احتضنت دار الشباب “المسيرة”، السبت بمدينة وزان، حفلا أدبيا خصص لتقديم وتوقيع كتابي “مكائد اللغة” و”طفل مكفن بالقميدة” للشاعر أحمد الدمناتي، احتفاء بتجربته ومنجزه الإبداعي.
الحفل الذي تقف وراءه “حركة الطفولة الشعبية”- فرع وزان، عرف حضور فعاليات ثقافية وجمعوية وطلبة وأصدقاء ومعارف المحتفى به، وقد سعى من خلاله المنظمون إلى إضافة قيمة على الحقل الجمعوي والفعل الثقافي والإبداعي، من خلال تعزيز وتقوية حضور الأنشطة التي تعنى بالأدب نثر وشعرا، وإرساء آليات كفيلة برد الاعتبار والتقدير للمبدعين والنقاد.
وفي هذا الصدد قال الناقد مصطفى العطار إن “استقطار المعنى في منجز الشاعر أحمد الدمناتي يستدعي منا التسلح بكفاية لغوية خاصة علها تسعفنا في إرجاع الدلالة الشعرية المتفلتة إلى معسكر الألفاظ لإعادة ترويض جموحها”، مضيفا “كلما باشرنا قصائده المطرزة بخيط رفيع فار التنور وانبجست شلالات المعاني التي تتوارى عجلى لتختفي في متاهات الكلمات من جديد”.
وأشار الناقد ذاته، خلال كلمة له بالمناسبة، إلى أن “قصيدة الدمناتي شعر لا مكان فيه للهذر، لأنه مثخن بالتكثيف والتلميح والاحتفاء بالبياض، فهو شعر ولاد يحتار القارئ في الاختيار بين دلالاته المتفجرة؛ إذ يهديك التوضيب الجملي الواحد سباحة في نهر متجدد من المعاني والرموز والصور”.
وأوضح العطار أن شعرية التخفي هذه، مع ما تختزنه الجملة الموسيقية الخصيبة من قيم شعرية، لا تتأتى إلا لشاعر حقيقي تمرد على تشكيل الكلمات، التي صاغ منها معماره الشعري الفريد، ونحت منها تجربته الجمالية وشرطه الوجودي، وأغدق على القارئ من فيوضه الشعرية والشعورية ما جعل الإمساك بلب الكلام والإحاطة بحواشيه ومقتضياته الضمنية عملا مضنيا يستدعي محركا تأويليا نشطا يستطيع مقاومة عملية التشذير والانتزاع اللائحة في ثنايا القول الشعري.
وتابع قائلا: “مع الدمناتي يتحول فعل اللغة على يديه هوة ملأى بالغرابة والهدم، يقول ما لا يقال، ويرقم ذلك بلغة مثخنة بالمكائد، تلكم مناطق معتمة يخاطب فيها الشاعر مستويات متعددة من الوعي”.
ويرى العطار أن “قصيدة الشاعر الدمناتي سليلة التمرد ووريثة المعنى النزق والدلالة الحرون والفهم المتوثب، فهي انفلات من المعنى الأوحد إلى المعاني المنثالة من الدوال المتصارعة في مساحة ضيقة لا غالب فيها ولا مغلوب”.
ويضيف “هي شذرات شعرية تتكثف فيها القصود لتقدم للقارئ وخزات خفيفة؛ غير أن جرعاتها لا تكفي لالتماس الدلالة المتوارية خلف الكلمات، وكأنه صوفي متقشف. لذلك خلقت قصائد الدمناتي للتأجيل لا الحسم، وللإرجاء التأويلي المفتوح، والغضارة والخصوبة القرائية، والبهوت لحظة التلقي أمام تلك الصور المنداحة بعبثية مقصودة”.