أظهرت الأزمة الجزائرية الإسبانية الأخيرة، التي افتعلها النظام الحاكم بالجارة الشرقية بعدما أعلن عن تعليق العمل بمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا، والموقعة بينهما سنة 2002، العزلة القاتمة والقاتلة التي أصبح يعيشها هذ النظام، بسبب سياساته العدائية تجاه المغرب وبسبب قراراته الحمقاء التي كشفت عن حقيقته للعالم وكيف أنه الفاعل والمساهم الرسمي والرئيسي في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.
موقع “برلمان.كوم” يعود بكم للوراء قليلا، لكي يضعكم في صورة العزلة التي باتت تعيشها الجزائر دوليا وإقليميا وعربيا، هذه العزلة التي كرسها غياب الدعم لها من طرف الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التعاون الإسلامي والبرلمان العربي…، بعد التهديدات التي وجهها لها الاتحاد الأوروبي بشكل صريح بسبب قرارها الأخير ضد إسبانيا، على غرار ما فعلته هاته المنظمات عندما هاجم الاتحاد الأوروبي المغرب خلال أزمته مع إسبانيا وحمله مسؤولية مشكل الهجرة نحو الضفة الأخرى وأن المغرب استغل هذا الملف كأداة للضغط السياسي على دولة عضو في الاتحاد الأوروبي.
دعم منظمة التعاون الإسلامي للمغرب في مواجهة الاتحاد الأوروبي وإسبانيا
بعدما اتهم البرلمان الأوروبي، يوم الخميس 10 يونيو 2021، المغرب باستخدام المهاجرين القصّر كـ”أداة للضغط السياسي”، بعد تخفيف المغرب إبان تلك الفترة بسبب أزمته مع إسباينا الرقابة على الحدود مع هذه الأخيرة، ما أدى إلى تدفق آلاف المهاجرين على مدينة سبتة المحتلة، ودعا أيضا “إسبانيا والمغرب للعمل معا بشكل وثيق لإعادة الأطفال إلى عائلاتهم”، سارعت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي يوم الأحد 13 يونيو 2021، لإصدار بيان دعت فيه البرلمان الأوروبي إلى الاضطلاع بدور إيجابي والنأي عن تأجيج الأزمة الثنائية بين المغرب وإسبانيا، مع ترجيح الحوار العقلاني بما يضمن مصالح طرفي الأزمة، من خلال التفاوض الثنائي واحترام مبادئ الجوار الجغرافي.
وأعلنت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي آنذاك عن دعمها الكامل للمغرب، مشيرة إلى أن الرباط ظلت ملتزمة بسياستها البناءة للحد من الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر.
جامعة الدول العربية تستغرب قرار البرلمان الأوروبي تجاه المغرب
يوم واحد بعد قرار البرلمان الأوروبي المذكور، سارعت جامعة الدول العربية هي الأخرى لإصدار بيان أعربت فيه عن استغرابها حيال موقف البرلمان الأوروبي بتحميل المغرب المسؤولية في موضوع الهجرة، وذلك بعدما اتهم الرباط باستخدام المهاجرين القصر “أداة للضغط السياسي”.
وقالت الأمانة العامة للجامعة العربية في بيان لها، إن موقف البرلمان الأوروبي يعكس تسييسا غير مطلوب لقضية الهجرة، مؤكدة أن المتابعة المنصفة للسياسات المغربية تؤكد أنها تتبنى مواقف مسؤولة إزاء قضية الهجرة في منطقة غرب المتوسط تنبع من إرادة سياسية للتعامل مع أزمة الهجرة، ومنها ما تعلق في تلك المدة بتسهيل عودة القاصرين المغاربة غير المرفوقين بذويهم والموجودين في وضعية غير نظامية في بعض دول الاتحاد الأوروبي، والذين تم تحديد هويتهم على الوجه الأكمل.
واعتبرت جامعة الدول العربية في بيانها آنذاك، أن تبادل الاتهامات لا يفيد في معالجة قضايا الهجرة المعقدة التي تستلزم تعاونا وتظافرا للجهود بين البلدان المختلفة، مطالبة الجانب الأوروبي بتبني مواقف عملية تعزز التعاون والتنسيق المشترك بين الدول المرسلة والمستقبلة للمهاجرين، ومؤكدة أن المملكة المغربية لطالما مثلت شريكا مسؤولا للجانب الأوروبي في هذا الإطار.
البرلمان العربي يدعو لجلسة طارئة لمناقشة قرار البرلمان الأوروبي تجاه المملكة المغربية
وفي السياق ذاته، وردا على القرار الأوروبي بشأن المملكة المغربية، دعا البرلمان العربي إلى عقد جلسة طارئة في 26 يونيو 2021 بالقاهرة لمناقشة هذا القرار، حيث أكد البرلمان العربي في بيان له، أن الاتهامات الأوروبية للمغرب “باطلة ولا أساس لها من الصحة”.
وقال رئيس البرلمان العربي عادل العسومي آنذاك إن عقد هذه الجلسة الخاصة الطارئة، يأتي انطلاقا من قيام البرلمان بمسؤوليته القومية في التضامن مع المملكة المغربية وتأييدها في مواجهة هذه الأزمة، التي أقحم البرلمان الأوروبي نفسه فيها دون أي مبرر.
وتابع العسومي أن “البرلمان العربي طالب نظيره الأوروبي قبل صدور هذا القرار بعدم التدخل في هذه الأزمة والدعوة إلى حلها في الإطار الثنائي بين المملكة المغربية وإسبانيا”، مضيفا أن “إصرار البرلمان الأوروبي على المضي قدما في مواقفه الاستفزازية بشأن القضايا العربية، وإصداره هذا القرار المرفوض جملة وتفصيلا، بات يتطلب وقفة عربية جادة”.
مجلس التعاون الخليجي يعبر عن أسفه واستغرابه للقرار الأوروبي تجاه المغرب
من جهته سارع مجلس التعاون لدول الخليج العربية، للتضامن مع المغرب بعد القرار الأوروبي، رافضا إياه ومعبرا عن أسفه واستغرابه لهذا القرار الذي صدر عن البرلمان الأوروبي، معتبرا أنه يتضمن ملاحظات وانتقادات لا أساس لها من الصحة بخصوص سياسة المغرب حول قضية الهجرة غير المشروعة تجاه أوروبا.
وأكد نايف فلاح مبارك الحجرف، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في بيان له آنذاك رفضه لهذا القرار، الذي يتجاهل جهود الحكومة المغربية في مكافحة الهجرة غير الشرعية تجاه أوروبا، مؤكدا “تضامن مجلس التعاون ودعمه الكامل لكل الخطوات التي تتخذها المملكة المغربية الشقيقة تجاه هذا الملف”.
البرلمان الإفريقي يدعو البرلمان الأوروبي إلى عدم التدخل في الأزمة بين المملكة المغربية وإسبانيا ويشيد بجهود الملك محمد السادس
لم ينتظر البرلمان الإفريقي هو الآخر وقتا طويلا للرد على قرار البرلمان الأوروبي تجاه المغرب، حيث دعا في نفس اليوم الذي صدر فيه القرار البرلمان الأوروبي إلى عدم التدخل في الأزمة بين المملكة المغربية وإسبانيا، لأن الأمر يتعلق بأزمة ثنائية يمكن تسويتها عبر الوسائل الدبلوماسية أو عن طريق مفاوضات مباشرة.
وقال “نكودو دانغ”، رئيس البرلمان الإفريقي المنتهية ولايته آنذاك، إن “البرلمان الإفريقي يدعو نظيره الأوروبي إلى الامتناع عن اتخاذ أي موقف من شأنه زيادة التوتر، ويطالب الطرفين بحل الأزمة في إطار ثنائي صرف”. مشيدا بقرار الملك محمد السادس تسهيل عودة القاصرين غير المرفوقين الذين دخلوا بطريقة غير مشروعة إلى دول الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن “الوقائع تؤكد أن المملكة المغربية تضطلع بدورها في محاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر، في احترام لمبادئ ومتطلبات الشراكة التي تجمع بين الاتحاد الأوروبي ومحيطه الإقليمي”.
وأضاف رئيس البرلمان الإفريقي المنتهية ولايته، أن المغرب يلعب أيضا دورا مهما في تدبير ملف الهجرة بإفريقيا “وهو ما تمت الإشادة به في أكثر من مناسبة من قبل رؤساء الدول والحكومات الإفريقية، الذين اختاروا الملك محمد السادس رائدا للهجرة في إفريقيا”. مسجلا أنه، فضلا عن ذلك، وفي إطار سياستها المتعلقة بتقاسم التجارب لاسيما في مجال الهجرة، اتخذت المملكة مبادرة احتضان أول مركز إفريقي خاص بدارسة وبحث هذه الظاهرة والذي يسمى “المرصد الإفريقي للهجرات”.
وذكّر في هذا الصدد، بالاحترام التام لالتزامات البرلمان الأوروبي والبرلمان الإفريقي خلال قمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي التي انعقدت بأبيدجان في 2017. وكان الجانبان قد اتفقا فيها على مجموعة من الأمور من بينها أن “أية مشاكل بين دولتين تدخل في إطار العلاقات الثنائية، لا يمكن للبرلمانين التدخل فيها إلا إذا ناقش الطرفان هذا المشكل سلفا.
عزلة قاتمة وقاتلة للجزائر..
إننا عندما نتحدث على أن المغرب نجح في عزل الجزائر بسبب سياسات كابرانات قصر المرادية العدائية تجاه المملكة المغربية ومحاولتهم المس بسيادتها ووحدة أراضيها لا نتحدث من فراغ، فالمغرب يحظى بثقة واحترام كبيرين على المستوى الدولي والإقليمي والعربي، بسبب الأدوار الكبيرة التي يلعبها خاصة لتحقيق السلم والاستقرار في العالم.
لم تجد الجزائر وهي اليوم في صراع حشرت فيه نفسها مع إسبانيا إحدى أبرز دول الاتحاد الأوروبي، بسبب قرارات متسرعة لنظام عسكري فاشل ظل ولازال يدعي بأن الجزائر ليست طرفا رئيسيا في قضية الصحراء المغربية، من يقف بجانبها ومعها، ما يبين وبشكل واضح العزلة القاتلة التي أصبحت تعيشها الجارة الشرقية، وكذا ما يوضح وبشكل جلي أن نظام العسكر فاقد للشرعية وغير معترف به من طرف هاته المنظمات والهيئات التي سارعت للتضامن مع المغرب وتوارت للخلف في ملف الأزمة الجزائرية الإسبانية، رغم أن الاتحاد الأوروبي هدّد الجزائر إن هي أقدمت على التراجع عن التزاماتها تجاه الجارة الشمالية إسبانيا.
يبدو إذن أن الجزائريين وقفوا على حقيقة وقيمة دولتهم التي تقودها عصابة من كابرانات هاربين من التكنات العسكرية ومستولين على السلطة في البلاد، بعدما عجزوا عن حشد الدعم والتضامن مع بلادهم بعد التهديدات الموجهة إليهم من طرف الاتحاد الأوروبي جراء قرارهم المتسرع تجاه إسبانيا كرد فعل على تغيير هذه الأخيرة لموقفها من قضية الصحراء المغربية، وإعلانها وبشكل واضح وصريح دعم مبادرة الحكم الذاتي كحل أساسي وجدي وواقعي لإنهاء النزاع المفتعل في الصحراء المغربية، الشيء الذي جعل الجزائر اليوم تظهر للعالم على أنها الطرف الرئيسي المسبب في المشكل المفتعل حول الصحراء المغربية، وأن عصابة البوليساريو ليست سوى دمية يحركها الكابرانات كما يشاؤون للمس بوحدة وسيادة المملكة المغربية على أراضيها بالصحراء المغربية.