مُظهرا صمودا وتماسكا في مواجهة الأزمة الوبائية وتداعياتها الاقتصادية، تمكن قطاع التأمينات بالمملكة من خلال مؤشراته الرئيسية، بشكل عام خلال السنة المالية 2021، من تحقيق العودة إلى “حالة ما قبل الأزمة”.
مقاولات القطاع، البالغ عددها 23 شركة تأمين وإعادة تأمين، أثبتت جدارتها في استعادة زخم وُصف بـ”الجيد”، للوصول إلى مستوى نمو مبيعاتها بنسبة 9.9 في المائة في عام 2021 مقابل 1 في المائة سنة قبل ذلك، أي في 2020 عام بداية الجائحة بالمغرب؛ حسب ما أورده التقرير السنوي حول ‘استقرار النظام المالي’ المغربي، الصادر بصيغة مشتركة بين ثلاث مؤسسات، هي بنك المغرب وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي والهيئة المغربية لسوق الرساميل.
وربطت معطيات التقرير ذاته، الذي اطلعت عليه هسبريس، نمو قطاع التأمين بالمغرب بـ”سياق التحسن العام في الاقتصاد الوطني المدعومة عبر حملات التطعيم” التي سرعت من تعافي المؤشرات الأساسية للمنظومة المالية المغربية.
كما واصلت هيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، خلال العام الذي شمله التقرير، تنزيل وتنفيذ “آلية للملاءة المالية/ لسداد الديون/ (أو تنزيل القدرة الائتمانية القائمة) قائمة على حساب المخاطر”؛ إذ كشف التقرير ذاته إتمام الانتهاء من دراسات الأثر وتحليلها مع فاعلي القطاع، قصد الاتفاق على “طرق التنفيذ التدريجي لهذا الإطار الاحترازي الجديد المسمى أيضا في القطاع المالي بـ”القدرة على السداد”.
وانتعشت النتيجة المالية للقطاع بنسبة 64.7 في المائة، مستفيدة من الأداء الجيد لسوق الأسهم؛ بينما انخفض هامش التشغيل، بشكل خاص، بسبب “زيادة نسبة الخسارة التي عادت إلى مستوى ما قبل الأزمة”. تبعا لذلك، شهدت مقاولات التأمين وإعادة التأمين بالمغرب “زيادة في صافي أرباحها بنسبة 35 في المائة، مع ارتفاع معدل العائد على حقوق المساهمين (المعروف اختصارا بـROE ) إلى 9.5 في المائة”.
وعلى الرغم من اختلاف النسب، فإن “الأداء الجيد لرقم المعاملات هَمّ فروع التأمين بشقيْه “الحياة، وغير الحياة”؛ إذ استعاد “فرع تأمين الحياة” معدل نموه، الذي بدأ قبل الأزمة، حيث وصل إلى 22.9 مليارات درهم من التدفقات، مقارنة بـ 20.4 مليارات درهم قبل عام، بزيادة قدرها 12.5 في المائة.
من جانبها، سجلت فروع التأمين “غير الحياتية” زيادة ملحوظة بنسبة 7.7 في المائة بحجم إصدارات بلغ 26.7 مليارات درهم، مدفوعة بشكل أساسي بـ”التأمين على السيارات، الذي حقق حجم أقساط قدره 13 مليار درهم ونموا بـ8.6 في المائة”.
بدورها، تحسنت نسبة مكاسب رأس المال غير المحققة على الاستثمارات من 13 في المائة في 2020 إلى 15.5 في المائة في 2021.
ومن وجهة نظر احترازية، يسجل التقرير المشترك ذاته مواصلة القطاع “توليد هامش جدارة مالية مريحة مقارنة بالحد الأدنى التنظيمي”؛ لافتا إلى أنه يمكن تقليل هذا الهامش، الذي لا يغطي حاليا سوى مخاطر الاكتتاب، مع بدء “نفاذ إطار العمل الاحترازي بالأهلية والقدرة الائتمانية على السداد القائمة على حساب المخاطر”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن “تمارين اختبار الإجهاد” التي تم إجراؤها كشفت عن “مرونة جيدة لشركات التأمين في مواجهة الصدمات في محفظة الأسهم والعقارات وظروف الاقتصاد الكلي والظروف التقنية غير المواتية”.
التأمين التكافلي في خدمة “الشمول المالي”
التقرير ذاته أفرد حيزا للحديث عن دخول نشاط “التأمين التكافلي” الجديد حيز التنفيذ مع نشر النصوص القانونية المنظمة لمعاملاته، معتبرا أنه “طال انتظاره من قبل مجتمع التمويل التشاركي (البنوك والزبناء)، باعتباره يكمل المنظومة باقتراح عرض تأمين متكيف مع الحاجيات”.
وسيركز العرض المقترح بشكل أساسي، في بداية نشاطه، على “التأمين ضد الوفاة/ العجز والتأمين ضد المباني متعددة المخاطر”، لتلبية طلب واضح من البنوك التشاركية. كما سيغطي “منتجات تأمين الادخار المعروفة باسم «الاستثمار التكافلي»، وفق المصدر ذاته.
وخلص تقرير المؤسسات المالية الثلاث إلى أن “ظهور هذا النشاط التشاركي في التأمين يعد “فرصة حقيقية للإدماج والشمول المالي من خلال السماح للأشخاص بالاندماج الذين لا يلجؤون إلى التأمين التقليدي للمعتقدات الدينية أو لأسباب أخلاقية”.