كما سبق وأشار موقع “برلمان.كوم” وكان سباقا لنشر الخبر في مقال بتاريخ 12 غشت الجاري، يبدأ الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون اليوم الخميس زيارة رسمية للجزائر تستغرق ثلاثة أيام، وسط أجواء مشحونة، يسعى من خلالها الإليزيه لرأب الصداع وتجاوز الفتور الذي تشهده العلاقة بين البلدين خلال السنوات الأخيرة.
تبون سيستقبل ماكرون والوفد المرافق له
رغم دعوات الجزائريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل تجاهل الرئيس ماكرون عند وصوله للجزائر واستقباله من طرف وزير ما عوض تنظيم استقبال رسمي له، سيكون الرئيس الصوري للجارة الشرقية في مقدمة أول المستقبلين لماكرون لدى وصوله للعاصمة ظهر غد الخميس، على أن تقام له رفقة الوفد المرافق له مأدبة عشاء رسمية على شرفه مساء نفس ليوم.
وسيرافق الرئيس الفرنسي وفد من 90 شخصًا، من بينهم سبعة وزراء، بما في ذلك برونو لو مير (وزير الاقتصاد)، جيرالد دارمانين وزير الداخلية، وكاثرين كولونا (الشؤون الخارجية)، وبرلمانيين، ورؤساء المجموعات الكبيرة والحاخام الأكبر.
إعلان الإليزيه أن زيارة ماكرون تستهدف الشباب صفعة للكابرنات الشيوخ
ومن المنتظر أن تتوجه زيارة ماكرون بشكل كبير وقبل كل شيء إلى “الشباب والمستقبل” من أجل “إعادة بناء” علاقة تضررت بسبب شهور من التدافع بسبب تصريحات ماكرون بخصوص ما أسماه “ريع الذاكرة”، وهي رسالة واضحة إلى النظام العسكري بالجزائر وحكم الشيخوخة التقليدي القديم في السلطة بالبلاد.
وكان قصر الإليزيه قد أكد أول أمس الثلاثاء أن “رئيس الجمهورية اختار أن يوجه هذه الزيارة نحو المستقبل، الشركات الناشئة، الابتكار، الشباب، القطاعات الجديدة”، على أن يجري لقاء حواريا مطولا يوم الجمعة مع رواد الأعمال الشباب في الجزائر العاصمة، كما سيلتقي بالشباب في وهران، ثاني مدن البلاد، بمناسبة مظاهرة لرقص “البريك دانس”.
ويبدو أن إيمانويل ماكرون مصِرّ على عدم تلبية مطالب الجزائريين المتمثلة في تقديمه لاعتذار رسمي بخصوص تصريحاته التي اعتبر فيها أن الجزائر أقامت بعد استقلالها عام 1962 إثر 132 عاما من الاستعمار الفرنسي، “ريعا للذاكرة” كرّسه “نظامها السياسي – العسكري”، وهي التصريحات التي لم تعجب كابرانات قصر المرادية.
الحاخام الأكبر ومرافقته لماكرون للجزائر وريع الذاكرة
يبدو أن إيمانويل ماكرون متشبث بتصريحاته حول “ريع الذاكرة” الذي أقر فيها بأن “النظام السياسي العسكري” الجزائري استغله منذ عام 1962، ونشره لخطاب الكراهية تجاه فرنسا، حيث سيكون ضمن الوفد المرافق له خلال هذه الزيارة الحاخام الأكبر لفرنسا، حاييم كورسيا، ابن يهود ولدوا في الجزائر، وسيرافقه في زيارة إلى المسجد الكبير بالعاصمة الجزائر وكذلك لكنيسة سانتا كروز ومصلّاها المسيحي على مرتفعات مدينة وهران.
وأوضح قصر الإليزيه أيضا أن ماكرون سيواصل العمل على ذاكرة فترة الاستعمار، حيث سيذهب إلى مقبرة سان أوجين في الجزائر العاصمة والتي دُفن بها العديد من الفرنسيين المولودين في الجزائر.
ملف الغاز وتدخل الجزائر في مالي
أكد الإليزيه أن النقاشات المتعلقة بما هو اقتصادي خلال هذه الزيارة، لن يتم إدراج موضوع الغاز فيها، حتى لو كان الأوروبيون في عجلة من أمرهم لتقليل اعتمادهم على الإمدادات الروسية في سياق الحرب في أوكرانيا، وبحثهم عن موردين آخرين.
وسيناقش الرئيسان ماكرون وتبون الوضع في مالي، بعدما انسحب الجيش الفرنسي خلال الأسابيع الماضية، وعلى نطاق أوسع في منطقة الساحل وكذلك في ليبيا، حيث تلعب الجزائر دورًا مركزيًا في الصراعات التي تشهدها المنطقة خصوصا وأن حدودها تمتد على آلاف الكيلومترات مع مالي والنيجر وليبيا.
وقال الإليزيه إن الرئيس ماكرون سيتناول أيضا مع الرئيس عبد المجيد تبون “بصراحة تامة” النفوذ المتنامي لروسيا في المنطقة، لا سيما في مالي، مشيرا إلى وجود “خلافات في النهج” مع الجزائر التي تربطها علاقات وثيقة مع موسكو.
أزمة التأشيرات وحقوق الإنسان في الجزائر
وستتم كذلك خلال هذه الزيارة مناقشة أزمة التأشيرات بعدما قررت باريس تخفيض نسبة منحها للجزائريين إلى 50٪، على خلفية التقاضي بشأن إعادة قبول المواطنين الجزائريين الذين يعتبرون غير مرغوب فيهم في فرنسا.
وأكد الإليزيه أن إيمانويل ماكرون، الذي يطعن فيه تجمع الشتات الجزائري (جزائريو المهجر) بسبب أوضاع حقوق الإنسان في بلدهم، سيتطرق إلى هذ الملف خلال زيارته للجزائر “وفق الإجراءات التي سيقررها” وفي إطار “احترام السيادة” الجزائرية.