يبدو أن الوضع خرج عن السيطرة، والهجرة خيمت بشكل كبير على أذهان سكان إقليم شفشاون، والحديث هنا يخص قبيلة بني لاوا ببني أحمد، هذه المنطقة الجغرافية تراجع فيها مستوى الدخل، بالإضافة إلى تراجع مستوى مادة حيوية، مهمة في حياة البدو، الماء، جف من الآبار والعيون وبدأت الحياة تستحيل، وهناك من اسيتحالت في وجهه، ليجد الحل الأمثل هو الرحيل.
العطش، لا حل له، ولا استطاعة لأحد أن يصمد في وجهه، فقضاء يوم واحد أو نصف يوم في فصل الصيف بدون ماء يعتبر، أمرا مستحيلا، فالماء لا أحد يستطيع الاستغناء عنه أو العيش بدونه، وهنا بهذا الإقليم، الحصول عليه يتم بمشقة وشقاء وعناء كبير، بعد أن كانت المنطقة تزخر بالثورة المائية، نحن هنا لا نتحدث عن أقشور وواد القنار والشرافات، لا، الحديث يخص مناطق أصبح الماء فيها كنزا ثمينا، بني أحمد الغربية وبني أحمد الشرقية وبالإضافة إلى جماعات أخرى تعيش نفس المأساة، نعم هذه مأساة، لا يمكن نعتها غير ذلك.
وفي كل الدواوير المترامية لن تجد أكثر من بئر واحد، هو القادر على ري عطش الساكنة، صاحبه لم يجد من بد غير التضامن ومساعدة الجيران، على الأقل في المشرب.
هناك من قرر بعد اشتداد الوضع أن يحزم أمتعته ويودع الأرض الشاسعة، وأشجار الكروم والعنب العطشى، وأحواض النعناع اليابسة، معلقا آماله أن تعود الحياة يوما ما، ليعود إلى أرضه ولو بعد حين.
وفي هذا الواقع المؤلم وغير المسبوق، الحل هو هجرة قسرية في اتجاه طنجة، نعم طنجة، الكل يقصد المدينة العملاقة، للعمل في المعامل والمصانع والشركات، وهناك من يعمل في مهن يكتشفها لأول مرة ولا عهد له بها، يدخل غمار حياة أخرى، ونمط جديد، ومصاريف لم يكن يفكر فيها أبدا، كراء وكهرباء وماء وأنترنت، الوضع أكثر تعقيدا، لكن على الأقل هناك ماء، وفي آخر المطاف يظل الماء ضامنا للاستقرار.
هنا يجب أن توجيه السؤال للجهات المعنية، المكتب الوطني للماء والكهرباء، السلطات المحلية، والمنتخبين، أين وصل مشروع تزويد الدواوير بالماء الشروب؟ هل سيتأخر إلى الوقت الذي تخلو القبيلة من السكان؟ من سيستهلك الماء عندها غير الأشباح التي ستسكن البيوت المهجورة؟ ومع من ستعمل السلطات المحلية في ظل هجرة السكان؟ ومن أجل من سيترافع المنتخبين إذا خلت البيوت من أهلها؟
كل يوم عشرات البيوت تُهجر، كل يوم عشرات السيارات محملة بالأمتعة والأفرشة المنزلية تقصد طنجة، دون أن تتدخل الجهات المسؤولة لإنقاذ الوضع، على الأقل إنقاذ من لا قدرة لهم على الرحيل، والذين لم يجدوا له سبيلا.
ظهرت المقالة أزمة العطش تُعَجل برحيل ساكنة إقليم شفشاون نحو المدينة أولاً على المغرب 24.