يبدو أن القائمين على القطاع الصحي بالمغرب، يسيرون عكس التوجهات الملكية، حيث بالرغم من الإشارات القوية لعاهل البلاد والتعليمات الصارمة من أجل تلبية حاجيات المواطنين في مختلف المجالات لاسيما الحيوية منها كالمستشفيات، إلا أن واقع الأمر يعكس صورا مغايرة تماما، ومستشفى الحسني بالناظور خير دليل على ذلك، إذ لا وجود في المرفق لأي إشارة تجعل المريض يطمئن إزاء حالته حين دخوله لهذا المرفق الذي أصبحت حالته تسوء يوما بعد آخر دون تسجيل أدنى تدخل من أي جهة كانت سواء الحكومة أو وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت طالب.
فـالأخبار التي أصبحت تصل من المستشفى الحسني بالناظور، لا تبشر بالخير تماما، حيث إن أغلب المرضى أو عائلاتهم الذين يقصدون مستعجلاته أو أقسامه الأخرى، يغادرونه وعلى ملامحهم علامات غضب شديد، منهم من يعبر بالاستنكار ويتنظر رحمة الله أما من يتوفرون على شيء من المال فإنهم يلتجئون للمصحات أو العيادات الخاصة لتلقي العلاج. لا موارد بشرية كافية، ولا تجهيزات، ولا أسرة نظيفة، ولا أجهزة تساهم في الكشف والتشخيص. الحالة كارثية من جميع النواحي، هكذا يصف أغلب المواطنين هذا المكان الذي أضحى يثير الخوف والفزع في النفوس بمجرد ذكر اسمه.
وفي هذا الإطار، أكد الكثير من، أنهم عانوا كثيرا أثناء زيارتهم للمستشفى الحسني خلال مناسبات كثيرة أو واحدة على الأقل، موضحين أن أول مشكل يعترضهم هو الاصطدام مع رجال الأمن الخاص الذين يحاولون فرض سياستهم الغريبة في الباب الخارجي، حيث تروي تجارب عدد من المرضى أن نفستيهم ساءت كثيرا بسبب سلوكيات “الأمن الخاص”، الأمر الذي جعل بعضهم يغيرون وجهتهم إلى المصحات الخاصة بالرغم من قدرتهم الشرائية الضعيفة وعدم توفرهم على المصاريف الكاملة للعلاج.
ونقل آخرون، معاناتهم مع مسلسل البحث عن أبسط مسكن للآلام يفترض أن يكون متوفرا في المستشفى، كـ “سيروم الباراسيتامول” و الحقن والأنابيب التي تستعمل في حقن المرضى، حيث يضطرون في ساعات متأخرة من الليل البحث عن وسيلة نقل تقلهم إلى صيدلية الحراسة لاقتناء ما يتطلبه التدخل العلاجي.
وتفاجأت صيدليات في أكثر من مرة من مرضى يطلبون منها خلال المداومة الحصول على بعض الأدوية والأنابيب الطبية، بالرغم من أن هذه المنتجات الطبية تخصص حصريا للمستشفيات وتمنح لها من طرف وزارة الصحة، الأمر الذي يجعل بعض المهنيين في حيرة من أمرهم حيث يتوسلون إلى شركات الأدوية تزويدهم ببعض “السيرومات” والحقن مراعاة لاحتياجات المرضى.
يقع هذا، في وقت لم تقدم فيه الزيارات الأخيرة لوزير الصحة إلى الناظور، أي جواب بشأن أسباب تأخر بناء المستشفى الإقليمي الجديد، وتاريخ افتتاحه، وذلك في ظل عدم اكتمال ميزانيته وتأخر أشغاله التي تسير بوتيرة بطيئة منذ تدشينه قبل سبع سنوات من طرف الوزير السابق لحسن الوردي.
المستشفى الحسني، الذي أضحى عبارة عن بناية لا تفي بمتطلبات المرضى بإقليم الناظور، أقرت وزارة الصحة ومسؤولون محليون في الكثير من الأحيان بانتهاء صلاحيته، وذلك عبر تصريحات وآراء تحمل أجوبة ضمنية تؤكد هذا المعطى، وما يزيد الطين بلة هو شكايات المواطنين والسخط العارم على المؤسسة بسبب نقص تجهيزاتها ومرافقها ومواردها البشرية.
وفي الوقت الذي استبشرت فيه الساكنة خيرا، بتدشين مستشفى جديد، تضاءلت آمال الساكنة نتيجة تأخر أشغال الإنجاز، هذه الأخيرة بلغت في 6 سنوات 35 بالمائة فقط، في وقت خصصت له الحكومة هذه السنة غلافا ماليا قدر بأزيد ب54 مليون درهم تنضاف لـ 135 مليون درهم صرفتها الحكومة على المشروع في الفترات الماضية، في حين أن الميزانية الكاملة للمشروع حددت في 536 مليون درهم.
عدم تمكن الحكومة من رصد الميزانية الكافية للمشروع منذ تدشينه إلى غاية اليوم، أدى إلى تأخر أشغال بنائه، لتبقى جاهزية هذا المستشفى مؤجلة إلى تاريخ لاحق، وهو ما يرفع من تخوف المواطنين ويجعل أغلبية المرضى وعائلاتهم يبحثون عن العلاج في مدن بعيدة، لاسيما المصابين منهم بالأمراض المستعصية والمزمنة، ناهيك عن انتشار الأخبار السلبية حول المستشفى الحسني والتي رفعت من تخوف الأهالي وتجعلهم يرفضون اللجوء لهذه المؤسسة الصحية من أجل طلب العلاج.
وفي ظل ذلك، تحمل ساكنة الناظور مسؤولية تردي الوضع الصحي بالإقليم، للبرلمانيين الذين أصبحوا غير قادرين على الترافع الجدي من أجل جلب مكتسبات جديدة للإقليم بالرغم من دخول فترتهم الانتدابية عامها الثالث، هذا إضافة إلى الحكومة ووزارة الصحة اللتان أصبحتا لا تعيران أدنى اهتمام للقطاع محليا.