العديد من التجار ما زالوا يعقدون الآمال على أيام العيد والصيف من أجل تحقيق رواج تجاري قد يمكنهم من تدارك ما تكبدوه من ضرر في المناسبات السابقة.
في هذا السياق، حاولت هسبريس رصد آراء بعض التجار والباعة الجائلين بكل من سبت أولاد النمة والفقيه بن صالح وبني ملال، حول إقبال المواطنين على مجموعة من المواد التي يتم استهلاكها بكثرة خلال هذه الأيام التي تتزامن مع عيد الأضحى.
قال أحمد الصالحي، تاجر بالتقسيط بالفقيه بنصالح، في تصريح لهسبريس، إنه رغم اقتراب عيد الأضحى، لا تزال المحال التجارية بالمدينة تشهد ضعفا في الإقبال، مع توقعات بأن ترتفع وتيرة البيع خلال الأيام المقبلة نتيجة تمسك المواطنين بإحياء شعيرة الأضحى.
وأورد المتحدث أن ارتفاع أسعار الأضاحي، وشح التساقطات المطرية في هذه المنطقة التي تتسم بالأنشطة الفلاحية، كان لهما أثر واضح على الرواج التجاري هذا العام، مشيرا إلى أن التجار يعولون على الجالية المقيمة بالمهجر، وخاصة بالديار الإسبانية والإيطالية، لتحسين مؤشر الرواج.
وتبعا للتاجر ذاته، فإن الرواج التجاري بالأسواق المحلية والمحال التجارية ببني موسى وبني عمير يرتبط بالمواسم الفلاحية، فـ”كلما كان العام زين كان هناك رواج تجاري، وكلما حل الجفاف ازداد الوضع سوءا، عدا المناسبات التي تضطر فيها العائلات إلى اقتناء الملابس مهما كانت الأحوال”.
بدوره، قال لعميري محمد، تاجر خمسيني من سبت أولاد النمة: “خلال هذا العام، لم نسجل حركية تجارية بالشكل المعهود على امتداد السنة؛ إذ بالكاد نوفر قوت أسرنا في ظل الأزمة الخانقة التي تعرفها المنطقة بسبب الجفاف”، مضيفا: “نأمل خيرا خلال هذه المناسبة العظيمة التي تتزامن مع حلول أبناء المنطقة من المهجر”.
أما عمر، البالغ من العمر 35 سنة، بائع متجول من بني ملال، فقد اعتبر تداعيات جائحة “كوفيد-19” وتأخر دخول أفراد الجالية إلى المغرب وارتفاع أسعار المواد الغذائية وأثمان الأضاحي والمحروقات وشح المياه، من أهم العوامل التي أنهكت القدرة الشرائية للمواطن، وجعلت الشوارع خاوية على عروشها.
وقال المتحدث إن “الرواج بدأ ينتعش خلال اليومين الأخيرين، رغم اقتصار الأسر على اقتناء المواد الضرورية، من ضمنها مكونات الحلوى والألبسة الخاصة بالأطفال بالدرجة الأولى إلى جانب بعض المواد المرتبطة بالعيد كالحناء، عدا ذلك لم نسجل اهتماما ملحوظا بباقي المواد التكميلية كما كان يحدث في السنوات الماضية”.
وأبرز البائع المتجول ذاته أن ارتفاع أثمنة الأضاحي كان له أثر بالغ على الرواج التجاري، سواء بالمحال التجارية أو بالشارع، خاصة وأن العديد من الأسر لا تزال تجس نبض الأسواق على أمل أن تنخفض الأسعار.
وفي الوقت الذي يشكو فيه الباعة من الركود، يرى متتبعون أن من التجار من أسهم في هذه الوضعية المتأزمة بسبب الزيادات اللامشروعة في عدد من المواد، مشيرين إلى أن المواطن فقد الثقة في تجار المحلات جراء جشعهم واستغلالهم للظرفية.
في هذا الصدد، قال وراد صالح، ناشط حقوقي، إن “الضحية الأول لهذه الوضعية الاجتماعية الشاذة، هو المستهلك الذي وجد نفسه أمام زيادات صاروخية في أسعار المواد الغذائية بالمحال التجارية ووجها لوجه مع جشع الشناقة بالأسواق، في ظل عدم اعتماد سعر مرجعي لبيع أضاحي العيد التي تأثرت أثمنتها بالكلفة الناتجة عن قفز أسعار الأعلاف إلى مستويات قياسية”.
وعزا المتحدث لهسبريس ضعف الرواج التجاري بالمدينة إلى “صمت سلطات المراقبة عن العديد من الانتهاكات التي تطال حق المستهلك، خاصة ما يتعلق بهذه الزيادات التي لم يتم إصدار بلاغ رسمي بشأن حجمها، ما ترك المجال مفتوحا أمام المضاربين الذين تحكموا بقوة في الأسواق في غياب آليات ناجعة للمراقبة”.
وتحدث الناشط الحقوقي عينه، على سبيل المثال لا الحصر، عن الزيادات التي طالت الأثواب والأحذية وباقي ملابس العيد، والتي تُقوض هذا العام فرحة الأطفال والشباب بهذه المناسبة الدينية، مشيرا إلى أنها بدون مبرر في ظل الدعم الذي خصصته الدولة لأصحاب النقل، ما يستدعي، بحسبه، التدخل لتفادي أي احتقان محتمل بالشارع.
وأوضح وراد أن المحال التجارية المتخصصة في بيع الملابس الجاهزة للنساء والرجال والأطفال، “تعرف انتعاشا تجاريا ملحوظا خلال هذه الأيام، لكن الأمر لا يطال جميع فئات التجار الذين يزاولون حرفا أخرى، ما يعني أن الضرر ما يزال قائما لدى بعض المهنيين”.
وتكاد تجمع تصريحات متطابقة لمواطنين، من ضمنهم نساء، على أن مناسبة العيد تبقى استثنائية، وأن ما تحمله من دلالات دينية مترسخة في قيم أغلب الأسر هي التي تجعل التجار يستبشرون خيرا ويعقدون الأمل على هذه الأيام المباركة التي تمتد طيلة العشر الأوائل من شهر ذي الحجة.