تستعد الحكومة لإحالة مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، الذي صادق عليه المجلس الوزاري في اجتماعه يوم الأربعاء الماضي برئاسة الملك محمد السادس إلى مجلس النواب.
ويظهر من مضامين المشروع أن الدروس المستفادة من تدبير جائحة كورونا تم استحضارها خلال إعداد هذا النص.
في هذا الصدد، يضع مشروع القانون الإطار على الدولة مسؤولية اتخاذ التدابير اللازمة للوقاية من الأخطار المهددة للصحة في إطار سياسة مشتركة متكاملة ومندمجة بين القطاعات وبتنسيق مع جميع الفاعلين المعنيين.
كما تتخذ الدولة، حسب المشروع، كلما كانت حياة الأشخاص وسلامتهم مهددة من جراء انتشار أمراض معدية أو وبائية التدابير الاستعجالية اللازمة لحمايتهم من هذه الأمراض والحد من انتشارها، تفاديا للأخطار التي يمكن أن تترتب عليها.
وإلى جانب مسؤولية الدولة في حماية المواطنين من الأخطار المهددة للصحة، ألزم المشروع كل شخص بمراعاة قواعد وتدابير الحماية العامة للصحة التي تقررها المصالح الصحية العمومية.
المشروع ذاته أوجب على المصالح الصحية العمومية، في حالة إصابة شخص بمرض منقول يشكل خطرا وبائيا على الجماعة، إخضاعه، طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، للعلاجات والتدابير الوقائية المناسبة لحفظ الصحة. كما يمكن أن يتخذ، عند الاقتضاء، الإجراء نفسه إزاء الأشخاص الذين يخالطهم.
عرض العلاجات
نص المشروع على تنظيم عرض العلاجات على صعيد كل جهة وفق الخريطة الصحية الجهوية لعرض العلاجات؛ وذلك على أساس احترام مسلك العلاجات الذي يبتدئ وجوبا بالمرور بمؤسسات الرعاية الصحية الأولية بالنسبة إلى القطاع العام أو من طبيب الطب العام بالنسبة إلى القطاع الخاص.
ومن أجل ذلك، تضع الإدارة خريطة صحية وطنية تحدد التوجهات العامة لتوزيع عرض العلاجات في ضوء التحليل الشامل لعرض العلاجات المتوفر واستنادا إلى المعطيات الجغرافية والديموغرافية والوبائية على الصعيد الوطني.
كما ستضع كل مجموعة من المجموعات الصحية الترابية، في إطار التوجهات العامة للخريطة الصحية الوطنية، خريطة صحية جهوية لعرض العلاجات تتضمن جردا شاملا لعرض العلاجات بالقطاعين العام والخاص.
وتحدد هذه المجموعات الصحية الترابية بالنسبة للقطاع العام الإجراءات والتدابير الكفيلة بضمان الاستجابة على النحو الأمثل لحاجيات الساكنة من العلاج والخدمات الصحية على المستوى الجهوي؛ وذلك من خلال حصر التوقعات المرتقبة على الخصوص فيما يتعلق بالمؤسسات الصحية والأسرة والأماكن، والتخصصات والمنشآت الثابتة والمتنقلة، والتجهيزات الثقيلة، وكذا توزيعها المجالي.
كما تحدد الإجراءات والتدابير الكفيلة بتحقيق الانسجام والإنصاف في توزيع الموارد البشرية والمادية على الصعيد الجهوي، وتقليص التفاوتات داخل الجهة المعنية في مجال عرض العلاجات.
الشراكة بين القطاعين العام والخاص
أتاح مشروع القانون الإطار إمكانية عقد شراكات بين القطاعين العام والخاص، وحسب المشروع فإن الدولة تتخذ التدابير اللازمة لإقامة شراكة بين القطاعين العام والخاص مراعاة لخصوصيات قطاع الصحة وما تقتضيه من تكامل وتعاضد في استعمال الإمكانات والتجهيزات والبنيات والمنشآت المتوفرة لدى المؤسسات الصحية.
ويفتح المشروع الباب أمام المؤسسات الصحية التابعة للقطاع العام بالاستعانة كلما دعت الحاجة إلى ذلك، بخدمات المهنيين بالقطاع الخاص لإنجاز مهام محددة، وفق شروط سيتم تحديدها في نص تنظيمي.
تأهيل الموارد البشرية
وفقا لهذا المشروع، سيتم إخضاع الموارد البشرية العاملة بقطاع الصحة في القطاع العام لأحكام نظام أساسي، يتخذ بقانون يحدد على الخصوص الضمانات الأساسية الممنوحة لها وحقوقها وواجباتها ونظام أجورها الذي يقوم في جزء منه على ربط الأجر بإنجاز الأعمال المهنية.
كما تسهر الدولة على إرساء نظام للتكوين يتعلق بالمهن الصحية، والعمل على ضمان جودة التكوينات المقدمة والرفع من مردوديتها.
ويهدف نظام التكوين إلى الاستجابة لحاجيات البلاد من الأطر الصحية؛ وذلك من خلال: توفير تكوين أساسي متطور وتكوين مهني متخصص في مختلف المجالات الصحية، يعتمد معايير الجودة والنجاعة والمهنية والكفاءة والتأهيل المستمر للأطر الصحية وسائر العاملين بالقطاع العام الصحي بمختلف أصنافهم وفئاتهم.
وحسب المشروع، تضطلع مؤسسات التكوين في المجال الصحي في القطاعين العام والخاص بمهام التكوين الأساسي والمتخصص والمستمر في مختلف التخصصات. كما تعمل الدولة والهيئات العامة والخاصة الأخرى على اتخاد جميع التدابير اللازمة لتشجيع الفاعلين المعنيين على تطوير مشاريع بحثية مبتكرة، وإنجاز برامج علمية متخصصة في المجالات الصحية ذات الأولوية الوطنية.
هيئات التدبير والحكامة
من المرتقب أن يتم إحداث هيئة عليا للصحة تتولى، على وجه الخصوص، التأطير التقني للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض وتقييم جودة خدمات المؤسسات الصحية وإبداء الرأي في السياسات العمومية في ميدان الصحة. كما سيتم إحداث مجموعات صحية ترابية في شكل مؤسسات عمومية تتولى، على الصعيد الجهوي، تنفيذ سياسة الدولة في مجال الصحة. وتضم كل مجموعة جميع المؤسسات الصحية التابعة للقطاع العام الموجودة داخل دائرة نفوذها الترابي.
ووفق مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، فإنه سيتم إحداث مؤسستين عموميتين؛ تكلف إحداهما بالأدوية والمنتجات الصحية، والأخرى بالدم ومشتقاته.