على بعد حوالي 14 كيلومترا من جماعة أغبالة، وأزيد من 120 كيلومترا من عاصمة جهة بني ملال خنيفرة، تقبع ساكنة دوار ألمسيد في صمت تحت سفوح جبال شاهقة في غياب أبسط ظروف العيش الكريم.
يقدر عدد سكان دوار ألمسيد بحوالي 120أسرة، أغلبها تحقق اكتفاء ذاتيا من عائدات الزراعات المحلية، خاصة زراعة البطاطس والجزر والحبوب، علاوة على تربية الماشية، لكن مع توالي سنوات الجفاف بدأت الأزمة تدب في شرايين هذه المنتجات، ما أثر سلبا على نمط عيش الساكنة.
وحالُ ساكنة عدد من دواوير الجماعة الترابية أغبالة ليس أحسن من سكان دوار ألمسيد، فالوضع متشابه كثيرا، والتهميش يعدُّ قاسما مشتركا بين مختلف الدواوير، خاصة المتاخمة للجبل، والعزلة تقوّضُ طموح الشباب.
في دوار ألمسيد لا يستقيم الحديث عن التنمية، على الأقل في الوقت الحالي؛ فالواقع فظيع جدا، ورقعة العزلة تتسع يوما بعد آخر، وحالُ الناس ظل على حاله منذ سنوات. وما زاد الطين بلة فيضانات وادي ألمسيد التي باتت تهدد مجموعة من الأسر، وفق ما أورده مواطنون في تصريحات متطابقة لهسبريس.
تقول يامنة أُوالفضل، قاطنة بالدوار: “قبل حوالي أقل من أسبوع عشنا ساعات من الجحيم؛ سيول الأمطار اقتحمت حرمة بيوتنا، ولم نتمكن من النوم طيلة ليلة بأكملها.. الفيضانات كانت مرعبة جدا، ومع ذلك لم نجد بالقرب منا سوى سواعد الجيران التي لم يكن بوسعها فعل شيء لو ازداد منسوب الوادي”.
وأوضحت يامنة أنها تعيش رعبا حقيقيا من صوت الرعد، وما زاد من تعاستها قنطرة الوادي التي تم إنجازها بطريقة غير سليمة، داعية الجهات المختصة الى إعادة ما أنجزته وفق معايير الجودة، وبشكل يسمح بتصريف مياه الأمطار.
من جهته قال علي بخاري، وهو ستيني من ساكنة الدوار: “على الجهات المسؤولة إيجاد حل لمعاناة الناس مع وادي ألمسيد، حفاظا على أمنهم وسلامتهم”، مشددا على أنه “دون بناء جنبات الوادي وإنجاز قنطرة بالشروط المعمول بها ستبقى الساكنة تعاني الأمرّين، خاصة في موسم التساقطات الرعدية”، لافتا إلى أن فيضانات ألمسيد “تلحق كل عام أضرارا مادية ونفسية بسكان الدوار، حيث غالبا ما تتسبب في إتلاف مزروعاتهم ومواشيهم، وتهدد أمنهم، ما يستدعي إصلاح جنبات الوادي لتفادي أي أضرار بشرية”.
وفي تصريحه لهسبريس ذكر باسو فهيم، واحد من الذين ترعرعوا بألمسيد، أن “تلامذة المدرسة هم أيضا مهددون بفيضانات الوادي”، وأن “القنطرة التي يعبرونها نحو المؤسسة التعليمية أصبحت غير مجدية بالمطلق، بفعل السيول الأخيرة التي ألحقت أضرارا بمعدات السقي الموضعي وبمحركات السقي”.
ودعا مواطنون، في تصريحات متطابقة لهسبريس، كافة المسؤولين إلى التفاعل بجدية مع مطالب الساكنة، والالتفات إلى الدوار عبر تعزيزه بمرافق اجتماعية، خاصة ما يتعلق منها بقطاع الصحة والتعليم، والمرأة والفتاة، والرياضة، مشيرين إلى أن شباب المنطقة يجدون أنفسهم، في ظل هذا الفراغ التنموي، بين سندان البطالة ومطرقة العزلة والإقصاء.
وفي معرض تعليقه، أوضح رئيس جماعة أغبالة، أحمد خياض، المنتخب خلال استحقاقات الثامن من شتنبر الماضي، أن مشكل الفيضانات وآثارها السلبية على الساكنة يشكل موضوع اهتمام كبير، سواء بالنسبة للمجلس الجماعي أو المجتمع المدني، وقد بات مطروحا بحدة.
وأضاف الرئيس، المنتمي إلى حزب الأصالة والمعاصرة، أن المجلس الجماعي سبق أن راسل الجهات المختصة بوزارة الداخلية بشأن حوالي 12 مشروعا، من ضمنها مشروع وادي ألمسيد، إلا أن الأمر لم يكتمل جراء غياب دراسات تقنية قد تساعد على التمويل.
كما أكد خياض أن المجلس الجماعي الآن بصدد برمجة دراسة تقنية بتنسيق مع المصالح المختصة لعدد من المشاريع، من ضمنها دراسة تقنية خاصة بوادي ألمسيد، وبباقي المناطق المهددة بالفيضانات، مشيرا إلى أن الجماعة على موعد مع مشاريع مهمة، من ضمنها مطرح للنفايات المنزلية بمعايير معمول بها وطنيا.
بدورها، كانت وكالة حوض أم الربيع أوضحت، في جواب لها عن مراسلة للمجتمع المدني بشأن إصلاح وتهيئة الشعاب المائية التي تخترق الدوار، أنها لا ترى مانعا في المساهمة المالية والتقنية بشراكة مع المصالح المختصة في إنجاز مشروع تهيئة الشعاب بدوار ألمسيد، غير أن الدراسة التقنية غير متوفرة.
وأضافت الوكالة، في جواب لها بتاريخ 09 شتنبر 2021 حول الموضوع نفسه، أنها ستقوم بإبرام صفقة إنجاز الدراسة من طرف مكتب دراسات مختص برسم سنة 2022، وعلى ضوء نتائجها سيتم تحديد المساهمة المالية للوكالة في إطار اتفاقية شراكة مع الأطراف المعنية.