“تخفيض عبء الضريبة على الدخل بالنسبة للأجراء ذوي الدخول الدنيا والمتوسطة، وللمتقاعدين ذوي المعاشات الدنيا والمتوسطة”؛ كان من أبرز ما تضمنه عرض مفصّل قدمه فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، خلال يوم دراسي مشترك بين لجنتي المالية بالبرلمان، كشف خلاله أبرز خيارات وتوجهات الحكومة لإقرار مراجعات في أسعار الضريبة على الدخل.
ويأتي هذا في ظل حلول المسؤول الحكومي، الأربعاء الماضي، لإطلاع “برلمانيي الأمة” على رؤية الحكومة، عبر وزارة الاقتصاد والمالية، الهادفة إلى تعديل بعض مقتضيات القانون التنظيمي رقم 13-130 لقانون المالية، الذي يكرس “إطارا تشريعيا يبلور تحديث تدبير المالية العمومية”، مُرسخا “مبادئ المحاسبة والتقييم والشفافية”.
وتقترح الحكومة، حسب ما اطلعت عليه هسبريس في مضامين العرض الذي توصلت بنسخة منه، أن يتم “إدخال تعديل على القواعد المعتمدة في تحديد مبلغ صافي الدخل المفروضة عليه الضريبة”، عبر إعادة النظر في نسبة المصاريف المرتبطة بالوظيفة القابلة للخصم المحددة حاليا في %20، دون تجاوز سقف ثلاثين ألف درهم؛ والرفع من حد شريحة الدخل المعفاة من الضريبة المحددة حاليا في 30.000 درهم، مع مراجعة الحد الأدنى والأعلى لشرائح جدول الضريبة، فضلا عن تخفيض الأسعار المطبقة على بعض الشرائح.
ولتمكين فئة المتقاعدين من الاستفادة من تخفيض ضريبي، تم عرض تعديل مقترح على إحدى قواعد التخفيض الجزافي المعتمدة حاليا في تحديد مبلغ صافي الدخل المفروضة عليه الضريبة، كما يلي: 60 في المائة من المبلغ الإجمالي السنوي الذي يساوي أو يقل عن 168.000 درهم؛ و40 في المائة لما زاد عن ذلك.
وتضع الحكومة مراجعة جدول أسعار الضريبة على الدخل في “سياق التزامها بإعادة النظر في الجدول المذكور في إطار مناقشة قانون المالية لسنة 2022 والحوار الاجتماعي، وكذا توصيات النموذج التنموي، ومخرجات المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات وأحكام المادة 4 من القانون الإطار للإصلاح الجبائي”.
تحليل الجدول الحالي لأسعار الضريبة على الدخل، كما استعرضه لقجع أمام أعضاء لجنتيْ المالية، يكشف أن “المداخيل المتأتية من الضريبة على الدخل بجميع أصنافها تتحمّلها فئة المأجورين بنسبة كبيرة (تتجاوز 73 في المائة)، فيما تساهم باقي الدخول الأخرى في الإيرادات الضريبية بـ21 في المائة، والدخول المهنية بـ6 في المائة”.
ومن هذا المنطلق، توضح وزارة المالية، فإن “فئة الملزَمين من المأجورين هي التي يجب اتخاذ التدابير اللازمة لتخفيف الضغط الضريبي عليها، خصوصا أصحاب الدخول الدنيا والمتوسطة”، لافتة إلى أن “ذوي الدخول الخاضعة للضريبة، التي تتجاوز 180 ألف درهم سنويا، أي 15 ألف درهم شهريا، لا يمثلون سوى نسبة تقدر بحوالي 3 في المائة”.
ويشرح الطيب أعيس، محلل مالي وخبير محاسبي، أن جدول أسعار الضريبة على الدخل في المغرب يتميز عموما بنقطتيْن مؤثرتين: “الضغط الضريبي الكبير على الأجور، سواء في القطاع العمومي أو الخاص، وكذا التحصيل واستخلاص الضريبة من المنبع”؛ وهو ما يفسر، بحسبه، ارتفاع نسبة المداخيل الضريبية التي تجنيها الدولة من الأجراء، الذين يظلون بحسبه “الحلقة الأضعف في سيرورة استخلاص الضرائب”.
واعتبر الخبير الاقتصادي المغربي، في حديث مع هسبريس، أن “ما تقترحه الحكومة يظل مطلبا معقولا، لكنه جاء متأخرا”، في تقديره، قصد “رفع الحيف عن الطبقة المتوسطة التي طالها انهيار غير مسبوق للقدرة الشرائية”، لافتا إلى أن “تلك الطبقة هي ذاتها التي تعفي الدولة من واجبات كبيرة عبر توجّه فئات عريضة منها إلى تدريس أبنائها في القطاع الخاص، أو الاستفادة من خدمات صحية غير عمومية”، ما يستوجب بنظره “إعفاءها من خصم القاعدة الضريبية الذي أتت به التعديلات”.
وختم أعيس تصريحه بالتشديد على ضرورة “تضمين هذه المقترحات والتعديلات على الضريبة في مشروع قانون مالية العام 2023″، خالصا إلى أن ذلك يعني “تدارك الدولة ودعمها لتخفيض الضريبة، وبالتالي الزيادة في الأجر الصافي الذي سيشمل جميع الفئات رغم محدودية الاستفادة، بالنظر إلى السياق الحالي المتسم بارتفاع التضخم وتوالي الأزمات”.