يحظر القانون رقم 57.19 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية كراء الأزقة والشارع العام. وعلى الرغم من هذا الحظر فإن المواطنين المغاربة الذين يركنون سياراتهم بالشارع العام يدخلون كل يوم في مشادات مع أصحاب السترات الصفراء الذين يستندون على تراخيص المجالس الجماعية لتحصيل أموال منهم، دون اكتراث للقانون.
محمد المودن، أستاذ باحث بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، أكد أن القانون المذكور يعتبر في مادته الرابعة أن الطرقات وملحقاتها تدخل في إطار الملك العام للجماعات الترابية شريطة أن لا تكون مصنفة ضمن الملك العام للدولة، وهي غير قابلة للتفويت أو للإيجار طبقا للمادة الخامسة من القانون نفسه التي تنص على أنه لا يقبل الملك العام للجماعات الترابية التفويت أو الحجز عليه أو تملكه بالتقادم، ولا يمكن أن يكون موضوع حقوق عينية عقارية أو أية حقوق أخرى، لا سيما الحق في الكراء التجاري والأصل التجاري.
وفي هذا الإطار، شدد الأستاذ الجامعي على أنه لا يمكن للجماعات الترابية أن تقوم بإيجار جنبات الطرق العمومية أو ملحقاتها وإلا فإن تصرفها يعد غير قانوني.
وأضاف المتحدث ذاته: “إذا كان حكم القانون واضحا في هذا الشأن، فإن بعض الجماعات الترابية لا تتوانى في إصدار كناش تحملات لكراء مواقف السيارات، وبالتبعية يكون المكتري ملزما باسترجاع نفقات السومة الكرائية مع تحقيق أرباح، وما على أصحاب السترات الصفراء آنذاك إلا تحصيل رسوم من مستعملي تلك المواقف”.
وأوضح المودن: “إن عملية الكراء تنصب على الأملاك الخاصة في إطار قانون الكراء؛ وبالتالي، فالعملية في الأصل مبنية على باطل لوجود مانع قانوني يمنع الجماعات الترابية إيجار الطرقات العامة وملحقاتها باعتبارها ملك عام، إذ متى أعدت الجماعة الترابية موقفا للسيارات في غير الشارع العام وفي ملكها الخاص وقامت بتجهيزه بمعدات أمكنها إيجاره واستخلاص رسوم على المنتفعين ومستعملي العربات”.
وجوابا عن سؤال هسبريس حول إمكانية وجود استثناءات ضمن القانون تبيح للجماعات كراء الملك العام، قال الباحث: “يبقى الاستثناء في هذه الحالة هو سلوك رئيس الجماعة الترابية لمسطرة الترخيص بالاحتلال المؤقت للطرقات وملحقاتها وللملك العام للجماعات الترابية بصفة عامة بدون إقامة بناء بموجب قرار تنظيمي يتخذه الرئيس المذكور ينشر بالجريدة الرسمية للجماعات الترابية. كما يرخص بالاحتلال المؤقت للملك العام بإقامة بناء بموجب قرار لرئيس مجلس الجماعة الترابية، يتخذ بعد مداولات مجلسها”.
وبما أن غرض الاحتلال المؤقت لمواقف السيارات تجاري، أوضح المتحدث، فالعملية تتطلب إجراء مزايدة عمومية، بعد طلب إبداء الاهتمام عند الاقتضاء؛ وذلك بناء على دفتر تحملات وثمن افتتاحي، مصادق عليهما مسبقا من طرف المجلس، إلا أن تطبيق مسطرة الترخيص بالاحتلال المؤقت يتوقف على صدور قرار مشترك لوزير الداخلية والوزير المكلف بالمالية يحدد كيفيات إجراء المزايدة العمومية ونموذج دفتر التحملات وتركيبة اللجنة المكلفة بإجراء الخبرة الإدارية.
وخلص محمد المودن إلى أنه “في ظل نسخ القانون المذكور مقتضيات الظهير الشريف الصادر في 22 من محرم 1369( 14 نوفمبر 1949) في شأن منح بعض الرخص في إشغال الملك العمومي البلدي، ونظرا لعدم صدور القرار التنظيمي المشترك بين وزير الداخلية ووزير المالية الذي يحدد الإجراءات التطبيقية للقانون 57.19 فإن أصحاب السترات الصفراء ليس من حقهم استخلاص مقابل من مستعملي العربات عن ركن سياراتهم بالشارع العام، ولو كان حاصلا على ترخيص من الجماعات الترابية؛ لأن هذا الترخيص باطل وغير قانوني”.