سجل إقليم تاونات، أول أمس الثلاثاء، حالتي انتحار انضافتا إلى حالة ثالثة كان حي الرميلة بمدينة تاونات مسرحا لها، أول أمس، تخص قاصرا يبلغ من العمر 16 سنة، وضع حدا لحياته شنقا، في ظروف غامضة، غير بعيد عن منزل أسرته.
ووفق ما أكدته مصادر هسبريس فإن الحالة الأولى للانتحار لنهار أمس تعود لخمسيني، مطلق، كان يشغل قيد حياته رئيس مصلحة بإحدى الجماعات الترابية بتاونات، موردة أنه لفظ أنفاسه الأخيرة داخل المستشفى متأثرا بمضاعفات تجرعه مادة سامة، لدوافع مجهولة، داخل منزل أسرته الكائن بجماعة قرية ابا محمد.
أما الحالة الثانية، لليوم نفسه، فتتعلق بشاب يبلغ من العمر حوالي 30 سنة، قالت مصادر الجريدة إنه أقدم على وضع حد لحياته شنقا بربط عنقه إلى أعلى شجرة زيتون بمحيط منزل أسرته بدوار النازلة بجماعة الرتبة، مبرزة أنه كان يمر، في الفترة الأخيرة من حياته، من حالة نفسية صعبة.
وتعيد هذه الحصيلة إلى الواجهة شبح الأرقام المقلقة لظاهرة الانتحار بإقليم تاونات، التي يقول المختصون إنها تكون غالبا لدواع نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية، وتخلف أثرا عميقا وسط عائلات وأصدقاء الحالات المنتحرة.
أخصائي اجتماعي: ظاهرة مقلقة
هيثم الرحيوي، نائب رئيس الجمعية المغربية للمساعدين الاجتماعيين، قال في تصريح لهسبريس، معلقا على هذا الخبر، إن “تسجيل حالة انتحار واحدة يدق ناقوس الخطر”، مؤكدا أن “الصحة النفسية والمواكبة الاجتماعية يجب أن تكون لهما أولوية في برامج التنمية الاجتماعية، وذلك باستحضار دور الأخصائيين النفسانيين والمساعدين الاجتماعيين في النموذج التنموي لكل منطقة”.
وأضاف منسق لجنة الأبحاث والدراسات النفسية والاجتماعية بالجمعية المذكورة أن “حالات الانتحار تعرف ارتفاعا ملموسا على الصعيد الوطني”، مرجعا ذلك إلى مجموعة من العوامل، منها نمط العيش الجديد، والظروف الاقتصادية الصعبة، والتفكك الاجتماعي، والخلافات الأسرية، والهدر والعنف المدرسيين، والتي قال إنها “عوامل تؤثر جميعها على تمثل الفرد لنمط الحياة التي يريد أن يعيش”.
وتابع الأخصائي الاجتماعي ذاته، متحدثا عن ارتفاع معدل الانتحار بتاونات كنموذج، بأن هذه الظاهرة ربما يفاقمها البعد الجغرافي وطبيعة وتقاليد المجتمع في هاته المنطقة، مردفا بأنه “للوصول إلى نتيجة حقيقية لأسباب هذه الظاهرة لا بد من القيام بتشخيص موضوعاتي وبدراسة وبحث على المستوى الاقتصادي والاجتماعي”؛ لأن الانتحار، بحسبه، “ليس له دافع واحد كما تمت الإشارة إلى ذلك”.
وشدد نائب رئيس الجمعية المغربية للمساعدين الاجتماعيين على أنه “لا يجب إعطاء تكهنات غير مبينة على أرقام ودراسة وتشخيص واقعي وموضوعي حول ظاهرة الانتحار في المناطق التي ترتفع فيها حدتها”، مبرزا أنها “وإن كانت قديمة فتفاقمها يحتاج إلى بحث”.
ودعا متحدث الجريدة، في هذا السياق، الجهات المهتمة بالإحصاء والتنمية الاجتماعية إلى التحرك والقيام بدراسات على المستوى النفسي والاجتماعي والسياسي والديموغرافي، بإشراك الجامعات والخبراء، لتحديد الدوافع المسببة لهذه الظاهرة، مشيرا إلى أن “المقاربة الثانية يجب أن تنبني على العلاج بإحداث خلايا الإنصات والاستماع والدعم النفسي والاجتماعي”.
يذكر أن آخر إحصائيات رسمية تتعلق بحجم ظاهرة الانتحار بإقليم تاونات صدرت سنة 2006، وأفادت بأن 95 شخصا، 33 في المائة منهم نساء، أقدموا على الانتحار خلال الفترة الممتدة ما بين بداية سنة 2001 وشهر أبريل من سنة 2006.
وأوضحت تلك البيانات، التي أعلنتها، حينها، مصالح الوقاية المدنية بتاونات، أن الفئة العمرية ما بين 20 و35 سنة سجلت نسبة 61 في المائة من مجموع المنتحرين خلال الفترة المذكورة، تلتها فئة 15 إلى 20 سنة من العمر بـ33 في المائة، مبرزة أن أعلى معدل سنوي للانتحار، خلال الفترة نفسها، كان سنة 2002، التي سجلت بها 35 حالة انتحار.