لا يزال موقع ليكسوس التاريخي، بمدينة العرائش، يفصح عن مكنوناته التاريخية، مع اكتشاف أثري يجدّد المعلومات حول أكبر مصانع تمليح السمك بالإمبراطورية الرومانية، احتضنها المدينة التاريخية البائدة.
وفي الجانب المغربي، يشرف على البحث محمد كبيري علوي، أستاذ باحث بالمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث المدير المغربي لبرنامج الأبحاث حول معامل التصبير بليكسوس.
أكبر مصانع التمليح بإمبراطورية الروم
قال مدير الجانب المغربي لبرنامج البحث في تصريح لـ هسبريس: “هذا البرنامج مغربي إيطالي يشرف عليه المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، التابع لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، وموضوعه البحث في الصناعة الغذائية، من خلال أبحاث وتحريات حول معامل تصنيع وتصدير السمك المملح في مدينة العرائش”.
وأضاف كبيري علوي: “نجري دراسات وأبحاثا حول هذه المعامل علما أن الأمر يتعلق بأكبر معمل لتصبير السمك في عهد الإمبراطورية الرومانية، ووجدنا آثارا وبنيات أثرية، بعد حفريات ثلاثينيات القرن الماضي، ونتائج الأبحاث المنشورة في الستينيات”.
وتابع: “هذا برنامج جديد لتحيين المعطيات حول هذا الحي، والتعرف على امتداده العام، في ليكسوس التي تبلغ مساحتها 63 هكتارا. وقد اكتشفنا في إطاره أحواضا جديدة، جعلت الامتداد أكبر بكثير مما هو معروف في الأبحاث”.
ومن بين الأبحاث أيضا “التعرف على أنواع السمك التي كانت تنتج، من بينها التونة”، وقال عالم الآثار: “عثرنا على طبقة فيها بقايا أسماك كانت تستعمل للتسويق في مختلف أطراف الإمبراطورية الرومانية، سندرُسها”، وزاد: “هذا هو الموسم الأول للحفريات، وحصلنا فيه على نتائج مهمة، بمنهجية تعتمد تعدد الاختصاصات، والبرنامج المسطّر سيمتد خمس سنوات على الأقل، ويضم أكثر من 20 باحثا وطالبا باحثا وباحثين متدربين”.
كما يبحث الفريق المغربي الإيطالي في “أنواع الجرار المستعملة لنقل وتسويق هذه الأنواع من الأسماك المملّحة. ومن بين الإشكاليات التي نتطلع إلى البحث فيها التعرف على بقايا ميناء ليكسوس وعلاقته بهذه المعامل”، إلى جانب “دراسات للّقى الأثرية المستخرجة، منها مواد فخارية في ميناء ليكسوس”.
ما أهمية هذا المستجد العلمي؟
عالم الآثار محمد كبيري علوي ذكر أن “البحث الأثري بحث تاريخي”، ثم استرسل شارحا: “عندما نشتغل على مثل هذا النشاط، تكون لدينا فرصة للتعرف على جانب من جوانب تاريخ المغرب القديم، في فترة الإمبراطورية الرومانية وما قبلها”.
وواصل: “من الأسئلة المطروحة هل بدأ هذا النشاط قبل السيطرة الرومانية؟ وهل كان معروفا قبل 40 ميلادية؟ وأهمية الأبحاث تتجلى في التعرف على جانب من جوانب تاريخ ليكسوس، ومن خلال رصد معلومات من جوانب تاريخ المدينة نكمل الصورة، ونتعرف على تاريخها وتاريخ مراكز أخرى، وتاريخ المغرب القديم”.
ومن الجانب المحلي والجهوي، سجل المتحدث أهمية موقع ليكسوس “الكبيرة جدا”، ثم أضاف: “ينبغي أن تكون علاقة عضوية بين الآثار والتراث والنشاط السياحي، وهذا الموقع من أهم مواقع الفترة الفينيقية والرومانية بالمغرب، ويمكن فتح جوانب من التنقيبات في وجه الزوار، وتوضع لقاها في متحف الموقع”.
ثم أردف قائلا: “ليس هذا بحثا من أجل البحث التاريخي فقط، ولو أن هذا أمر مهم؛ لذا فهناك حاجة إلى العناية بمثل هذا التنقيب، لأنه لا يزال هناك الكثير ينتظر اكتشافه والتعرف عليه في بلادنا”.