أصبح موضوع المعطيات ذات الطابع الشخصي يحظى باهتمام بالغ في ظل تطور التكنولوجيات الحديثة التي ينتج عن استعمالها غير المنظم مساس بحقوق المواطنين في هذا الصدد، وهو ما يستدعي تطويرا للإطار القانوني وتوعية أكبر لدى المؤسسات والمواطنين.
بدأ المغرب الاهتمام بهذا الموضوع منذ سنوات إلى أن اعتمد القانون رقم 08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي سنة 2009، الذي تلته نقاشات واسعة أسفرت عن توقيع مذكرات جعلت عددا من المؤسسات العمومية والخاصة تولي اهتماما لحماية هذه المعطيات.
لرصد تحديات هذا الموضوع، استضافت هسبريس عمر السغروشني، رئيس اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، وهي لجنة يعين الملك رئيسها وتضطلع بمهمة التحقق من أن عمليات معالجة المعطيات الشخصية تتم بشكل قانوني وأنها لا تمس بالحياة الخاصة أو بحقوق الإنسان الأساسية أو بالحريات.
كما تطرق الحوار مع السغروشني لموضوع الحق في الوصول إلى المعلومات، على اعتبار أن ضيفنا يرأس أيضا لجنة الحق في الحصول على المعلومات، حيث قدم لنا حصيلة عمل اللجنة والتقاطع بين الحق في الحصول على المعلومات وحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
وهذا نص الحوار:
مرت 13 سنة على اعتماد القانون المتعلق بمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، أي حصيلة في هذا الصدد؟
تمت المصادقة على القانون رقم 08.09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي بتاريخ 18 فبراير 2009 ومرسومه بتاريخ 21 ماي 2009. تم تعيين أعضاء اللجنة ورئيسها من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، يوم 28 يوليوز 2010. وترأس مراسم تنصيبهم الوزير الأول آنذاك السيد عباس الفاسي يوم 31 غشت 2010، وصدر الإشعار بهذا التعيين في الجريدة الرسمية عدد 5891 بتاريخ 15 نونبر 2010.
لقد قطعت اللجنة أشواطا مختلفة، وما يمكنه أن يقال اليوم هو أن هذه اللجنة عاشت وعايشت قضايا مختلفة في حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
تشتمل الحصيلة على مجموعة من الإنجازات، من ضمنها مواكبة ثقافة الثقة الرقمية لدى المؤسسات العمومية والخصوصية، وكذا المواطنين بصفتهم الذاتية، حيث أصبحوا أكثر إلماما بحقوقهم فيما يتعلق بحماية معطياتهم ذات الطابع الشخصي بعد عمليات تحسيسية لدى عدة مؤسسات تنتمي إلى قطاعات مختلفة. وتوجت هذه المرحلة بتفعيل برامج DATA TIKA الذي تخص، منذ سنة 2020، القطاع العام والقطاع الخاص وحتى جمعيات المجتمع المدني.
تشهد اليوم عمليات الملاءمة تزايدا ملحوظا من سنة إلى أخرى، مصحوبا بارتفاع عدد الشكايات. ويدل ذلك على أن المواطنين يزدادون وعيا بالنسبة لحقوقهم وبالنسبة لمفاهيم حماية الحياة الخاصة. وللتذكير، فقد توصلت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بسبع شكايات خلال سنة 2012، مسجلة تزايدا مستمرا، ليصل بذلك عددها إلى 506 شكايات سنة 2017، 492 شكاية سنة 2018، 578 شكاية سنة 2019، 993 شكاية سنة 2020، 1343 شكاية خلال سنة 2021، وإلى حدود يوم 23 يونيو 2022، توصلت اللجنة بـ632 شكاية.
هل هناك ضرورة لمراجعة القانون 09.08 لمواكبة كل المستجدات والتغيرات التي طرأت بعد عقد من صدوره؟
كل القوانين هي موضوع مراجعات مستمرة بغية ضمان مسايرتها للتحولات وتطورات العصر من منظور الاستعمالات والتكنولوجية المتاحة، وذلك مع مطابقتها لمقتضيات القوانين المغربية وكذا الواقع المغربي والدولي.
فيما يخص القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، ما زالت المفاهيم والمبادئ قائمة ولكن من المحبذ التوضيح والتركيز على بعض التأطيرات اللازم أخذها بعين الاعتبار لتسهيل وتوضيح بعض الممارسات واستحضار بعض المعايير الدولية.
هل من السهل حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي في العصر الحالي مع تطور وسائل التكنولوجيا وكثرة استخدامها؟
يستدعي تعدد وتطور وسائل التكنولوجيا الحديثة مجهودات مستمرة على المستوى التشريعي والتطبيقي قصد حماية استعمال المعطيات ذات الطابع الشخصي من طرف هذه الوسائل التكنولوجية، وكذا العمل على التوعية من خلال الخرجات الإعلامية والأنشطة المتعددة التي تقوم بها اللجنة في سبيل مساهمتها في تركيز الثقة الرقمية التي تشكل اللبنة الأساسية لتشجيع عمليات رقمنة المجتمع. في هذا السياق، نلاحظ في بعض الأحيان نوعا من التناقض أو السكيزوفرينية بين الحصول على استعمالات سهلة، خاصة عبر المنصات الرقمية الدولية والشبكات الاجتماعية من جهة، والرغبة في حماية الحياة الخاصة والمعطيات ذات الطابع الشخصي من جهة أخرى. يجب علينا خلق ثقافة توازن تكون مقبولة اجتماعيا وملائمة للقانون.
هل تطور مفهوم المعطيات ذات الطابع الشخصي مع تطور استعمال التكنولوجيا؟ وماذا يشمل حاليا؟ وماذا عن المعطيات السلوكية؟
يتطور مفهوم المعطيات ذات الطابع الشخصي مع التطورات التكنولوجية نظرا لانبثاق وسائل وتجهيزات حديثة باستمرار تمكن استعمالات لم تكن متاحة في الأزمنة الفارطة، مما يستدعي الإلمام التام بمفهوم المعطيات ذات الطابع الشخصي التي يحددها الفرع الأول من القانون على أنها كل معلومة كيفما كان نوعها بغض النظر عن دعامتها، بما في ذلك الصوت والصورة، المتعلقة بشخص ذاتي معرف أو قابل للتعرف عليه والمسمى “بالشخص المعني”.
وقد أعلنت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي أن 2022 سنة المعطيات السلوكية بامتياز، وهي السنة التي تعكس العادات السلوكية والاستهلاكية التي تستخرج من تصفح الويب والتنقلات والأنشطة اليومية وما إلى ذلك. وتعد حماية المعطيات السلوكية اليوم قضية استراتيجية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي للمواطن ضمن المنظومة الرقمية. فعلى سبيل المثال، عندما تتجولون من موقع إلكتروني إلى موقع آخر، تنتجون مجموعة من المعطيات لها دلالة خاصة بالنسبة لشخصيتكم ولحياتكم الخاصة. يجب تصنيف هذه المعطيات لتحديد ما هو مقبول مشاركته مع العموم وما يجب حمايته.
ما هي التحديات التي برزت أمام اللجنة مع جائحة فيروس كورونا المستجد؟
اشتغلت اللجنة إبان وغداة فترة الجائحة على تعزيز أدوات عملها ونشرها في جميع أنحاء التراب الوطني والتدخل بعمق في جميع القطاعات. إذا أردنا إرساء ثقافة الرقمنة اللازمة في بلادنا، يجب أن نخلق الشرط الأساسي المرتبط بالثقة الرقمية من خلال المساهمة في ضمان حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي داخل المجتمع المغربي، “لعيش رقمي سليم، يجب تنفس حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي”.
وعلى سبيل المثال، يجدر بذلك ذكر بعض المداولات التي تضم مواضيع تخص العمل عن بعد، فتح الحسابات البنكية عن بعد، تقنيات التعرف على ملامح الوجه المستعملة من طرف مؤسسات الضمان الاجتماعي (بدل الإدلاء بشهادة الحياة)، منهجية تقييم المعطيات ذات الطابع الشخصي، معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي في سياق تدبير المراسلات داخل دواليب المؤسسات، وكذا استعمالات أجهزة قياس الحرارة…
وقعت اللجنة مذكرات تفاهم واتفاقيات مع عدد من المؤسسات، ما الهدف منها؟ وما خصوصية تلك الموقعة مع المديرية العامة للأمن الوطني ومايكروسوفت؟
الهدف من توقيع اللجنة مذكرات التفاهم والاتفاقيات، هو تنظيم ورشات عمل وجلسات تبادل الأفكار، ودورات تحسيسية وطنية بهدف ترسيخ ثقافة الرقمنة من خلال وضع برامج للتوعية حول حماية المواطن بصفة عامة داخل المنظومة الرقمية. كما تهدف هذه المبادرات إلى اعتماد مقاربة تشاركية تروم الرصد الدقيق والتوظيف الأمثل للمعطيات الرقمية، حتى تكون تدخلات الشركاء مندمجة وتضبط استهداف المستفيدين من الخدمات الاجتماعية، بنجاعة وفعالية، وكسب ثقة هذه الفئات لضمان القيام بخدماتهم في بيئة تتجاوب مع ضوابط الحكامة الجيدة، بغية وضع وتحديث المبادئ التوجيهية.
في مداولتها بتاريخ 23 أبريل 2020 الخاصة بفتح حسابات بنكية عن بعد وتلك المسجلة بتاريخ 08 يوليوز 2020 المتعلقة بهندسة الرموز التعريفية، أكدت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي على أهمية الترسيخ على المستوى الوطني لمفهوم الطرف الثالث الموثوق به، الذي سيكون تحت إدارة المؤسسة السيادية المكلفة بتدبير بطاقة التعريف الوطنية. فمن البديهي أن يكون من الصعب إتاحة كل مؤسسة تقدم الخدمات (الأبناك، شركات التأمين، إدارات شركات النقل واللوجستيك) قواعد بيانات التعريف الخاصة بها، كل واحدة على حدة، حيث يمكن أن تشكل هذه المسألة مضاعفة مخاطر تسربات (leaks) وعدم حماية الحياة الخاصة. فاللجوء إلى الطرف الثالث الموثوق به، عملية تساهم ضمنيا في حماية الحياة الخاصة وعدة مؤسسات، من بينها الأبناك التي دخلت في هذا المشروع المهم الذي أنجزته المديرية العامة للأمن الوطني (DGSN).
بالنسبة للمديرية العامة للأمن الوطني، ففي إطار اللجوء إلى الطرف الثالث الموثوق به، المكلف بإثبات هوية مستخدمي الخدمات الرقمية، وقعت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي (CNDP) والمديرية العامة للأمن الوطني (DGSN) مذكرة تفاهم حول الاحتياجات الخاصة بمنصات التجريد المادي للجنة الوطنية، قيد الإعداد.
وبموجب مذكرة التفاهم هذه، تخول المديرية العامة للأمن الوطني للجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي استخدام الوظائف التقنية للبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية (CNIE).
بالنسبة لمايكروسوفت (Microsoft)، أعلنت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي (CNDP) ومايكروسوفت (Microsoft) عن طرق تشغيل لضمان مطابقة القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين إزاء معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي والزبائن المغاربة المسؤولين عن المعالجة الذين يستخدمون منصة أوفيس 365 Office. في إطار العمل المنجز بين الطرفين، وفرت مايكروسوفت للجنة كل الضمانات اللازمة للاستمرارية والمطابقة القانونية التي تفرضها مقتضيات القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
عندما يتم تجميع المعطيات ذات الطابع الشخصي من لدى المواطنين والأشخاص المقيمين في المغرب، تتم معالجة المعطيات المجمعة في أماكن تخضع للقانون 09.08 أو قوانين شبيهة. فعندما تزعم بعض المنصات الدولية أنها فوق القوانين الوطنية، يشكل ذلك خرقا ومشكلا من منظور حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. فالتوقيع ما بين اللجنة الوطنية ومايكروسوفت يوضح أنه يكفي وجود نقاش هادئ وذكي فيما بين الأطراف المعنية قصد التوافق حول حلول مقبولة من طرف الجميع. ونأمل أن يتم توسيع رقعة هذه الاتفاقيات لتشمل شركات دولية أخرى.
بدأت اللجنة مفاوضات مع فيسبوك منذ سنوات بخصوص حماية ومكان استضافة المعطيات الشخصية للمواطنين المغاربة والمقيمين في المغرب، أين وصل هذا المسار؟
فعلا، انطلقت المشاورات مع فيسبوك منذ سنوات وأسفرت عن وضع آليات ومنصات مخصصة للمعالجة الفعالة للشكايات الموجهة إلى اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، والمتعلقة بانتهاك الحياة الخاصة واستعمال الصورة أو المعطيات المنافية للأخلاقيات، وانتحال الهوية، والحق في النسيان، وتحديد الموقع الجغرافي، والتصنيف الذي تقوم به شبكات التواصل الاجتماعي المملوكة من طرف شركة فيسبوك، والقيام على وجه السرعة دون مزيد من التأجيل بتفعيل آلية (Data Protection Authority Casework) المعروفة باسم (Équipe DPA Casework) التي تم إنشاؤها بهدف تقديم مساعدة متخصصة ومحددة للسلطات المكلفة بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
كما تهم هذه المشاورات التأكد من أن مراكز المعطيات (Data Centers) التي تقوم باستضافة المعطيات ذات الطابع الشخصي للمواطنين المغاربة والمقيمين الأجانب في المغرب، سواء تعلق الأمر بالمعطيات المجمعة مباشرة من الأشخاص المعنيين بعد الحصول على موافقتهم أو تلك الناتجة عن طريق استعمالاتهم (المعطيات السلوكية)، متواجدة في بلدان تعتبرها اللجنة الوطنية متوفرة على الحماية الكافية من حيث حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي.
تندرج هذه المشاورات في سياق المشاورات بين اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي وشبكة الهيئات الإفريقية لحماية المعطيات الشخصية، وكذا المؤسسات الأوروبية والدولية بصفة عامة؛ إذ تتولى اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي منصب الأمانة الدائمة لشبكة الهيئات الإفريقية لحماية المعطيات الشخصية منذ فبراير 2018. وتتوخى اللجنة من خلال هذه المشاورات الأخذ والرد قصد التوصل إلى الاتفاقية نفسها مع مايكروسوفت، شكلا ومضمونا.
بخصوص المعطيات البيومترية، لوحظ في السنوات الأخيرة لجوء عدد من المؤسسات من القطاعين العام والخاص لإنشاء قاعدة بيانات خاصة بها، كيف تتعامل اللجنة مع هذا الأمر؟
أوصت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي بحصر انتشار قواعد المعطيات البيومترية لضمان إثبات هوية عملائها أو مستخدميها لكي تستند هذه المؤسسات إلى الطرف الثالث الموثوق به؛ إذ تندرج المعطيات البيومترية، حسب القانون رقم 09.08، ضمن المعطيات الحساسة ككل من الأصل العرقي أو الإثنى أو الآراء السياسية أو القناعات الدينية أو الفلسفة أو الانتماء النقابي للشخص المعني، أو تكون متعلقة بصحة الشخص المعني، بما في ذلك المعطيات الجينية.
وبغية معالجة المعطيات البيومترية، تضع اللجنة ضوابط عدة تستوجب النسبية واللجوء إلى معالجة معطيات من نوع آخر تعوض المعطيات البيومترية، مع التذكير بأن مهام اللجنة تتجلى في وضع ضوابط لاحترام الحياة الشخصية والمعطيات ذات الطابع الشخصي وليس لوضع عراقيل، ولكن من واجبها أن تضع ضوابط كلما اقتضى الحال.
بخصوص محور الحق في الحصول على المعلومات، أكمل القانون المتعلق بهذا المجال ثلاث سنوات، ماذا تحقق على أرض الواقع؟
أكمل القانون 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات 3 سنوات وتم اغتنام هذه الفرصة بعقد لقاء وطني بمدينة صفرو يوم 19 مارس 2022 جرى فيه تقديم معايير تقييم الحق في الحصول على المعلومات، وتمت دعوة الأشخاص المكلفين بالحق في الحصول على المعلومات بالجماعات الترابية والإعلان عن إطلاق المشاورات الوطنية حول معايير تقييم الحق في الحصول على المعلومات.
كما تم تنظيم لقاء تواصلي بمدينة زاكورة يوم 7 ماي 2022 استهدفت من خلاله لجنة الحق في الحصول على المعطيات الأشخاص المكلفين بالحصول على المعلومات. والمراد بهذه المشاورات ترسيخ الثقة في المعطيات لدى المواطن ومحاربة المعلومات الزائفة وكذا محاربة الفساد من خلال تفعيل مقتضيات القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، ونحن الآن بصدد تهييئ أنشطة أخرى.
ما هي المعيقات التي تحد من الحق في الحصول على المعلومات في المغرب؟
توجد تحديات تتعلق بتطبيق القانون مرتبطة أساسا بتوعية المواطنين بأهمية ممارسة سلسة لحقهم في الحصول على المعلومات، بالإضافة إلى تحديات تتعلق بالإدارات والمؤسسات والهيئات المعنية والمذكورة في المادة 2 من القانون رقم 13-31 لتطبيق مقتضيات هذا القانون، بطريقة عادية وموضوعية.
ما هي حدود الحق في الحصول على المعلومات؟
يعطي القانون رقم 31.13 للمواطنات والمواطنين الحق في الحصول على المعلومات المعبر عنها في شكل أرقام أو أحرف أو رسوم أو صور أو تسجيل سمعي بصري أو أي شكل آخر، المضمنة في مستندات أو دعامات مختلفة. هناك استثناءات في القانون تتعلق بأمن الدولة والدفاع الوطني والعلاقات الدولية، وكذا بالحياة الخاصة للمواطنين والمواطنات، وتلك المتعلقة بحرياتهم وحقوقهم وغيرها. والجهة المكلفة بتوفير المعلومات المطلوبة هي كل مؤسسة لجأ إليها المواطن في إطار مهام المرفق العام.
لا تزال بوابة “شفافية” الخاصة بطلب المعلومات تابعة لوزارة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، هل من المفروض أن يستمر الوضع كذلك أم يجب أن تشرف عليها لجنة الحق في الحصول على المعلومات بتنسيق مع مختلف القطاعات؟
كما ينص عليه القانون رقم 31.13، كل مؤسسة مذكورة في المادة 2 من القانون مسؤولة على إدلاء المواطنين بالمعلومات المطلوبة، وذلك باستعمال طلب يحترم النموذج الذي وضعته اللجنة طبقا للمادة 14 من القانون، بحيث يقدم الطلب الأول إلى المؤسسة على مستوى الشخص المعين والمكلف بتدبير الحق في الحصول على المعلومات، فيشكل هذا الإجراء المستوى الأول. وإذا لم يتم الجواب على الطلب في غضون المدة القانونية، يتقدم المواطن بشكاية إلى رئيس المؤسسة، ويشكل هذا المستوى الثاني. وفي حالة عدم الجواب، يقدم المواطن شكاية إلى لجنة الحق في الحصول على المعلومات، وهي الهيئة الوطنية المكلفة بحسن ممارسة هذا الحق الدستوري الذي يهم مؤسسات، البعض منها إدارية وحكومية تنفيذية والبعض الآخر تشريعية أو قضائية أو دستورية.
منصة “شفافية” تهم مستويين من المؤسسات الإدارية والحكومية، ولكن ذلك لا يمنع من الاشتغال في إطار مشروع شمولي لتبسيط المساطر من جهة، واحترام مبدأ فصل السلط من جهة أخرى، وستشتغل في هذا المشروع لجنة الحق في الحصول على المعلومات طبقا لما يخوله لها القانون، مع مختلف الأطراف المنصوص عليها في المادة 2 من القانون رقم 31.13.
من بين أبرز ما جاء في القانون 31.13 مقتضى النشر الاستباقي للمعلومات، إلى أي حد يتم تطبيق هذا الأمر من طرف المؤسسات المعنية به؟
المادة 10 من القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات واضحة فيما يخص النشر الاستباقي الذي يجب ترسيخه وإرساؤه طبقا لمقتضيات القانون، والذي ينص عليه كالآتي:
الاتفاقيات التي تم الشروع في مسطرة الانضمام إليها أو المصادقة عليها.
النصوص التشريعية والتنظيمية.
مشاريع القوانين.
مشاريع قوانين المالية والوثائق المرفقة بها.
مقترحات القوانين التي يتقدم بها أعضاء البرلمان.
ميزانيات الجماعات الترابية، والقوائم المحاسبية والمالية المتعلقة بتسيير هذه الجماعات وبوضعيتها المالية.
مهام المؤسسة أو الهيئة المعنية وهياكلها الإدارية، والمعلومات الضرورية من أجل الاتصال بها.
الأنظمة والمساطر والدوريات والدلائل التي يستخدمها موظفو المؤسسة أو الهيئة أو مستخدموها في أداء مهامهم.
قائمة الخدمات التي تقدمها المؤسسة أو الهيئة للمرتفقين، بما فيها قوائم الوثائق والبيانات والمعلومات المطلوبة بقصد الحصول على خدمة أو وثيقة أو بطاقة إدارية رسمية والخدمات الإلكترونية المرتبطة بها.
حقوق وواجبات المرتفق تجاه المؤسسة أو الهيئة المعنية، وطرق التظلم المتاحة له.
شروط منح التراخيص والأذونات وشروط منح رخص الاستغلال.
النتائج المفصلة لمختلف المحطات الانتخابية.
البرامج التوقيعية للصفقات العمومية ونتائجها إذا تم إنجازها وحائزوها ومبالغها.
برامج مباريات التوظيف والامتحانات المهنية، والإعلانات الخاصة بنتائجها.
الإعلانات الخاصة بفتح باب الترشيح لشغل مناصب المسؤولية والمناصب العليا ولائحة المترشحين المقبولين للتباري بشأنها ونتائجها.
التقارير والبرامج والبلاغات والدراسات المتوفرة لدى المؤسسة أو الهيئة.
الإحصائيات الاقتصادية والاجتماعية.
المعلومات المتعلقة بالشركات، لاسيما تلك الممسوكة لدى مصالح السجل التجاري المركزي.
المعلومات التي تضمن التنافس الحر والنزيه والمشروع.
يجب على كل الهيئات المعنية أن تحسن الاشتغال طبقا لهذه التدابير، وستشرع اللجنة في تقريرها لسنة 2022 بوضع خريطة تقييمية لاحترام النشر الاستباقي من طرف المؤسسات المعنية.
كيف تعمل اللجنة للاضطلاع بمهمة ضمان الحق في الحصول على المعلومات كمقتضى دستوري مهم؟
تسهر لجنة الحق في الحصول على المعلومات على الحرص على تطبيق مقتضيات القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات، وذلك من خلال الآليات والبرامج وكذا الأنشطة المراد منها تفعيل القانون والتوعية والتحسيس بخصوص الحق في الحصول على المعلومات في إطار مقاربة تشاركية مع مختلف المؤسسات المعنية، تطبيقا للمادة 27 من الدستور التي تنص على الحق في الحصول على المعلومات. ويتطلب ذلك إمكانيات وميزانية خاصة، ونحن بصدد تحديد هذه المتطلبات، متمنيين أن القانون المالي لسنة 2023 سيفتح المجال لذلك.
ما هي القضايا المشتركة بين حماية المعطيات الشخصية والحق في الحصول على المعلومات؟
يتجلى التقاطع بين حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي والحق في الحصول على المعلومات في وضع لبنات الحكامة الجيدة؛ إذ إن معالجة طلب الحق في الحصول على المعلومات تتم باحترام المعطيات ذات الطابع الشخصي التي يؤطرها القانون رقم 09.08. والجدير بالذكر أن مقتضيات القانون رقم 31.13 تستلزم عدم المس بالحياة الشخصية للمواطنات والمواطنين. إذن، هناك وجوب تأسيس توازن بين الحق في الحصول على المعلومات والحياة الخاصة.
كيف تتعامل اللجنة مع الأخبار الزائفة؟
ستشرع اللجنة في تفعيل برامج INFO TIKA مع المؤسسات، وتوجد من بين محاورها محاربة الأخبار الزائفة ووضع جدول تصنيفي لكل المعلومات التي يلزم نشرها بموجب القانون، تعزيزا لمبدأ الشفافية وترسيخا للثقة بين المواطن والمؤسسات المعنية المكلفة بتدبير المرفق العام.
تعتبر البيانات المفتوحة أحد المجالات التي يتم فيها استعمال المعطيات الشخصية، ما تصورك لهذا الأمر؟
إن موضوع البيانات المفتوحة يهم كلاًّ من لجنة الحق في الحصول على المعلومات واللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. من منظور حماية الحياة الخاصة، يجب الحرص على فعالية ميكانيزمات إخفاء الهوية (anonymisation) لإنتاج هذه البيانات المفتوحة. ومن منظور الحق في الحصول على المعلومات، تشكل البيانات المفتوحة موضوعا أساسيا في مجال النشر الاستباقي، وللجنتين دور أساسي في التأطير القانوني لهذا المجال.