للمرة الثالثة على التوالي، يعود مصطفى الجراري، وهو مربي ماشية من ضواحي تيفلت (كسّاب)، أدراجه إلى محل سكناه في سلا والخيبة تملأ محياه؛ فقد فشل في بيع ما جلب من أضاحي العيد في رحبة “سيدي عبد الله” بسلا.
يعترف هذا “الكسّاب” الذي كان بصدد نقل أكباشه على متن عربة مهترئة بأن “أسعار الخرفان لهذه السنة مرتفعة، ولكن يجب معرفة السبب”، مرجعا هذا الارتفاع إلى “غلاء ثمن العلف والنقل اللذين استنزفا ميزانية بائعي الخرفان في كل بقاع المملكة”، على حد قوله.
عند حدود الساعة الثالثة بعد الزوال، مازالت رحبات السوق خالية من المشترين، فقط بعض الفضوليين يملؤون المكان وينتظرون وصول آخر العربات والشاحنات المحملة بالخرفان.
“الدعوة خاوية من الصباح. هذا العام قليل لي غادي يعيد”، يقول سائق عربة خرج لتوه من السوق وهو يجر كبشا عنيدا.
الشاحنات القادمة من الجنوب غالبا ما تأتي من سطات والدار البيضاء وخريبكة محملة بأجود أنواع أضاحي العيد المعروضة للبيع، وهو “الصردي” المعروف في منطقة الشاوية ودكالة.
وصرح “الكساب” مصطفى الجراري لهسبريس بأن “ثمن العلف وصل إلى 500 درهم بينما تطلب منا السلطة 50 درهما لكل رأس غنم يدخل رحبة السوق”.
وأضاف أن الأغنام المخصصة لـ”الدراوش” يصل ثمنها إلى 2000 درهم، أما الأخرى فثمنها يتراوح ما بين 3500 و5500 درهم فما فوق.
وفي مقابل شكاوى مربي الماشية وبائعي الخرفان، أجمعت آراء مرتادي السوق على ارتفاع أسعار أضاحي العيد؛ إذ إن متوسط ثمن البيع يصل في بعض الأحيان إلى 2500 درهم. ولاحظت هسبريس خروج عدد من مرتادي سوق سيدي عبد الله وهم يجرون أذيال الخيبة.
وقال أحد الزوار ممن التقتهم هسبريس داخل السوق: “الدعوة قاسحة بزاف، لا يمكن للدرويش أن يشتري خروفا بستين ألف”، مضيفا: “هادشي لي عطا الله، الناس معيدة وحنا ناكلوا القهرة والمزيرية”.
وسبق أن أكد مهنيون في القطاع لهسبريس، خلال تواصل معهم، أن أسعار بيع المواد التي تستعمل في علف الماشية “ارتفعت مقارنة مع السنوات السابقة؛ إذ بلغ ثمن الفول 8 دراهم للكيلوغرام، بينما بلغ سعر الخرطال 6 دراهم ونصف درهم، والشعير 4 دراهم ونصف درهم”، مع الإشارة إلى أن تكلفة الخروف من العلف الجيّد لمدة شهرين فقط قد تتجاوز 1300 درهم.
ويضاف إلى ارتفاع أسعار المواد العلفية، وفق مهنيين، وجود فئة يطلق عليها “السمّانة”، تعمل على اقتناء رؤوس من القطيع المُعَدّ للأضاحي من “الكسّاب” مباشرة قبل العيد بحوالي شهريْن أو ثلاثة أشهر، وتعمل على تسمينها، ما يساهم في ارتفاع السعر أيضا.