عند وقوع حادثة من حوادث حافلات نقل المسافرين بين المدن يُلقَى جزء كبير من المسؤولية على السائق، بينما يغيب البحث عن الظروف التي يشتغل فيها سواق الحافلات، كضغط العمل وعدم الاستفادة من وقت كافٍ للراحة… والتي تلعب دورا في وقوع الحوادث.
عقب الحادثة الأخيرة التي أودت بحياة 23 راكبا كانوا على متن حافلة تربط بين خريبكة والفقيه بن صالح، انبرى عدد من المعلقين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تحميل المسؤولية للسائق، دون حتى انتظار نتيجة التحقيق الذي فتحته السلطات المعنية، فيما نبّه آخرون إلى أن الظروف غير الملائمة التي يشتغل فيها السواق هي التي تؤدي بهم إلى ارتكاب الحوادث.
وتساءل النائب البرلماني السابق شقران إمام: “ما معنى أن تسلك حافلة متوجهة من الدار البيضاء إلى بني ملال الطريق الوطنية وليس الطريق السيار؟”، موضحا أن “أرباب الحافلات يفعلون ذلك من أجل إركاب أكبر عدد ممكن من الركاب، دون أي اعتبار للحمولة القانونية، ما يؤدي إلى استنزاف وقت من زمن الرحلة، وهو ما يدفع السائق إلى اللجوء إلى السرعة لتدارك الزمن الضائع”.
ويؤكد الصديق بوجعرة، رئيس الاتحاد النقابي الطرقي، التابع للاتحاد المغربي للشغل، أن “سائقي حافلات النقل الطرقي يشتغلون في ظروف صعبة”، معتبرا أن تحميلهم المسؤولية وحدهم عن الحوادث التي تقع “تفسير سطحي”.
وأردف المتحدث ذاته في تصريح لهسبريس: “لا يمكن الحديث عن العمل اللائق، سواء من حيث ظروف عمل السائقين أو أجورهم، أو عدد ساعات العمل، أو على مستوى استقرارهم المهني؛ لذلك لا يمكن اختزال سبب حوادث السير في العنصر البشري”.
ورغم الظروف الصعبة التي يشتغل فيها سائقو الحافلات فإنها ليست مبررا لارتكاب الحوادث، بحسب بوجعرة، مضيفا: “يجب على السائق أن يتحمل مسؤوليته، لأنه هو المسؤول الأول عن أرواح الركاب الذين يُقلهم”.
ويبلغ عدد حافلات النقل العمومي التي تجوب طرقات المملكة 2400 حافلة، توفر ما يقارب 122 ألف مقعد يوميا، بينما يبلغ عدد مقاولات النقل 1540 مقاولة، بحسب المعطيات الصادرة عن وزارة النقل واللوجستيك.
واعتبر الصديق بوجعرة أن حوادث حافلات النقل الطرقي تساهم فيها مجموعة من العوامل، منها البنية التحتية، والحالة الميكانيكية للحافلة، إلى جانب العنصر البشري، قبل أن يستدرك: “لكن لا ينبغي تحميل المسؤولية للعنصر البشري وحده، وتوجيه أصابع الاتهام إلى السائق باعتباره الحائط القصير، لأننا أمام إشكالية مركّبة يجب أن يتحمل فيها الجميع مسؤوليتهم”.