويتضمن هذا النص مقتضيات جديدة تسعى إلى الرفع من مردودية الاستثمار في المغرب، ليساهم في النمو الاقتصادي وخلق قيمة مضافة عالية عبر قطاعات وأنشطة اقتصادية منتجة.
جدير بالذكر أن القانون الإطار المتعلق بميثاق الاستثمار يأتي بعد 26 سنة من تطبيق “القانون الإطار رقم 18.95 بمثابة ميثاق للاستثمارات”، هادفا إلى تنفيذ إصلاح في سياسة الدولة في مجال تنمية الاستثمار وتشجيعه من أجل ملاءمتها مع متطلبات النموذج التنموي الجديد، الذي يسعى إلى رفع حصة الاستثمار الخاص المنجز من طرف المقاولات (حوالي 35 في المائة حاليا) إلى الثلثيْن.