يعيشون بيننا ونتقاسم معهم سمات وصفات عديدة، غير أنهم يختلفون عنا في غرائزهم وميولهم الجنسية، هم أقلية تتكاثر سرا وعلانية، ويتغنون بشعار الحريات الفردية تحت ألوان قوس قزح.
فطرة.. حملة بلونين
غير آبهة بالفطرة الإنسانية السليمة، تجند الحركات الداعمة للمثليين النفوذ والمال ومختلف وسائل الإعلام في حملات تبشير بالشذوذ الجنسي في صفوف الأطفال والمراهقين من أجل التطبيع مع هذه الرذيلة، التي تستقبحها النفوس وتشمئز من قذارتها الأذواق الرفيعة، وتمجها العقول المنيرة.
وسط زخم الحملات الدعائية الداعمة للمثلية الجنسية، برزت حملة “فطرة” الرقمية التي اختارت لنفسها علما مميزا باللونين الأزرق والوردي الفاتح في مواجهة علم المثليين المتمثل في ستة ألوان المشكلة لقوس قزح.
ويراهن الواقفون وراء هذه الحملة على توعية الأجيال الناشئة بمخاطر التطبيع مع المثلية الجنسية، التي باتت إيديولوجيا عابرة للحدود مدعومة من دول وشركات عالمية.
علم الاجتماع والمثلية الجنسية
الدكتور محمد شرايمي، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان، أوضح أن رغبة الذكر الجنسية في الأنثى ورغبة الأنثى الجنسية في الذكر، تعتبر شيئا طبيعيا، مستدركا: “غير أن ما هو شاذ هو أن يرغب الذكر في الذكر أو الأنثى في الأنثى، أو كلاهما في الحيوان”.
وأبرز أستاذ علم الاجتماع لهسبريس أن “الشذوذ الجنسي يتمثل في مفارقة النفس لفطرتها الإنسانية، حيث تنجذب فيها الرغبة الجنسية بين مثليين متشابهين، لذلك بدأت تحل عبارة المثلية الجنسية محل الشذوذ الجنسي ومجامعة على خلاف الطبيعة”.
وقال الدكتور شرايمي إن “الشذوذ الجنسي ظاهرة موجودة بدرجات متفاوتة في أوساط كل المجتمعات”، مؤكدا أن المجتمع المغربي ليس في منأى عن هذه الظاهرة، بل تتخفى بين ظواهره العلنية لرفض الثقافة والدين لها، مشددا على أنها ليست ظاهرة جديدة أو دخيلة، فهي معروفة التواجد في التاريخ.
وأضاف أن “الظاهرة تلقى رواجا بين مجموعة من القبائل، كما عرفت مجموعة من المدن بانتشار الشذوذ الجنسي بين مجتمع الذكور ومجتمع الإناث بين مجتمع البحارة، وبين مجتمع محاضير المعمرة/ المسجد، وبين الجنود حيث لا توجد النساء، كما تستفحل بين مجتمع النساء حيث لا يوجد الذكور. وتحمل الظاهرة عدة مسميات نسجت بخصوصها قصص ونكت ومستملحات، ولا زال الناس يتسلون بها إلى يومنا هذا”.
شجب في العلن وانغماس في السر
واستحضر الدكتور شرايمي عدم استقلالية تمثلات المجتمع المغربي في مثل هذه الظواهر، على اعتبار أن البعض منه منغمس في الظاهرة في الخفاء ويلعنها في العلن، موردا أن “الشذوذ الجنسي بدأ يخرج شيئا فشيئا إلى العلن ليصبح فعلا منظما داخل مؤسسات المجتمع المدني”.
فقد يراه البعض، يضيف الأكاديمي المغربي، ظاهرة مرفوضة لأنها تخالف تعاليم الدين والفطرة الطبيعية الإنسانية، كما قد يراه البعض الآخر حرية فردية تدخل في إطار العلاقات الرضائية وتمارس في الخفاء ما دامت لا تخدش مشاعر الرافضين لها.
وتساءل المتحدث: “ما هو مآل الشذوذ الجنسي في ظل التغيرات المجتمعية؟ وهل يصبح قضية رأي عام كالإجهاض أو الإرث ويتقبله المجتمع المغربي مستقبلا كما تقبل ظواهر كان مسكوتا عنها إلى عهد قريب على غرار التدخين بنون النسوة والأمهات العازبات الانتحار؟
حملات تبشير تحصد التعاطف مع الشواذ
محسن اليرماني، باحث في علم مقارنة الأديان، اعتبر هذه الظاهرة “حربا ضارية مناوئة للفطرة السليمة والصبغة السوية، استخدمت فيها أعتى أنواع الأسلحة من أجل التطبيع مع هذه الرذيلة”، مبرزا أن حملات التبشير هذه “نجحت إلى حد كبير في استقطاب كثيرين وانتزاع تعاطف مع الشواذ تحت مظلة الإنسانية والحرية الفردية”.
وقال الباحث اليرماني إن “جميع الشرائع والأديان تحرم هذه الفاحشة وتعدها من كبار الموبقات والفواحش، لقوله عز وجل لعباده: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن)”، مضيفا أن “القرآن الكريم ساق لنا قصة قوم لوط عليه السلام للاعتبار بما جرى لهم من عذاب الله وسخطه ومقته لهم، فأخبر عنهم بقوله تعالى: (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّن الْعَالَمِينَ، إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ)”.
وتابع اليرماني قائلا: “لقد وصل قوم لوط إلى قمة الانحدار الأخلاقي، فنالوا من نبيهم لطهارته وقداسته، قال الله تعالى: (وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُواْ أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ)، ويخبرنا الله تعالى عما حل بهم من العذاب الأليم في الدنيا بقوله تعالى: (فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ)”.