في أحدث تحليلاتها، رفعت الوكالة الأمريكية للتصنيف المالي “موديز” من تصنيفها الائتماني للمغرب، لينتقل من “سلبي” إلى “مستقر” الأفق عند مستوى “Ba1″، مسجلة بذلك خطا متصاعدا لانتعاش ومرونة الاقتصاد المغربي في مستويات ما قبل الجائحة، فضلا عن شهادتها بـ”جودة” تدبير المالية العمومية.
هذا التغيير عزَته وكالة “موديز” إلى انتعاش الناتج الداخلي الخام الفعلي إلى مستويات ما قبل الجائحة وقدرة الحكومة على تدبير الأزمة إبان فترة الوباء، موضحة أن تحسن الأداء في مجال الحكامة يعزز توقعاتها بأن “الحكومة ستكون قادرة على تنفيذ تقويم مالي تدريجي يعمل على استقرار نسبة الدين والحسابات المالية”، مضيفة أن هذا الوضع سيمكن أيضا من الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي أمام مواجهة المغرب صدمة أسعار المواد الغذائية والطاقية الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية.
وتعززت مرونة اقتصاد المملكة بالأساس من خلال تراكم احتياطيات مهمة من النقد الأجنبي تغطي فترة ستة أشهر من الواردات عند متم سنة 2021، وهو ما اعتبرته الوكالة “هامشا لامتصاص تأثير الصدمة العالمية لأسعار المواد الأولية”.
كما لفتت وكالة التصنيف المالي إلى أن الإجراءات المستهدِفة للاستثمار والدعم سمحت لإجمالي الناتج الداخلي بالعودة إلى مستويات ما قبل الجائحة، متوقعة ارتفاع متوسط نمو الناتج الداخلي الإجمالي السنوي إلى ما بين 3 في المائة و3.5 في المائة بحلول 2025، بعد تباطئه إلى 2 في المائة في 2022 بسبب ظروف جفاف قاسية وتأثير اقتصادي سلبي للتضخم المرتفع.
وسجل المصدر ذاته أن حصيلة السياسات الماكرو-اقتصادية المتسقة التي تم تنفيذها خلال السنوات الأخيرة وأثناء الجائحة، تجد تجلياتها في “التحسن في مؤشرات فعالية الحكومة المسجلة في الحكامة العالمية التي تدعم تقييم موديز لتحسين مجال الحكامة بالنسبة للمغرب”.
وحسب خلاصات “موديز”، فإن قدرة الحكومة على تدبير الأزمة، التي أبانت عليها طيلة أعوام الجائحة، تتجلى في معدلات التلقيح المرتفعة نسبيا ضد “فيروس كورونا” مقارنة ببلدان المنطقة، مع تنفيذ تدابير مالية لتعزيز الدعم بالنسبة إلى الأسر العاملة بالقطاع غير المهيكل، فضلا عن تعزيز ورش الحماية الاجتماعية الذي تعمل على تفعيله المملكة.
وتعليقا على تبوؤ المملكة هذا التصنيف الائتماني الجديد، قال الطيب أعيس، محلل مالي خبير اقتصادي، إن “اشتغال المغرب خلال العُشرية الأخيرة على تحسين المؤشرات الماكرو-اقتصادية لتصبح ذات مؤشرات خضراء، أهّلَه لمواجهة جائحة كوفيد-19، معتمداً في ذلك على إصلاحات هيكلية، أبرزها إصلاح صندوق المقاصة الذي وإن كان قاسيا، إلا أنه جعل التوازنات الاقتصادية العامة في وضعية مالية جيدة”.
وأضاف أعيس، في تصريح لهسبريس، أن “الإجراءات الاستباقية للحكومة السابقة في مواجهة الجائحة وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، أفضت إلى تحقيق المغرب نسبة نمو اقتصادي تاريخية فاقت 7 في المائة خلال سنة 2021″، ما جعل من المملكة “محط ثقة المؤسسات المالية الدولية”، التي وثقت، بحسب الخبير ذاته، في قدرة المغرب على تخطي الأزمة حينها قبل أن تدعم جهود انتعاشه بضمان ومنح “خط ائتماني جديد للوقاية والسيولة”.
وخلص المحلل المالي ذاته إلى أن الوضعية المعتبرة للمغرب دوليا وتراكمية الإصلاحات الهيكلية المنتهجة، تجعلانه يعتمد على هذا الرصيد قصد تطوير النسيج الاقتصادي الوطني.