تحسّنت مداخيل السياحة بمحاميد الغزلان بعد الرفع الكلّي للإجراءات الاحترازية، رغم أن القطاع لم يرجع بعد إلى “وضعيته الطبيعية” التي كانت سائدة في مرحلة ما قبل ظهور فيروس “كورونا” المستجد.
وفي هذا السياق، قال يوسف الضخمات، مستثمر سياحي بمحاميد الغزلان، إن “وضعية السياحة بدأت تتحسن في الأسابيع الماضية رغم الصعوبات القائمة”، مشيراً إلى أن “المهنيين تضرروا كثيرا من الجائحة”.
وأضاف الضخمات، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الانتعاش يبقى نسبياً لأنه تزامن مع فصل الصيف، حيث تنخفض السياحة المحلية، بالنظر إلى أن بداية الموسم السياحي تكون في شهر شتنبر بسبب الحرارة المفرطة في فصل الصيف”.
وأوضح المهني عينه أن “المنطقة غنية بالمناظر السياحية الجديرة بالزيارة، حيث تزاوج بين جمالية الواحات وفرادة الصحراء، إلى جانب انتشار الحرف الخزفية، وكذا القصبات التاريخية والمآثر العمرانية القديمة”.
بينما أورد يونس أشبارو، فندقي بمنطقة محاميد الغزلان، أن “الموسم السياحي يبتدئ في شتنبر، ويمتد إلى غاية أبريل، لكنه يتراجع في فصل الصيف”، مبرزاً أن “السياحة الداخلية قليلة بالمنطقة بالمقارنة مع مرزوكة بسبب البعد الجغرافي، وهو ما يؤثر على مستوى الأسعار”.
وغير بعيد عن مركز محاميد الغزلان توجد صحراء اسمها “الشكاكة”، تحولت إلى قبلة للسياح الأجانب في السنوات الأخيرة بفضل كثبانها الرملية المتميزة، ومناظرها الطبيعية الساحرة للزوّار، غير أنها مازالت تعاني من تبعات الجائحة.
علي البودالي، مهني في قطاع السياحة، صرّح لنا بأن “الوضعية السياحية أصبحت جيدة بعد عودة الحياة شبه الطبيعية، غير أنها تقتصر على السياح الأجانب فقط”، لافتاً إلى أن “المنطقة تتوفر على مؤهلات سياحية مهمة لم يتم اكتشافها من طرف السياح المغاربة”.
فيما يرى الحسين الضخمات، مستثمر سياحي بمحاميد الغزلان، أن “صحراء الشكاكة تحتضن الكثير من مواقع التخييم العصرية التي تلائم احتياجات الزبائن”، موضحاً أن “الصحراء تبعد عن محاميد الغزلان بنحو ساعتين فقط”.
وأردف الضخمات، في حديثه لهسبريس، بأن “السياحة الخارجية بدأت تعود إلى منحاها شبه الطبيعي، غير أن السياحة الداخلية مازالت ضعيفة بسبب البعد الجغرافي، حيث يتوجه أغلب المغاربة إلى منطقة مرزوكة”، وتابع: “الأسعار تكون مرتفعة بالنسبة لبعض السياح المغاربة بالمقارنة مع مرزوكة، ما مرده إلى البعد الجغرافي، ذلك أن التنقل من محاميد الغزلان إلى صحراء الشكاكة يتطلب كراء سيارة رباعية الدفع في الذهاب والإياب”.
واستطرد المتحدث ذاته بأن “صحراء الشكاكة جميلة تسحر أعين الناظرين، حيث يصل علو الرمال إلى 200 متر، وذلك على طول 50 كيلومتراً”، مؤكداً أن “المنطقة تحتاج إلى تشييد مزيد من البنى التحتية، خاصة الطرق، قصد جلب السياح”.
أيوب العزاوي، مستخدم سياحي في صحراء الشكاكة، أكد لنا من جهته أن “السائح يكون على موعد مع مجموعة من الأنشطة السياحية المميزة؛ من قبيل ركوب الجمال ودراجات الكْوَادْ، وزيارة الواحات الطبيعية، وحمامات الرمل”، آملاً أن “ترتفع أعداد السياح في فصل الشتاء المقبل”.
وفي طريق العودة إلى زاكورة، يمكن للسائح زيارة منطقة “تامكروت” الشهيرة بصناعة الفخار المطليّ باللون الأخضر، وهي حرفة تقليدية متوارثة بين عائلات القرية منذ القرن السادس عشر ميلادي، ما جعلها معروفة لدى السياح الذين يحلّون بالمنطقة.
وفي هذا السياق، قال مبارك، وهو صانع تقليدي للفخار التقت به هسبريس بتامكروت، إن “الفخار له تاريخ عريق، حيث جاء من أجل مواكبة تأسيس الزاوية الناصرية، التي سعت إلى إنشاء مدينة صغيرة مكوّنة من مدرسة عتيقة ومكتبة وحرف متعددة”.
وأضاف الحرفي ذاته أن “الفخار المحلي اشتهر بطلائه الأخضر وصلابته”، مبرزاً أن “الحرفة امتهنتها عائلتان منذ القدم، قبل أن تتفرع إلى العديد من ‘الفخذات’، فأصبحت حالياً تتشكل من 12 عائلة كبيرة، تتكون تقريباً من 280 شخصا”.
وأردف المتحدث بأن “صناعة الفخار موروث عائلي يحتاج إلى مزيد من التسويق، بالنظر إلى خصوصياته الطبيعية”، لافتاً إلى “تزايد الإقبال على منتجاته من لدن الزوّار الذين يتوافدون على المنطقة، خاصة السياح الأجانب”.
وفي قلب مدينة زاكورة، لاحظت الجريدة عودة الإقبال، ولو بشكل نسبي، على المنتجات الصحراوية المعروفة في المنطقة، خاصة الزيّ الصحراوي، وهو ما أكده لنا إسماعيل الغفيري، بائع للمنتجات الصحراوية، بقوله إن “المدينة جمعت ثقافات كثيرة، وبالتالي تتنوع المنتجات التي يتم تسويقها من لدن التجار”.
واستطرد الغفيري بأن “التجارة تكون موسمية بفعل إكراهات الفصول، لكن ما نزال في حاجة ماسة إلى السياحة الداخلية قصد ترويج منتجات المنطقة”، مشددا على أن “الأسعار مناسبة لكل الزبائن الذين سيجدون جميع المنتجات المحلية التي يرغبون في شرائها”.