تتميز أشغال الندوة الدولية، التي تحتضنها مدينة فاس، على مدار يومين، في موضوع “قول العلماء في الثوابت الدينية المغربية”، بالحضور البارز للوفد النيجيري يتقدمه أمير كانو، “أمينو أدو بايرو”، والذي تدخل، أمس السبت، في الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة التي تعرف مشاركة 34 فرعا تابعا لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة.
وأبى أمير كانو، الذي يتمتع بسلطات دينية قوية بهذه الإمارة التيجانية الواقعة بشمال نيجيريا، إلا أن يتكلم في هذه الجلسة على الرغم من أن اسمه لم يكن مدرجا على قائمة المتدخلين فيها، معتبرا أنه من الحكمة الإلهية أن يحل ضيفا عليها بالتزامن مع زيارته الرسمية للمغرب على رأس وفد مهم من رجال الاقتصاد.
وأوضح الأمير، خلال كلمته التي ألقاها بالمناسبة، أن تدبير الشأن الديني في كانو يتم في تناغم تام بينه وبين المؤسسات الدينية الرسمية، مبرزا أن ذلك يتماشى وغايات هذه الندوة، ويبرز الأهمية الرمزية لحضوره لها رفقة شيوخ وعلماء دين بارزين.
ونوه الأمير أدو بايرو، الذي عبر، في تصريح لهسبريس، عن سعادته لتمثيل كانو ونيجيريا بشكل عام في هذه الندوة، بإسهامات العاهل المغربي الملك محمد السادس في تطور الأمة الإسلامية، متمنيا أن يكون ذلك مرجعا لكل القادة الدينيين من أجل خدمة الدين الإسلامي والسنة النبوية المحمدية.
وأكد أمير كانو على أهمية محور هذه الندوة، التي ينظمها موقع الثوابت الدينية المغربية بالتعاون مع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، متمنيا أن تستفيد من ثمراتها ونتائجها الأمة الإسلامية قاطبة.
من جانبه، عبر الشيخ محمد الناصر آدم، رئيس مجلس أئمة الجوامع بولاية كانو، في تصريح لهسبريس، عن شكره لملك المغرب “على مجهوداته القيمة والكثيرة لنشر الإسلام وترسيخ المسلمين على شعائر الدين الصحيح”.
وأكد المسؤول الديني النيجيري على قرب المملكة المغربية من شعب نيجيريا، نظرا لتقاسم المسلمين في بلده مع المغاربة الثوابت الدينية نفسها، منها العقيدة الأشعرية والمذهب المالكي، فضلا عن اشتراك نيجيريا والمغرب، الذي وصفه بالبلد المحبوب، في قراءة القرآن الكريم برواية ورش عن نافع وكتابته بالرسم العثماني، واعترافهما معا بالطرق الصوفية.
وأردف الشيخ آدم أن اللغة هي التي تكاد تكون الحاجز الوحيد في علاقات المغرب بنيجيريا؛ اعتبارا لأن الاستعمار، الذي وصفه بالبغيض، “لطالما توقع في أن يأتي يوم بتقارب فيه المسلمون، ففرض الفرنسية على المغرب والإنجليزية على نيجيريا للحيلولة دون ذلك”.
وأفاد رئيس مجلس أئمة الجوامع بولاية كانو، وهو يتحدث لهسبريس، بأنه أشارـ في حديثه مع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمغرب، إلى أن هناك دولة بعيدة عن نيجيريا (يقصد الجزائر)، تختلف مع بلاده في المذهب والعقيدة وعدد من الثوابت، تحاول خلق الخلاف بين نيجيريا والمغرب.
وثمن الشيخ آدم الجهود الكبيرة لملك المغرب في تكوين الأئمة والمرشدات الدينيات من إفريقيا بالمغرب؛ ما “ساهم في جعل الأمة تعيش في سلام، لأنه يصبح لا مكان للإرهاب فيها”، مبرزا أن “عدم تكوين الأئمة يجعلهم مثل الورقة، تحركها الإيديولوجيات شمالا ويمينا”.
وأوضح الشيخ ذاته أن ولاية كانو، التي يناهز عدد سكانها 20 مليون نسمة، 99 في المائة منهم مسلمون، تشكل عاصمة للطريقة التيجانية، مبرزا أن مجموع عدد التيجانيين بسائر جمهورية نيجيريا الاتحادية يناهز 70 مليون شخص.
بدوره، أكد إبراهيم أحمد المقري، الإمام والخطيب بالجامع الوطني بنيجيريا، في تصريح لهسبريس، على أهمية الندوة المذكورة، والتي قال بأنها تأتي في إطار لقاءات علماء إفريقيا تحت مظلة إمارة المؤمنين، وتشكل فرصة لهم، أولا، للإشادة بها وترسيخ ثقافتها، ثم سبر أقوال العلماء حولها على مر التاريخ.
وشدد عضو فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بنيجيريا على أن رعاية إمارة المؤمنين للثوابت الدينية يعزز ما وصفه بالتعانق الروحي والثقافي بين المغرب وسائر البلدان الإفريقية، ويساهم في تثبيت الهوية الإفريقية؛ “لأن الشعوب عندما تفقد هويتها، تفقد وجودها”، بتعبير إمام وخطيب مسجد أبوجا الوطني.