بعد التدهور الكبير الذي عرفه القطاعان السياحي والتجاري، عادت الحياة لتدب من جديد في مدينة تنغير منذ بداية فصل الصيف الجاري (أي قبل عيد الأضحى)، إذ سجلت المدينة وضواحيها آلاف الزوار من الجالية المغربية والسياح الأجانب، وفق معطيات رسمية وفرها المجلس الإقليمي للسياحة بتنغير لهسبريس.
فعاليات سياحية واقتصادية بمدينة تنغير بشكل خاص، والإقليم بصفة عامة، ظلت تنتظر منذ أشهر عودة الجالية المغربية وتوافد السياحة الخارجية، لضمان استعادة توازنات اختلت لأشهر بسبب إغلاق الحدود، وتبعات قاسية فرضتها جائحة كورونا.
وكشفت عدد من الفعاليات الاقتصادية والسياحية بمدينة تنغير أن مظاهر تواجد الجالية المتوافدة على المغرب بدأت في البروز منذ أيام قبل عيد الأضحى، موضحة أن ذلك ساهم بشكل كبير في تحريك العجلة الاقتصادية والسياحية بالمدينة والإقليم عموما، ومؤكدة أن الجميع ينتظر من هذا الصيف أن يكون بداية نهاية أزمة سببها فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية العالمية.
عودة الجالية
لحسن فاتحي، مدير المجلس الإقليمي للسياحة بتنغير، كشف في تصريح لهسبريس أن جميع مناطق الإقليم عرفت في الآونة الأخيرة اكتظاظا ورواجا اقتصاديا حقيقيا بعد فترة ركود اقتصادي خيمت لسنتين، وألقت بظلالها على مختلف القطاعات الحيوية بالإقليم، خاصة بعد تضرر القطاع السياحي الذي يعتبر المحرك الاقتصادي الأول.
وأضاف فاتحي أن “مختلف مناطق الإقليم سجلت توافد الآلاف من الزوار، مستغلين فترة العطلة الصيفية وفتح الحدود لزيارة الأقارب وإقامة المناسبات والطقوس التي لا تحلو إلا بالحواضر والقرى المغربية”، موضحا أن “مختلف المناطق والمواقع السياحية بالإقليم، مثل مضايق تودغى ودادس ومكون، عرفت توافد آلاف من الزوار يوميا للاستمتاع بالمناظر الطبيعية ومجاري المياه، وكذا الهروب من الحرارة التي تميز المنطقة خلال هذه الفترة من السنة”.
من جهته، قال أحمد خيي، فاعل في القطاع السياحي بمدينة تنغير، إن “عودة الجالية بشكل كبير ساهمت في إعطاء دفعة قوية للاقتصاد المحلي، وخاصة المجالين السياحي والتجاري”، مضيفا أن “المدينة استقبلت الآلاف من أفراد الجالية المقيمة بالخارج، الأمر الذي ساهم في تحريك الحركة الاقتصادية والسياحية”.
وأوضح الفاعل السياحي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن “جميع المهنيين، سواء السياحيين أو التجار، استبشروا خيرا بعودة الجالية هذه السنة بعد ارتباك دام لأكثر من عامين متتاليين بسبب تداعيات أزمة فيروس كورونا”، مضيفا أن “الحياة الاقتصادية والسياحية بشكل عام تعود إلى طبيعتها شيئا فشيئا”، وفق تعبيره.
العرض السياحي
في وقت يؤكد المهنيون أن القطاع السياحي بدأ يسترجع عافيته بمدينة تنغير والإقليم عموما، أجمع عدد من الزوار، سواء من الجالية المغربية أو السياح الأجانب، أن العروض السياحية المتوفرة حاليا تقليدية، لم يشملها أي تغيير منذ عقود من الزمن، موضحين أن تنويع العرض السياحي أمر ضروري، مع تجويد الخدمات السياحية المقدمة للوافدين على الإقليم.
أمينة زروال، فاعل جمعوية مهتمة بالمجال السياحي بمدينة تنغير، قالت إن “مهنيي القطاع السياحي بالمدينة والإقليم بشكل عام في حاجة ماسة إلى حصص من الدعم التقني، قصد نسج شبكة علاقات بينهم، وتقديم عروض متكاملة من الإقامة السياحية والأنشطة الموازية، بالإضافة إلى وضع خطة تكوين خاصة بالمهن السياحية الجديدة، من أجل الرفع من مهنية العاملين بالقطاع”.
وأكدت الجمعوية ذاتها، في تصريح لهسبريس، على “ضرورة إيلاء أهمية خاصة لتعزيز السياحة الداخلية، وذلك بالموازاة مع تطوير عرض متنوع وجاذب للسياح المحليين والأجانب على حد سواء، بالإضافة إلى اتخاذ تدابير لدعم الطلب المحلي، لتعزيز ولوج المواطنين المغاربة إلى عرض يتلاءم مع انتظاراتهم وقدرتهم الشرائية”.
في المقابل، كشف أحمد بنيحيى، من زوار المنطقة الذين صادفتهم هسبريس بمضايق تودغى، أن العرض السياحي المتوفر حاليا في المنطقة خاصة وعدة مناطق أخرى بالمغرب “غير مقنع وغير جذاب”، داعيا المهنيين والقائمين على تدبير القطاع إلى “تجويد الخدمات وتنويع العروض السياحية المتوفرة”، وفق تعبيره.
القطاع السياحي في أرقام
لحسن فاتحي، مدير المجلس الإقليمي للسياحة، قال في تصريح لهسبريس إن “مهنيي القطاع السياحي تنفسوا الصعداء أخيرا بعد الانتعاشة الاقتصادية الملحوظة التي سجلها الإقليم، خصوصا بعد المرحلة المشؤومة التي مر منها جراء أثار جائحة كورونا”، موضحا أن “الإقليم الذي يتوفر على بنية استقبال سياحية مهمة تفوق 3500 سرير عرف توافد عدد مهم من السياح والزوار الأجانب، بالإضافة إلى عدد مهم من أفراد الجالية المغربية المقيمة بديار المهجر”.
وأضاف فاتحي أن “أرباب المؤسسات السياحية التي عرفت جلها نسبة ملء تفوق 60 بالمائة يؤكدون أن هذه الانتعاشة تبعث على التفاؤل، خصوصا بعد فتح الحدود وعودة الرحلات الجوية وتخفيف الإجراءات وفتح المجال أمام دخول أبناء الجالية إلى أرض الوطن؛ وهي عوامل كلها ساهمت في استعادة الثقة في السفر والسياحة وفرضت على المهنيين إعادة تشغيل المؤسسات بمزيد من الطموح والأمل في المستقبل”.
وبخصوص العروض المتوفرة بالمنطقة، أشار متحدث هسبريس إلى أن “خدمات المسابح واستئجار قاعات الحفلات وحجز الغرف والإطعام تأتي في الدرجة الأولى، نظرا لكون المنطقة تعتمد بالأساس في هذه الفترة من السنة على استقبال أفراد الجالية ومغاربة السياحة الداخلية، بالإضافة إلى عدد مهم من السياح الأجانب الذين تستهويهم طبيعة وتضاريس المنطقة”.
وزاد المتحدث ذاته: “تتفاوت الخدمات والأسعار حسب فئة وتصنيف المؤسسات المعنية، التي تستهدف في غالبيتها عموما مختلف الشرائح الاجتماعية، حيث تتأرجح خدمات المسابح بين 50 و100 درهم، فيما خدمات المبيت والإيواء تبدأ من 200 درهم فما فوق لليلة الواحدة. وبخصوص إيجار القاعات فهي تتراوح بين 2000 درهم و5000 درهم، حسب نوع الخدمة طبعا”.
“يسعى مهنيو القطاع السياحي إلى بذل المزيد من الجهود للتكيف مع المرحلة الجديدة، عبر إعادة تشغيل وتجهيز المؤسسات وتكييفها مع متطلبات المرحلة، بتنويع الخدمات وتجويدها وتنويع العروض والمنتجات السياحية التي تكفل استدامة الرواج الاقتصادي بالمنطقة”، يضيف مدير المجلس الإقليمي للسياحة بتنغير.