مع إدماجها قرابة 113 ألف شخص في سوق العمل بالمغرب خلال العام 2021، بنسبة زيادة وصلت إلى 31 في المائة مقارنة مع 2020، تطمح الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات، المعروفة اختصارا بـ”أنابيك”، إلى تطوير قدراتها ومهامها في النهوض بالسياسة الوطنية في مجال التشغيل؛ في ما يشبه مسار “تغيير جلدها”.
وستخضع “أنابيك” لعملية “إعادة هيكلة كبرى”، من خلال خطة إستراتيجية جديدة تمتد بين 2022 و2026، صودق عليها خلال آخر مجلس إداري للوكالة انعقد 22 يوليوز الجاري؛ وتتوخى إدماج ومواكبة 715 ألف شخص في سوق الشغل، فضلا عن “إنشاء وتفعيل هياكل جديدة لعرض الخدمات بناءً على نموذج عمل متطور”.
وتتجسد إعادة الهيكلة هذه أيضا في مضاعفة حجم الوكالة وإنشاء مديريات جديدة، تسمح بمواكبة المهام المستجدة التي ستُوكَل لأجهزة ومصالح “أنابيك” وفروعها، التي ستمتد خارج أرض المملكة، من خلال إحداث “مديرية للتنقلات المهنية الدولية للكفاءات”، تتجلى مهمتها في مرافقة ودعم تنقّل القوى العاملة المغربية، مع تلبية الاحتياجات الداخلية؛ كما سيتم تزويدها بمديرية ستدعم قادة المشاريع بطريقة أكثر ابتكارا ببرامج محددة.
سياق الإصلاح وأولوية ملف الشغل
عن سياق الإصلاح في علاقته بأولوية الشغل في البرنامج الحكومي الحالي، اعتبر وزير الإدماج الاقتصادي والتشغيل والكفاءات، الذي ترأس اجتماع مجلس إدارة الوكالة، أنه “يُمليه من جهة طموح الحكومة إلى خلق مناصب الشغل بأعداد مهمة رغم الظرفية الصعبة؛ وهو مجهود يحتاج إلى مواكبة قوية على مستوى الوساطة في سوق الشغل لتقريب العرض والطلب”.
وأوضح السكوري، في جواب توصلت به هسبريس، أن “إصلاح الوكالة يأتي لتوفير برامج لمواكبة التشغيل حسب القطاعات، وهو أمر غير موجود عمليا اليوم، ويأتي أيضا لدعم حركية اليد العاملة المغربية على المستوى الدولي، مع الأخذ بعين الاعتبار الحاجيات الوطنية، لاسيما تلك التي تتعلق بالقطاعات الإستراتيجية لبلدنا”.
وأكد الوزير ذاته أن الوقت حان للتعاطي مع إشكالية les NEET، مشيرا إلى أن “هذه الشريحة من مجتمعنا التي توجد في وضعية عدم شغل أو تعليم أو تكوين لا يمكن أن تبقى خارج البرامج الحكومية”؛ فضلا عن “دعم ريادة الأعمال والتشغيل الذاتي الذي سيعرف تقدما مهما بمناسبة هذا الإصلاح”.
في سياق متصل، أشاد السكوري بعمل الوكالة وأطرها ومستخدميها “الذين حققوا نتائج مهمة رغم قلة إمكانيات الوكالة وافتقارها إلى دعم سياسي مهم في السابق، وهي وكالة مشهود لها على المستوى الدولي”، لافتا إلى أنه في ما يخص النقائص فهي “راجعة إلى أسباب وجب تحليلها لتداركها”. “ولعل هذه الهيكلة الجديدة تكون أول لبنة لبناء المرحلة الجديدة من سياسات التشغيل في بلدنا”، وفق تقدير المسؤول الحكومي.
أما عن الهيكلة الجديدة فتابع السكوري، في معرض جوابه لهسبريس، بأنها “ترجمة لإرادة سياسية قوية غير مسبوقة في تاريخ الوكالة وتاريخ سياسات التشغيل ببلدنا”، موضحا أنها “تنزل نظاما جديدا يضاعف حجم الوكالة، وبالتالي يعطيها إمكانيات جديدة قصد الاضطلاع بأدوارها”.
وخلص وزير الإدماج الاقتصادي إلى أنه “تمت مراعاة عدد من الملاحظات التي جاءت في تقارير المجلس الأعلى للحسابات”، خاتما: “سوف ندعم هذه الوكالة من أجل تقريب خدماتها من المواطنين، وتحسين تموقعها لدى القطاع الخاص، وابتكار برامج جديدة قبل نهاية السنة في مجال الإدماج عبر التشغيل المأجور، وريادة الأعمال وتحسين قابلية التشغيل”.
تطوير أداء المقاولة الصغرى
محمد جدري، باحث في الاقتصاد، قال إن الاقتصاد المغربي يمر من مرحلة مفصلية تتوخى تنزيل النموذج التنموي الجديد، والعمل على تنزيل الميثاق الجديد للاستثمار بما يتضمنه من خلق للقيمة المضافة وتطوير أداء المقاولات الصغرى والمتوسطة، من أجل أن تفوز بالطلبيات العمومية.
وأضاف جدري، في تصريح لهسبريس، أن إعادة هيكلة وتطوير أدوار الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات تأتي في سياق “حزمة إجراءات متكاملة دشنتها المملكة” للنهوض بالاستثمار، وجعله في خدمة السياسات العمومية للتشغيل، لافتا إلى أن “الاقتصاد المغربي في حاجة إلى أدوار جديدة لوكالة أنابيك من خلال الانفتاح على كفاءات دولية ومحلية يمكنها تشكيل إضافة للجهود المبذولة منذ عشرين سنة على إحداثها”.