رفض تام لاتهامات مسؤولية الإعلام في قضية هجرة الأطر الطبية صوب الخارج تصدر ردود فعل مهنيين بشأن تصريحات محمد زيدوح، المستشار البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية.
واستغرب فاعلون في قطاع الإعلام صدور الانتقادات في موضوع متشعب التفسيرات وربطه بتناول الصحافة للموضوع ورصدها لمجموعة من المشاكل المعلومة في قطاع الصحة والمشاكل التي تثيرها لوبيات المصحات الخاصة بالمغرب.
وقال زيدوح، وهو طبيب يعمل في القطاع الخاص، خلال اجتماع مناقشة مشروع القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية بمجلس المستشارين، مخاطبا وزير الصحة والحماية الاجتماعية إن “الحفاظ على القطاع الخاص يقتضي حمايته من المآسي الإعلامية التي يعاني منها”.
معلق على هسبريس تساءل: لماذا الإعلام، يا سيدي المستشار؟ هل الإعلام من سحق حقوق الأطباء بأجور هزيلة وتعويضات دون المستوى؟ هل الإعلام هو الوصي على هذا القطاع؟ لا مجال للمقارنة بين بلادنا والدول التي يهاجر إليها الأطباء.
معلق آخر قال أتريد أيها البرلماني أن تسكت الإعلام؟ أتريد أن يكون المغرب دولة دكتاتورية؟ لماذا لا تقول الحقيقة وتهاجم الدولة التي تبخس مهنة الطبيب؟ لماذا لا تمتلك الشجاعة وتعلن أمام السيد الوزير أن الطبيب يتقاضى أجرا هزيلا وأن الظروف التي يشتغل فيها غير مشجعة؟
حنان رحاب، نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، قالت إن مستشارا برلمانيا محسوبا على الأغلبية استغل جلسة لمناقشة مشروع القانون الإطار الخاص بالمنظومة الصحية لمهاجمة الصحافة التي تنتقد بعض الممارسات المسيئة إلى مهنة الطب النبيلة، والتي تهدد الأمن الصحي للمغاربة.
وأضافت رحاب أن المستشار، الذي يعمل طبيبا في القطاع الخاص والذي من المفترض بصفتيه المهنية والتمثيلية أن يكون في واجهة الدفاع عن صحة المغاربة، لم ير في جلسة لمناقشة مشروع كبير تم الاشتغال عليه بتعليمات ملكية في آخر مجلس وزاري ترأسه جلالة الملك شخصيا سوى محطة لتصريف حسابات مع صحافة لم تكن تقوم سوى بواجبها في التنبيه إلى الاختلالات التي تعرفها المنظومة الصحية.
واعتبرت نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، في تصريح لهسبريس، أن الاختلالات فصلت فيها تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي واللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، وتقارير المفتشية العامة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية والمجلس الأعلى للحسابات، وتقارير أكثر من لجنة برلمانية للتقصي، وحتى برنامج حزبه الانتخابي أشار إليها، فضلا عن متابعات قضائية كثيرة.
وتساءلت رحاب فثي التصريح ذاته: هل كل هذه المؤسسات متآمرة على المنظومة الصحية، وهي سبب هجرة الأطباء إلى الخارج كما اتهم المستشار الصحافة؟، مسجلة أنه في المغرب ليس وحدهم الأطباء من يهاجرون بل كذلك المهندسون وأساتذة الجامعات وغيرهم من الأطر.
وأكدت المتحدثة أن هذا موضوع يجب أن يكون خاضعا لنقاش عميق للبحث في الأسباب ومعالجتها، وليس الارتكان إلى جواب ساذج وغير منطقي: الصحافة هي سبب هجرة الأدمغة، وزادت: الصحافة تنتقد ممارسات في مهن الطب والتعليم والوظيفة العمومية والأمن والوقاية المدنية، وتنتقد حتى ممارسات في مهن الإعلام، كما تنوه بالمجهودات التي تستحق التنويه، وتلك مهمتها.
وأشارت رحاب إلى أن الصحافة ليس لها أي انحياز إلى مهنة أو ضد مهنة أخرى، وربما المستشار لا يقرأ ما تنشره الصحف والمواقع يوميا، مبرزة أن المستفز هو تصريح المستشار البرلماني أنه اشتكى الصحافة لوزير الشباب والثقافة والتواصل، فهل يعتقد هذا المستشار أننا نعيش في دولة شمولية تفرض فيها الحكومة وصاية على عمل الصحافيين؟.
واعتبرت نائبة رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية أن القضية بسيطة جدا، هل الخبر الذي ينشره الصحافي موثوق أم لا؟ إذا كان موثوقا فعلى المستشار أن يكون أول من يستنكر الممارسات المسيئة إلى نبل رسالة الطب، وإن كانت غير ذلك فثمة قنوات للرد وحتى للمقاضاة. وغير ذلك فإن تحميل الصحافة مسؤولية هجرة الأطباء إلى الخارج هو العبث، شددت رحاب، التي لفتت إلى أن الأطباء المهاجرين سيستغربون بدورهم إذا علموا أن هناك من يربط هجرتهم بما تكتبه الصحافة؛ لأنه سيصورهم وكأنهم فروا من قضايا تلاحقهم، وليس كأطر تبحث عن فرص تراها أفضل في الخارج.