أجمعت تصريحات مسؤولين عسكريين أمريكيين شاركوا في مناورات “الأسد الإفريقي ـ 2022″، التي احتضنتها المملكة من 20 إلى 30 يونيو المنصرم، على نجاعة المقاربة المغربية في الحفاظ على التوازن الأمني في منطقة الساحل الإفريقي.
وقال الجنرال ستيفان تاونسند، قائد القوات الأمريكية في إفريقيا: “نشهد تصاعدا للتطرف العنيف في إفريقيا الغربية، وخصوصا في منطقة الساحل”، مبرزا أن المغرب شريك رئيسي وأساسي للولايات المتحدة في هذه المنطقة من القارة الإفريقية.
وتبحث روسيا عن موطئ قدم لها بالقارة الإفريقية، عبر تحقيق اختراق إستراتيجي، مستغلة في ذلك الجارة الجزائر التي ترغب في ضمان حماية لها بعدما فتحت جبهات صراع مع المغرب وفرنسا.
ومن غير المستبعد أن تسمح الجزائر، في ظل هذه الظروف التي تعيشها، بإقامة قاعدة عسكرية روسية على أراضيها وتقديم الدعم لقوات “فاغنر” بأراضي جمهورية مالي، نكاية في فرنسا والمغرب.
وتعد قوات “فاغنر” جيشا عسكريا خاصا مقربا من الكريملين الروسي؛ لكن موسكو تنفي وجود أية علاقة لها مع هذه المجموعة المسلحة، التي ظهرت للمرة الأولى في إقليم دونباس شرق أوكرانيا عام 2014.
وقال محمد الطيار، الخبير في الشأن الأمني، إن الحضور المغربي القديم في منطقة الساحل الإفريقي والروابط التاريخية والعلاقات الاجتماعية المتداخلة ترك أبعادا وروابط عميقة من الولاء بين شعوب منطقة الساحل والمغرب، خاصة قبائل شمال مالي العريقة.
واعتبر الطيار، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن هنالك العديد من القبائل التي تحافظ على روابط البيعة مع العرش العلوي، مبرزا أن الحكم المغربي في منطقة الساحل الإفريقي امتد لثلاثة قرون كاملة، أوجد حضارة مغربية زنجية متميزة، بفضلها تطور زهاء سبع مساحة إفريقيا وعشر سكانها آنذاك.
وأورد الخبير في الشأن الأمني أن العديد من القبائل الطارقية والعربية ما زالت تعتز بأصولها المغربية؛ “بل إن الطوارق في الصحراء الكبرى يجمع أغلبهم على أصولهم المغربية”، مضيفا: “لذلك، فهناك مسؤولية تاريخية للمغرب في بناء الاستقرار والأمن بمنطقة الساحل الإفريقي”.
وقال المتحدث ذاته بأن المغرب يقوم، في ظل الوضع العام القائم على عدم الاستقرار وبروز تهديدات حقيقية لدول المنطقة، بمجهودات دبلوماسية وثقافية ودينية واقتصادية متنوعة من أجل إقرار السلم والأمن في شمال مالي، بحكم علاقاته التاريخية والروابط الدينية والاجتماعية بقبائل الطوارق والعرب على حد سواء وكذا مع الإثنيات الأخرى.
وزاد الطيار: “بعد إعلان فرنسا عن نهاية عملية “برخان”، وانسحاب القوات الفرنسية من مالي، وتراجع المقاربات المعتمدة، في بناء السلم والأمن والقضاء على الإرهاب، سواء من طرف فرنسا أو حلفائها من مجموعة دول الساحل أو من أوروبا.. فإن الحالة الأمنية تزداد سوء يوما بعد يوم، على الرغم من وجود القوات الأمريكية من خلال قواعد عسكرية عديدة بالمنطقة”.
وفي هذا الصدد، قال الطيار إن العمليات الإرهابية أصبحت أشد فتكا، وتوسع نشاط الجريمة المنظمة أكثر، لافتا إلى أن فتح الباب على مصراعيه أمام التوغل الروسي في المنطقة بواسطة عناصر “فاغنر” ينبئ مستقبلا بصراع مفتوح في المنطقة بين القوى الدولية الفاعلة.
وأضاف المحلل: “مع اشتداد أتون نار المعضلة الأمنية في منطقة الساحل الإفريقي، يعمل النظام العسكري الجزائري بشكل سافر على الحفاظ على بيئة غير آمنة، بالدفع بالعديد من الجماعات التي تدعي الجهاد، المرتبطة بمخابراته العسكرية، حتى يمنع كل من موريتانيا ومالي من استغلال ثرواتهم المعدنية من غاز وغيره”.
واستطرد قائلا: “شعوب دول منطقة الساحل لا يثقون بتاتا في النظام العسكري الجزائري؛ فأغلب أمراء الحرب يملكون العديد من العقارات بالجزائر، خاصة في مدن الجنوب، ويحتفظون بالأموال المحصلة من مختلف أنشطة الجريمة المنظمة في البنوك الجزائرية”.