لا زالت ردود الفعل تتوالى حول أحداث يوم الجمعة الماضي حين حاول مئات المهاجرين من دول جنوب الصحراء الإفريقية الكبرى الدخول بالقوة إلى ثغر مليلية المحتلة، وهي المحاولة التي وصفت بـ”الأكثر عنفا” في تاريخ الهجرة بإقليم الناظور، حيث لأول مرة يلاحظ متابعون لهذا الملف استخدام المهاجرين مختلف أنواع الأسلحة البيضاء وتبادلهم التراشق بالحجارة مع القوات العمومية المغربية التي حاولت صد الهجوم على السياج.
ومساء أمس الأحد، خرج المئات في شوارع مدينتي برشلونة ومدريد الإسبانيتين للتنديد بـ”السياسة الإسبانية المغربية للهجرة”، رافضين استخدام ما وصفوه بـ”العنف المفرط” في حق المهاجرين الذي أودى بحياة 23 فردا وإصابة المئات في صفوف المهاجرين والقوات العمومية المغربية، بحسب المعطيات المقدمة من طرف السلطات المحلية بالناظور.
واستنكر المحتجون، في السياق ذاته، تصريحات بيدرو سانشيز، رئيس الوزراء الإسباني، بسبب عدم تضامنه مع الضحايا من المهاجرين بعد الواقعة، مكتفيا بالتضامن مع المصابين من حرس الحدود الإسبان والمغاربة، داعين إياه إلى “الاعتذار وتوضيح موقف حكومته من سياسة الهجرة في الحدود البرية لمليلية”.
وفي سياق متصل، أفادت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بأن السلطات المغربية في إقليم الناظور شرعت منذ يوم أمس الأحد في حفر 21 قبرا في مقبرة “سيدي سالم” بغرض دفن جثث المهاجرين غير النظاميين الذي قضوا في محاولة القفز على السياج.
ودعت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في “تدوينات” نشرتها على صفحتها على موقع “فيسبوك”، إلى وقف دفن جثث المهاجرين قبل إخضاعها للتشريح الطبي والتحقيق في أسباب الوفاة، ثم استكمال الإجراءات القانونية المعمول بها في هذا الشأن، كالتعرف على هوياتهم بغرض التواصل مع عائلاتهم في بلدانهم الأصلية لإشعارها بالوفاة والدفن.
ونقلت صحيفة “إلباييس” الإسبانية تصريحات عمّن قالت إنه أحد عمال حفر القبور، الذي أكد أنه لم يتبق سوى حفر قبرين لاستكمال العدد الإجمالي (23 قبرا)، وهو العدد الذي يتطابق مع عدد الوفيات الذي أعلنته السلطات المحلية إلى غاية أول أمس السبت، مبرزا أن عملية الدفن ستتم اليوم الإثنين.
ويعيش محيط مليلية المحتلة تعزيزات أمنية مكثّفة منذ السبت 18 يونيو الجاري، حين توصلت السلطات بمعلومات تفيد بتمركز مجموعة من المهاجرين في أحد مخيماتهم بإحدى الغابات بمنطقة بويفرور، وهي المجموعة التي دخلت في مواجهة مع القوات العمومية بعد اقترابها منهم في محاولة لصدهم عن تنفيذ هجوم نحو السياج، حيث أسفرت المواجهة عن 116 إصابة في صفوف القوات العمومية ومئات الإصابات في صفوف المهاجرين غير النظاميين.
ووصفت المحاولة الأخيرة لاقتحام سياج مليلية بـ”الأكثر عنفا في تاريخ الهجرة بإقليم الناظور”، وذلك بعد تسجيل تغير في سلوك المهاجرين الذي بدا، وفق شهادات استقتها هسبريس من الساكنة المجاورة، عدوانيا، مشيرين إلى استخدامهم في هذه العملية الأسلحة البيضاء والحجارة.