تعود مناورات الأسد الإفريقي إلى المغرب مجددا في نسخة سنة 2022، بعد توالي نجاح التجارب الماضية من هذه التداريب العسكرية المشتركة بين جيوش دول عديدة، الهادفة أساسا إلى تطوير التنسيق بينها.
وتشارك في النسخة الحالية 18 دولة، تتقدمها الولايات المتحدة الأمريكية. وتشمل مناطق التداريب القنيطرة وأكادير وطانطان وتارودانت، ثم قطاع المحبس الذي يكرس مساندة المشاركين للطرح المغربي في قضية الصحراء.
وتأتي تدريبات هذه السنة في سياقات دولية صعبة يطبعها بروز تقاطبات حادة جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وانقسام المواقف الدولية بين مساندة لروسيا وأخرى معارضة لها، فيها اختار المغرب موقف الحياد.
منطق العادة
محمد شقير، خبير عسكري مغربي، اعتبر أن المناورات أصبحت تدخل ضمن منطق العادة، مؤكدا أن الاستراتيجية الأمريكية تتجه أساسا نحو محاربة الإرهاب والحفاظ على استقرار المنطقة المتوسطية.
وأضاف شقير، في تصريح لهسبريس، أن أهم نقطة يحصل عليها المغرب هي تكريس اعتراف الدول المشاركة بمغربية الصحراء، وذلك من خلال احتضان قطاع المحبس لهذه التداريب العسكرية.
وأشار الخبير العسكري عينه إلى أن الدور الاستراتيجي للمغرب ثابت، وأصبحت المملكة حلقة استراتيجية دولية، خصوصا في قضايا محاربة الإرهاب، فهي البلد الوحيد المستقر في منطقة تعاني اختلالات متفرقة بين ليبيا وتونس.
وسجل شقير أن الجزائر، في المقابل، دولة لا تثق فيها المنظومة الدولية، مؤكدا صعوبة الاستغناء عن المغرب كحليف في المنطقة، خصوصا في ظل الأدوار التي يلعبها على أصعدة عدة.
علاقات مع الجميع
عبد الفتاح الفاتيحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، سجل أن مناورة الأسد الإفريقي ممتدة في تاريخ التحالف المغربي الأمريكي، وكانت نتاجا لتطور علاقات التعاون العسكرية المبنية على ظروف سابقة عن الحرب الروسية الأمريكية وعن تطور السياسة الخارجية الأمريكية حيال من تراهم خصوما لها على قيادة العالم.
وأضاف الفاتيحي أن “المناورة هي التزام دولي لتعدد الدول المنضوية تحتها والمشاركة فيها، بل يمكن القول إنها جزء من تكتيك مغربي لتقوية نفوذه العسكري إقليميا ودوليا لأسباب تتعلق بحماية أمنه القومي الداخلي ولتأمين مجاله الحيوي في إفريقيا حيث توجد استثمارات مغربية كبيرة”.
واعتبر المصرح لهسبريس أن “المغرب أصبح مخاطبا نافذا عن إفريقيا في قضايا أمنية وعسكرية، وأيضا اقتصادية”، موردا أنه مطلوب أن يقوي المغرب نفوذه العسكري لتأمين مقدراته الاستثمارية في إفريقيا، ما سيجعل منه دولة رائدة في حسابات تفاعل العلاقات الدولية.
وعلى الرغم من ذلك، يرى فاتيحي أن المغرب يبقى دولة من دول عدم الانحياز تتجه دائما نحو تطوير علاقاتها الدولية مع الجميع وفق مقاربة أكد عليها الملك في القمة المغربية الخليجية سنة 2015 بحديثه عن تنويع المغرب علاقاته لضمان استقلالية قرارات سياسته الخارجية.