قال نصر حجي، أستاذ جامعي ومهندس متخصص في تكنولوجيا المعلومات، إن للعرب والمسلمين أفضالا كبيرة على الأوروبيين، وإن القيَم التي تُنسب اليوم إلى الغرب، مثل حقوق الإنسان، والحرية، والمساواة بين المرأة والرجل… “هي قيم إنسانية وكونية، وليست قيما خاصة بالحضارة الأوروبية أو الأنگلوسكسونية”.
“العالم الأوروبي والعالم الأنگلوسكوسني مدينان كثيرا للعالم العربي والإسلامي”، يقول حجي، في ندوة نظمها منتدى الفكر والمواطنة مساء أمس الجمعة بالرباط، مستعرضا أسماء عدد من العلماء العرب والمسلمين الذين وضعوا الأسس الأولى للعلوم الحديثة، مثل عالم الرياضيات الخوارزمي، وابن الهيثم، وأبي القاسم لزهراوي، مؤسس علم الجراحة الحديثة، وآخرين.
وأضاف المتحدث ذاته: “لا يمكن استعمال أي قطاع من تكنولوجيا المعلومات، سواء محركات البحث، أو البيانات الضخمة (Big data)، أو الذكاء الاصطناعي، دون أن تظهر لكم كلمة الخوارزميات (Algorithme)، مردفا بأنه “حتى الخبراء المتخصصون في تكنولوجيا المعلومات لا يعرفون أن هذه الكلمة مشتقة من اسم عالم الرياضيات الخوارزمي”، الذي وصفه بـ”الأب المؤسس للخوارزميات”.
وقدم الأستاذ ذاته عددا من الكتب التي ألفها كتاب غربيون حول ما قدمه العالم العربي والإسلامي لأوروبا، منها كتاب “شمس الله تسطع فوق سماء الغرب” (le soleil d’allah brille sur l’occident)، للمؤرخة الألمانية المتخصصة في علم الأديان سيكريد هانكي.
واعتبر حجي أن حضور المسلمين في أوروبا شمل مختلف مجالات الحياة اليومية، والتخطيط العمراني، وغيرها من المجالات، لافتا إلى أن سؤال دور المسلمين في نهضة العالم الأوروبي ليس مقتصرا فقط على الجانب العلمي والتكنولوجي، بل يتعلق أيضا بالوجود المادي، “لأن الأندلس تنتمي إلى أوروبا، والعرب استوطنوا عددا من مناطق القارة الأوروبية”، وفق تعبيره.
وأردف المتحدث ذاته بأن اللغة الفرنسية تحتوي على جملة من الكلمات ذات الأصل العربي، مستدلا بما أورده الكاتب الفرنسي جون بريفوفي كتابه “Nos ancêtres les Arabes… Ce que notre langue leur doit”.
من جهة ثانية، قال حجي إن ثقافة المغاربة هي ثقافة عربية أمازيغية إسلامية، كما هو منصوص عليه في الدستور المغربي، وإن كلمة “عربي” لا تحمل حمولة إثنية، بل حمولة ثقافية، لأن العلماء والكتاب الذين دوّنوا تاريخ الحضارة العربية الإسلامية، إبان عصرها الذهبي، كانوا يكتبون باللغة العربية.
واعتبر الأستاذ الجامعي ذاته أن “مشكلتنا هي أننا لا نعرف كيف نطور ثقافتنا العربية الأمازيغية الإسلامية لتنضم إلى القيم الإنسانية العالمية للقرن الواحد والعشرين”، مشيرا إلى أن “هذا الطرح قد يلقى معارضة من طرف بعض الجهات، وتأييدا من جهات أخرى، وتحفُّظا طرف ثالث، ولكن هذه هي قواعد السياسة”.
وربط المتحدث ذاته الثقافة والهوية بالتنمية، مبرزا أن تقدم الأمم رهين بصيانتها هويتها وثقافتها، ومستدلا بتجربة الصين، التي تمضي نحو اعتلاء قائمة أقوى الاقتصاديات العالمية، “بفضل اعتمادها على ثقافتها، وتاريخها”، وزاد أن “الشجرة التي ليست لها جذور عميقة لا يمكن أن تكبر وتُثمر”.