ينصت ماموكا مامولاشفيلي، قائد الفيلق الوطني الجورجي، بانتباه إلى عرض عن وجوب احترام المقاتلين في أوكرانيا القانون الدولي الإنساني، ويقول وعلى ذراعه وشم: “لن ننسى ولن نسامح قط”.
تم تنظيم الحدث في العاصمة الأوكرانية كييف من قبل منظمة غير حكومية سويسرية، تسمى “نداء جنيف”، كجزء من جهودها لتقديم المشورة لمجموعة واسعة من المقاتلين الأوكرانيين.
وتؤكد ماري لوكوا، رئيسة منطقة أوراسيا في المنظمة نفسها، أنه مع احتدام القتال تهدف “نداء جنيف” إلى نقل قواعد القتال الدولي بشكل محايد إلى المقاتلين الذين قد يكونون تلقوا تدريبات قليلة أو معدومة.
ويتناقض شكل المحاضرات التي تعقد في مكتب يحوي طاولات وشاشات عرض بشكل حاد مع المظهر الحربي لمقاتلي الفيلق الجورجي.
ويقود مامولاشفيلي، الذي يتحدث اللغة الإنجليزية بطلاقة، حوالي 800 مقاتل من نحو 32 دولة يقاتلون في جنوب شرق أوكرانيا.
ويتباهى الفيلق بأنه “يقوم بتجنيد المتطوعين من ذوي الخبرة القتالية فحسب”، وقد تعرضت عناصره حتى الآن لإصابات؛ ولكن لم يسجل قتلى.
ويحيط قادة الفيلق، ومعظمهم ملتحون وتغطيهم الوشوم، بمامولاشفيلي خلال العرض في كييف.
يتم تناول قضايا مثل أسرى الحرب وقواعد التناسب. وتشمل الموضوعات الأخرى ما إذا كان ينبغي إعطاء الأقارب تفاصيل عن كيفية مقتل جندي بدون ضرورة وما إذا كان الصراع يُعرّف بحسب القانون على أنه “دولي”.
وأخيرا، يوقع المشاركون على تعهد بمراعاة المعايير الدولية، ويرتدون علمهم مزينا بذئب أحمر العينين.
وصرحت لوكوا لفرانس برس: “هي خطوة واحدة في عملية نسميها المشاركة الانسانية… إقامة نوع من الحوار مع المنظمات المسلحة للاستفادة من نوع من التغيير في السياسة والسلوك”.
خطوط مشوشة
تثير معاملة المدنيين ومنظمات حقوق الإنسان الكثير من النقاش خلال العرض.
وحذرت لوكوا من “الخطوط غير الواضحة” المحتملة في الحرب، وتشدد على أن “من المهم فصل العمل الإنساني والمساعدات عن العمليات العسكرية”؛ لكن مامولاشفيلي اعتبر أن المنظمات الإنسانية “يجب أن تشارك بشكل أكبر في العملية وألا ينحصر عملها بالمحاضرات”.
وأصر على أن مقاتليه “يحصلون على المعلومات الأساسية حول اتفاقية جنيف والقوانين الدولية المختلفة التي يجب أن يكونوا على علم بها”.
ووقع الفيلق، في نهاية الجلسة، على تعهد بحماية السكان المدنيين والسماح بوصول المنظمات الإنسانية.
في الوقت نفسه، قال إن الفيلق يقوم ببعض الأنشطة الإنسانية بنفسه بسبب نقص موظفي المنظمات غير الحكومية على الأرض.
وأورد في الجلسة: “كنا ننقل مدنيين من مناطق قصفها الروس”.
وأضاف: “نفعل ذلك بالسيارات التي اشتريناها بأموالنا الخاصة، وهي ليست مصفحة وخطيرة جدا على المدنيين”.
وتشير منظمة “نداء جنيف” إلى أنه إذا قامت جماعة مسلحة بتوزيع المساعدات الإنسانية، أو نظمت عمليات إخلاء أو رافقت مجموعات إنسانية، يجب عليها التخلي عن الزي الرسمي وعدم حمل الأسلحة أثناء القيام بذلك.
وقال تاراس ريشيتلو، قائد الفرع، لفرانس برس: “لا نحمل السلاح معنا عندما نوزع المساعدات الإنسانية على المتطوعين”.
إرساء نموذج
حذرت لوكوا من أن مثل هذه الأعمال حسنة النية يمكن أن تعرض المدنيين للخطر من خلال جعلهم هدفا محتملا.
وقالت لمامولاشفيلي: “إنه أمر محير من منظور مدني لإدراك ما إذا كنت تقدم المساعدة الإنسانية أو إذا كنت تقود عمليات عسكرية لحماية المدنيين”.
واضافت أنه بالنسبة للمنظمات غير الحكومية، أيضا، “من الصعب جدا تقييم ما إذا كان الوجود العسكري سيحولنا إلى هدف عسكري أم لا”.
ولفتت إلى أنه يمكن تفسير الإجراءات بشكل مختلف أو التلاعب بها، مضيفة لفرانس برس أن سلوك الحرب “سينتهي به المطاف في المحكمة في مرحلة ما، ومن المهم أن نتمكن من توثيق كل ذلك”.
وحثت مامولاشفيلي قائلة: “لنكن نموذجا، ونقم بأفضل الممارسات”.
انتهاك جسيم
استخدم مقاتلون أوكرانيون، في شرق البلاد الذي مزقته الحرب، المدارس لإيواء الجنود، ونقلوا القوات في حافلات مدرسية صفراء، كما رأى صحافيو فرانس برس – ما يجعلها أهدافا محتملة.
وذكر مامولاشفيلي لفرانس برس: “لم نستخدم المدارس قط وأنا متأكد من أن الأوكرانيين أيضا لا ينتهكون القانون الدولي”.
وأضاف أن روسيا “تخرق كل القواعد”، متهما إياها باستخدام منظمات مساعدات إنسانية وهمية لنقل الأسلحة بشكل سري.
وقالت لوكوا إن هذا “انتهاك جسيم” و”غدر”.
وأوضح مامولاشفيلي أن الفيلق الذي ينفذ عمليات خاصة لديه وحدات “منتشرة في كل مكان على خط المواجهة”.
وتابع: “أضحى الأمر يشكل عبئا أكبر علينا لأن روسيا لم تعد في حالة احتكاك في المعارك، وهم يطلقون نيران المدفعية فقط”، مشددا على حاجة أوكرانيا لمزيد من أنظمة الصواريخ.
وحذر من أن “أوكرانيا بحاجة إلى حماية سكانها المدنيين الذين يتعرضون للقصف يوميا، وليس لدينا ما نجيب عليهم به”.