بعد توقف دام لسنتين بسبب ظروف جائحة كوفيد19، عاد موسم مولاي عبد الله هذه السنة لتجديد أواصر اللقاء مع عشاقه المنحدرين من مختلف مناطق المملكة، وعلى وجه الخصوص قبائل دكالة عبدة، باعتباره أحد أكبر وأهم المواسم الشعبية التقليدية الضاربة في عمق التاريخ، حيث تمتد فعالياته لأسبوع كامل، يحرص على تأمينها مئات العناصر من القوات النظامية التابعة لجهازي الدرك والقوات المساعدة، وتكون مليئة بالأحداث والجرائم التي قد تحول متعة التجول بين فضاءاته المغرية بالفرجة إلى جحيم.
وكسابق دوراته، عرفت دورة هذه السنة من موسم مولاي عبد الله أمغار التي انطلقت يوم الجمعة 4 غشت الجاري، مجموعة من المظاهر المسيئة لسمعته، وعلى رأسها توافد المئات من “الشمكارة” عليه، حيث يجدون ظالتهم بين خيامه سيما بعض المواد المخدرة التي تجعل منهم مجرد هياكل بشرية فاقدة للوعي، مستعدة لفعل أي شيء في سبيل توفير بضع دراهم لاقتناء ما يلزمهم من “سينيسيول” ومشروب “ماء الحياة”، حيث يعمدون في هذا الصدد إلى التحرش بزوار الموسم وسرقة ما بحوزتهم، تارة عن طريق النشل، وتارة عن طريق التهديد بالأسلحة البيضاء والعنف، وفي أحيان عديدة عن طريق اقتحام بعض مساكن زوار الموسم داخل خيمهم.
إلى جانب “الشمكارة”، يعكر صفو زوار الموسم الذين يعدون بالآلاف، ظاهرة “التبوريد” العشوائي، حيث يعمد بعض المحسوبين على الفرسان والسربات المشاركة في فعاليات موسم مولاي عبد الله، إلى إصدار طلقات نارية من بنادقهم في السماء بشكل عشوائي ومفاجئ، الأمر الذي يثير فزع مجموعة من الأطفال والنسوة، مع العلم أن هذه الطلقات تكون قريبة للغاية من المارة، وأحيانا على مرأى ومسمع من القوات العمومية.
وإلى جانب ما سبق، كانت السهرات الفنية التي قامت ببرمجتها إدارة إحدى الشركات الخاصة التي تحتكر سنويا تنظيم فعاليات الموسم، بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس، حيث تطلب تأمين هذه السهرات الاستعانة بعدد كبير من عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة، الأمر الذي خلف فراغا في باقي أرجاء الموسم الذي تمتد مساحته على عدة كيلومترات، كما ترتب عن هذه السهرات التي نظمت في فضاء صغير للغاية، مجموعة من المواجهات العنيفة بين بعض العصابات التي تنشط داخل الموسم، بعضها وافد من جماعات ومدن مجاورة والبعض الآخر من جماعة مولاي عبد الله نفسها، وهو الأمر الذي يفسر تسجيل أكبر عدد من السرقات والإصابات في صفوف المتنازعين وكذا بعض عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة، الذين عانوا الأمرين للحرص على حفظ النظام بالموازاة مع الأمسية الفنية لعبد العزيز الستاتي ونظيرتها لسعيد ولد الحوات، إضافة إلى تسبب هذه السهرات الفنية في شل حركة السير بعدد من النقط الحساسة داخل الموسم والطرق المؤدية إليه.
تجدر الإشارة إلى أن نسخة هذه السنة من موسم مولاي عبد الله أمغار، عرفت مشاركة ما يقارب 2000 فارس وفرس يمثلون مختلف المدارس المعروفة في التبوريدة، وما يناهز 110 سربات من مختلف مناطق المملكة، كما تجاوز عدد زواره حسب بعض المصادر المليون شخص، نسبة كبيرة منهم اختاروا التخييم داخل فضائه الشاسع المطل على الشاطئ، فيما تجاوز عدد عناصر الدرك الملكي والقوات المساعدة الساهرة على تأمينه ما يقارب ألف عنصر، نسبة كبيرة منهم متدربون أو خريجون جدد.