ارتفع عدد القتلى الفلسطينيين، الأحد، جراء الجرائم والمجازر الإسرائيلية المتواصلة في اليوم الـ 37 للعملية العسكرية على محافظة شمال غزة، إلى 42 فلسطينيًا، وسط غياب كامل للمنظومة الصحية والخدماتية بفعل الاستهدافات المتكررة والحصار المطبق.
من جهاته، دعا مدير “مستشفى كمال عدوان” حسام أبو صفية، الأحد، لتوفير الإمدادات الأساسية وخدمات الإسعاف والمستلزمات الطبية، مع بدء ظهور حالات مقلقة من سوء التغذية والمجاعة بين الأطفال والبالغين في ظل تواصل حصار إسرائيلي لشمال قطاع غزة.
وتحدث أبو صفية في بيان عن المعاناة التي يوجهونها في توفير حتى وجبة واحدة في اليوم لعمال المستشفى الواقع بمحافظة شمال قطاع غزة، وسط نقص حاد في المواد الغذائية واللوازم الطبية.
وأضاف أنه بدأوا يلاحظون ظهور حالات مقلقة من سوء التغذية والمجاعة في المنطقة (شمال غزة) التي تتعرض لحرب إبادة، وأنهم يعانون في صمت نتيجة الجرائم (الإسرائيلية) التي تُرتكب ضدهم.
ووسط استمرار الأزمة في شمال غزة، وصف مدير المستشفى ما تقوم به إسرائيل من حرب إبادة “بالهجوم المنهجي على نظامهم الصحي، حيث تفقد أرواح كل يوم بسبب نقص الرعاية المتخصصة والموارد”، حسب البيان.
وأعرب عن أسفه الشديد لتلقي مكالمات محزنة عن أشخاص محاصرين تحت الأنقاض أمام عجزهم عن مساعدتهم.
إسرائيل تستعمل الجوع كسلاح
إلى ذلك، قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، مساء السبت، إنه من المرجح حدوث مجاعة في محافظة شمال قطاع غزة التي تشهد إبادة وتطهير عرقي إسرائيلي منذ أكثر من شهر.
وأضاف لازاريني، في بيان وصل الأناضول: “للأسف، هذا ليس مفاجئا، من المرجح أن تحدث مجاعة في شمال غزة”.
وأوضح أن إسرائيل “استخدمت الجوع كسلاح”، حيث “يُحرم الناس في غزة من الأساسيات، بما في ذلك الطعام للبقاء على قيد الحياة”.
وبيّن أن المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة ليست كافية، وهي بمتوسط يزيد قليلا عن 30 شاحنة يوميا، بما يمثل نحو 6 بالمئة فقط من الاحتياجات اليومية للفلسطينيين.
وطالب لازاريني، بخطوات عاجلة، من بينها وجود “إرادة سياسية لزيادة تدفق الإمدادات الإنسانية والتجارية إلى غزة، وبقرارات سياسية للسماح بدخول القوافل إلى شمال غزة بانتظام ودون انقطاع”.
كما دعا إلى “إرادة سياسية لمعالجة أزمة الجوع والقضاء عليها”، مضيفا “الأوان لم يفت بعد”.
مجتمع تحول إلى مقبرة
على المستوى الإعلامي، ىنشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالاً لإيشان ثارور بعنوان “في غزة: مجتمع كامل صار مقبرة”، قالت فيه إن الدمار الشامل في شمال غزة، بسبب العملية العسكرية الإسرائيلية العقابية، صَعَقَ مسؤولي الإغاثة.
وأضاف الكاتب أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: “افعلْ ما يجب عمله” لـ “كي تنهي المهمة” في الشرق الأوسط، في الوقت الذي تبنّى فيه، أثناء حملته الانتخابية، شعار تحقيق “السلام” في المنطقة، ويريد من إسرائيل استكمال عملياتها العسكرية في غزة ولبنان قبل حفل تنصيبه، في كانون الثاني/يناير، هذا حسب المصادر الإسرائيلية.
وفي شمال غزة، صعّدت إسرائيل من عمليات التدمير، في وقت يحاول أكثر من 100,000 فلسطيني النجاة، بدون فرص للحصول على الطعام والمساعدات الإنسانية، حيث أوقفت إسرائيل وصول المساعدات الإنسانية، وهي تعمل على مواجهة خلايا “حماس”.
وفي يوم الجمعة، حذّرت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للأمم المتحدة من أن هناك “فرصة قوية” لحدوث مجاعة في شمال غزة، و”يمكن، والحالة هذه، افتراض زيادة الجوع وسوء التغذية والوفيات في هذه المناطق”.
وقدّمَ عمالُ الإغاثة والمسؤولون في الأمم المتحدة صورة عن دمار شامل. ووضعت لويز ووترريدج، المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، أونروا، فيديو عن جولة قامت بها قبل فترة في مناطق شمال غزة، وظهرت فيه أرض مدمرة بلا نهاية، وأبنية تحولت إلى أنقاض، ومناطق مهجورة، وشوارع ينتشر فيها الحطام. وكتبت على الإنترنت:
“لا يمكن معرفة من أين يبدأ الدمار، وأين ينتهي”، و”لا يهم من أي جهة تدخل فيها مدينة غزة، فقد سويت البيوت والمستشفيات والمدارس والعيادات والمساجد والشقق السكنية والمطاعم بالأرض، وهناك مجتمع كامل صار مقبرة”.
ويعلق ثارور بأن الحصيلة المذهلة لـ 13 شهراً من الحرب لا تزال قيد التحليل والدراسة. فقد وَجَدَ تحليلٌ نشره مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم الجمعة، للضحايا في غزة منذ 7 تشرين/أكتوبر 2023، عندما شنت “حماس” هجومها على إسرائيل، أن ما يقرب من 70% من القتلى كانوا من النساء والأطفال، خاصة ممن هم ما بين 5 إلى 9 سنوات. ولقي حوالي 80% حتفهم داخل المباني السكنية أو المساكن، ما غذّى مزاعم بأن إسرائيل كانت عشوائية في حملتها ضد “حماس”.
وقال مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، في البيان: “إن رصدنا يشير إلى أن هذا المستوى غير المسبوق من قتل وإصابة المدنيين هو نتيجة مباشرة لعدم الامتثال للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي”.