يتحول التنقل بعدد من شوارع مدينة فاس، خلال أوقات الذروة، إلى معاناة حقيقية للسائقين ومستعملي وسائل النقل العمومي، خصوصا وسط المدينة، وذلك رغم تكثيف شرطة السير والجولان جهودها بالمدارات الطرقية الرئيسية لجعل تدفق حركية السير أكثر انسيابا.
ويعد تدبير حركة السير والجولان، إلى جانب قطاع النقل العمومي الحضري، بمدينة فاس، كما هو الحال بجميع المدن المغربية، من اختصاصات الجماعة، المسؤولة عن تشوير الطرق ومحطات وقوف العربات داخل نفوذها الترابي، فضلا عن ترؤسها لجنة السير بالمدينة، التي تضم في عضويتها فاعلين آخرين، منهم ولاية الأمن والعمالة والمقاطعات وجمعيات السلامة الطرقية والوكالة الحضرية.
“التنقل الحضري” و”السير والجولان”
يقول سعيد الجابري، ممثل الوكالة الحضرية داخل لجنة السير بمدينة فاس، التي تشرف على اقتراح الحلول لمشاكل السير والجولان بالمدينة، إن مدينة فاس تتوفر، اليوم، على وثيقة مخطط التنقل الحضري التي تحدد إستراتيجية التدخل على مستوى المدينة لضمان تنقل مستدام.
وأردف رئيس مصلحة النقل والتهيئة بالوكالة الحضرية لفاس، في تصريح لهسبريس، بأنه يتم إعداد وثيقة أخرى تخص مخطط السير والجولان على صعيد المدينة، مشيرا إلى أن من أهم مرتكزات هذه الوثيقة توحيد السير بجميع الشبكات الطرقية بمدينة فاس، وخاصة على مستوى مركز المدينة.
وأكد المتحدث ذاته أنه رغم أن شوارع وسط مدينة فاس يعود إحداثها إلى بداية القرن الماضي وتضاعف كثافة السيارات بالمدينة، والتي يناهز عددها، حاليا، حوالي 200 ألف سيارة، فإن الازدحام المروري في قلب المدينة لا يرقى إلى مستوى مثيله بمدينتي الدار البيضاء والعاصمة الرباط.
الاختناق المروري.. الأسباب والحلول
من جانبه، قال محمد نجيب الرمايدي، الكاتب المحلي لفرع النقابة الوطنية لمهنيي سيارات الأجرة بفاس، إن شارعي محمد الخامس والجيش الملكي وسط المدينة، وشارع الكرامة بحي مونفلوري، وشارع السلام بحي النرجس، هي من أكثر الطرق التي تعاني من الاختناقات المرورية بمدينة فاس.
وأبرز الرمايدي، في تصريح لهسبريس، أن “السويقات” وظاهرة الباعة الجائلين، أيضا، من الأسباب التي تفاقم حدة الاختناقات المرورية بمجموعة من المحاور الطرقية؛ لتسببها في تضييق عرض الطريق أو عرقلة المرور بها، كما هو الشأن بمنطقتي بندباب وعوينات الحجاج.
وأكد الفاعل النقابي ذاته على ضرورة إشراك مهنيي قطاع سيارات الأجرة في لجان السير والجولان لاقتراح الحلول، لكونهم، بحسبه، الأكثر استعمالا للطرق، مشيرا إلى ضرورة تحرير عدد من النقط السوداء وإحداث ممرات تحت أرضية في بعض المدارات المكتظة.
بدوره، أرجع أيوب اهريوش، رئيس جمعية أهل فاس للسلامة الطرقية، ظاهرة الاختناقات المرورية بعدد من شوارع مدينة فاس إلى التوسع العمراني وتزايد الكثافة السكانية، مشيرا إلى أن جمعيته، في إطار حملاتها التحسيسية، ما فتئت ترصد مجموعة من النقط التي تشكو الاختناقات المرورية خلال أوقات الذروة، خصوصا على مستوى المدارات الكبرى، مثل مدارة عين السمن ومدارة العمالة ومدارة الكرة الأرضية.
ولتجاوز تفاقم ظاهرة الاختناقات المرورية بمدينة، اقترح الفاعل الجمعوي ذاته، في حديثه لهسبريس، فتح الأنفاق على مستوى المدارات المزدحمة، وإحداث خطوط طويلة للطرامواي والارتقاء بجودة حافلات النقل الحضري لتشجيع الساكنة على استعمال وسائل النقل العمومي.
“الطرامواي” أم “حافلات BHNS”؟
وبخصوص الارتقاء بجاذبية النقل الحضري عبر الحافلات، قال سعيد الجابري، رئيس مصلحة النقل والتهيئة بالوكالة الحضرية لفاس، إن مدينة فاس، وعلى غرار المدن المغربية الكبرى الأخرى، مقبلة على إدخال ما تسمى الحافلات ذات جودة عالية الخدمة(BHNS) ، مبرزا أن الدراسات أصبحت جاهزة بخصوص هذا المشروع.
وأبرز ممثل الوكالة الحضرية داخل لجنة السير بمدينة فاس أن مخطط التنقل الحضري بمدينة فاس يتكلم، أيضا، عن “الطرامواي”، لكن، وفق المتحدث ذاته، يبقى إنجاز هذه الوسيلة للنقل مكلفا للغاية أمام إحداث خطوط للحافلات ذات الجودة عالية الخدمة(BHNS) ، كما هو الشأن بالنسبة لمدينة الدار البيضاء (الباصواي) وأكادير (الترام بيس).
وتابع متحدث الجريدة بأن مخطط التنقل يتضمن أيضا إحداث مجموعة من الأنفاق، غير أن إنجازها كذلك يعتبر باهظ الثمن، ويواجه بعض التحديات المتعلقة بغمرها بمياه الأمطار والسلامة، مقترحا إحداث ممرات فوقية خاصة بالسيارات السياحية، التي قال إن إنجازها منخفض التكلفة مقارنة بالأنفاق.
وشدد الخبير ذاته على أنه لم يتم بعد استنفاد جميع الخيارات البسيطة في مواجهة الاختناقات المرورية بمدينة فاس، من قبيل تجنب المواطن استعمال السيارات الخاصة في التنقلات غير الضرورية، واستعمال سيارات الأجرة، والارتقاء بجودة النقل العمومي بواسطة الحافلات، مؤكدا على ضرورة تبني الحلول التي تراعي الشروط المعقولة من حيث الجودة والتكلفة.
هذا وحاولت الجريدة التواصل بخصوص هذا الموضوع مع رئيس مجلس جماعة فاس، وأحد نوابه، لكن هاتفيهما ظلا يرنان دون رد.