أفادت جريدة “الكونفدنسيال” الإسبانية في مقال لها نشر يوم الثلاثاء الماضي، بأن الأزمة الدبلوماسية مع الجزائر تعرف تطورات جديدة، بعد أن وصفت الحكومة الجزائرية وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس بمشعل الفتنة؛ لتلميحه أن روسيا كانت وراء قرارات الجزائر الأخيرة، وساند العديد من الوزراء هذا الطرح، متهمين فلاديمير بوتين بالوقوف وراء ذلك، منذ نهاية الأسبوع الماضي.
وجاء في المقال أيضا أن “القصر الرئاسي مونكلوا يحاول صرف الانتباه بخصوص أن تغيير الموقف بشأن الصحراء المغربية هو أصل التوتر مع الجزائر العاصمة. وفي الواقع، لم يشرح بعد الجهاز التنفيذي ذلك، على الرغم من ظهور بيدرو سانشيز في الكونغرس، واتخاذ هذا القرار التاريخي.
في مواجهة التضليل الإعلامي، يقول صاحب المقال، “ربطت بعض الأوساط هذا التوتر بين الجزائر والمغرب بقضية بيغاسوس. والادعاء بأن الرباط حاولت ابتزاز بيدرو سانشيز بمعلومات حساسة حصل عليها من خلال التجسس على هاتفه بواسطة برنامج Pegasus، قبل أن تنفي المخابرات الإسبانية هذا الطرح بشكل قاطع مستبعدة إمكانية ابتزاز المغرب لسانشيز عبر اختراق الهواتف المحمولة، كما أكدت ذلك مصادر استخباراتية لـجريدة “El Confidencial”.
في نفس السياق، تشدد المخابرات الإسبانية على عدم حدوث أي اختراق من جانبهم لتلك الهواتف في عملية معالجتها وتؤكد بأنه وللكشف عن اختراق جهاز هاتف بواسطة بيغاسوس، يجب تسليمه لمعالجته وإصلاحه. وقد كان “الوزراء في وقت سابق يسلموننا بانتظام هواتفهم لتنظيفها” تقول الصحيفة نقلا عن مصادرها المخابراتية، التي أكدت أن الأمر ليس شيئًا عاديًا وبسيطا. ورسمياً، لا يمكن المجازفة بالبثة بالقول بأن المغرب هو من تجسس على الرئيس ووزيري الدفاع والداخلية.
وأضافت الجريدة نقلا عن ذات المصادر المخابراتية نفسها، “أنه حسب السياق الدبلوماسي والمعلومات التي يتم استغلالها من طرف جواسيسنا، فإن وضع إسبانيا الحالي يُعزى إلى “ضعفها” على المستوى الدولي و”الأخطاء” التي ارتكبتها في إدارة استقبال رئيس المرتزقة، إبراهيم غالي. ويعتبرون أن الخطأ الرئيسي يتمثل في عدم إبلاغ المغرب في المقام الأول، وثانياً، الطريقة التي تم بها تدبير العملية التي كان ينبغي أن “تظل سرية”. ويعتبر وصول زعيم البوليساريو أو ما يعرف بـ”ابن بطوش” على متن طائرة رسمية متجهة إلى مدينة سرقسطة ونقله لاحقًا إلى مستشفى في منطقة لاريوخا بمثابة “مهمة فاشلة”.
وفي ذات السياق تابعت الجريدة: “إنه منذ هذه اللحظة، بدأت إسبانيا تعاني من مشاكل مع حليفها التقليدي المغرب، وكان هناك تعاون بين المخابرات الإسبانية-المغربية والإسبانية-الجزائرية. لقد حافظ بلدنا على توازن صعب في المعلومات مقابل سلام دبلوماسي هش للغاية. وفي هذه المرة، لم تنحاز الولايات المتحدة، المؤيدة للاعتراف بحقوق المملكة المغربية على صحرائها، إلى حكومتنا، حسب دوائر قريبة من وزارة الدفاع”.
وأضاف المصدر: “المخابرات الإسبانية، كما فعلت في النزاعات السابقة، تدافع عن الدور المحوري والحاسم لإسبانيا في المنطقة. و”تبعيتها الاستراتيجية” للولايات المتحدة الأمريكية، باعتبارها تستضيف على أراضيها قاعدتين عسكريتين أمريكيتين الشيء الذي كان ينبغي شرحه بوضوح لمسؤولي البيت الأبيض. “لقد تجاهلونا لصالح المغرب”، تقول المخابرات متأسفة حول هذا الوضع”. وفي هذا الصدد ترى الصحيفة أن الأجهزة المخابراتية في الوقت الحالي متفائلة بشأن حل هذه الأزمة مع الجزائر، لكنها تنتقد حماقة الحكومة في دفع الجزائريين لخدمة بوتين.
وأكد المصدر أن وزير الخارجية خوسيه مانويل ألباريس قد التقى قبل أيام قليلة من قطع العلاقات الجزائرية مع إسبانيا، برؤساء الأجهزة السرية الرئيسية في العالم، حيث تقابل مع قادة la CIA وM 6 وحلل الوضع العالمي والجغرافيا السياسية. وكان إلى جانبه الرئيس السابق لـلحزب الشعبي Pablo Casado، وهو السياسي الإسباني الوحيد الذي تمت دعوته، إلا أنه لم يستطع إدراك العاصفة التي كانت تختمر.
فنهاية نظرية الابتزاز لسانشيز تجرد الحزب الشعبي من حججه، حيث اعترف بشكل خاص بأن هذه النظرية جاءت من أجل ملء فراغ في وجه التضليل الإعلامي وصمت السلطة التنفيذية. فداخل قصر مونكلوا، وضعت قضية بيغاسوس الرجل القوي للرئيس، فيليكس بولانيوس وزير شؤون الرئاسة الإسباني، على المحك. وكان هو من نصح بنشر قضية التجسس هذه على الملأ. وعليه الآن أن يقدم أمام القاضي الأدلة التي أخفيت عن الحلفاء والمعارضة في الكونغرس.