تفكيرٌ في راهن ومستقبل الثقافات الإفريقية حضر في ندوة بمعرض الكتاب بالرباط، الذي وضع آداب القارة ضيف شرفِ دورته 27 الراهنة.
أوجين إيبودي، كاتب من الكامرون، تحدث عن إفريقيا المطبوعة بالتنوع، التي كانت “موضوع تفرقة كبيرة”، من أوجهه الاستعمار الذي اعتبرها “شيئا يمكن أخذه”.
وتطرق إيبودي إلى تراجيديات الفرقة في إفريقيا، مثل نموذج الجارين المغرب والجزائر، وتعقيد “إفريقيا لعدم معرفتها بعضها بعضا”.
عدم المعرفة هذا يتمثل أيضا في النظر إلى الانتماء إلى القارة من عدمه، حيث استشهد إيبودي بكلمة لعبد الجليل لحجمري، أمين سر أكاديمية المملكة المغربية، قال فيها إن أصل كلمة إفريقيا “جاء من كلمة أمازيغية”، ثم استرسل قائلا: “من المفارقة أنه عندما نتحدث عن إفريقيا، وهنا أصل الكلمة، ننظر إليها على أنها تعني جنوب الصحراء”.
وتحدث المتدخل عن كرسي الآداب والفنون الإفريقية بأكاديمية المملكة النابع من “رؤية ملكية وقرار لعبد الجليل لحجمري”، قبل أن ينظَّم المعرض ويختار ضيف شرفه.
وزاد المتحدث ذاته: “افتتح هذا الكرسي لمواجهة الحدود اللغوية والثقافية ونزع الاستعمار عن العقول”، برؤية تطمح إلى “ألا يبقى هامشٌ، ويكون المركز في كل مكان”.
هنا، ذكّر إيبودي بواقع وجود “أسواق مشتركة” إفريقية تطبعها “الغيابات”، في قطاع النشر مثلا الذي لا يغطيه عبر مساحة القارة إلا موزع واحد، ما يحد من تدفق “الأشياء، والمنتجات الثقافية”.
التفكير في إفريقيا، الذي يدعو إليه الكاتب الكاميروني، يهم كل أبناء القارة المدعوين إلى “ملاحظة المرئي وغير المرئي، ثم أن نأخذ قرارا، ثم أن يسموا الأشياء بأسمائها”.
الأفق الإفريقي المشترك يتطلب أيضا “علاج إفريقيا من انقلاباتها متعددة المجالات”، واعتبار الحاجة الدائمة إلى الاستقرار، علما أن “للملكيات استقرارها بعيدا عن المغامرات”، ولو أنه لم تتبقّ منها إلا ثلاث بالقارة.
كما انتصر أوجين إيبودي لمقاربة “الاختلاط”، بوصفها مقاربة ومنهجا لجمع المواطنين حول مصالحهم، واصفا إياها بـ”المقاربة المنتجة أكثر”.
ومع دعوته إلى تعرُّف إفريقيا على بعضها البعض، ذكّر الكاتب الكاميروني بوجود مشترك أدبي بعيدا عن المؤسسات التعليمية، حيث يحضر مثلا الأدب المغاربي، بتعبير فرنسي، عند القراء، مثل محمد خير الدين الذي كان “من مُدخِلِيّ الأدب”، و”نجمة” كاتب ياسين، وزمن إدريس الشرايبي البسيط.
الباحث نور الدين بوصفيحة، المتحدث عن “إفريقيا المتوجهة إلى المستقبل” و”واجب تحطيم المركزية، أو الأنموذج الغربي؛ لنكون ما نطمح إليه”، استحضر روافع المشترك الإفريقي من كتاب وثقافةٍ وبحثٍ، قبل أن يذكّر بتدريس “الأدب الإفريقي” في الجامعة المغربية ابتداء من الثمانينات، حتى إن 30 أطروحة اهتمت بأدب “شيخ حميدو كان” وهو “ما فقدناه بعد ذلك”.
إيريك جويل، دبلوماسي غابوني، قال من جهته إن “إفريقيا واحدة لكنها ليست إفريقيا أحادية”، ثم تطرق إلى الحل الموجود “عبر المغرب”، مستشهدا بمبادرة تأسيس أكاديمية المملكة المغربية كرسيا للآداب والفنون الإفريقية.
وتحدث الدبلوماسي ذاته عن الحاجة إلى تطوير الأطر القانونية لـ”تجد الإفريقيات بعضها بعضا، وتسير مع بعضها البعض”.
ويرى السفير الغابوني أن “دبلوماسية المغرب هي الأكثر في التعاون المشترك، حتى في جانب الدين والمساجد ودور القرآن…”، ثم تابع قائلا: “يوجد أمل جميل وأظن أن الأمور يمكن أن تتم بسرعة”.
هذه القراءة لم تمنع الدبلوماسي من التأكيد على أن “إفريقيا ومدبريها عليلون، مع استثناءات”، وزاد بنبرة آسِفة: “تنقص الرؤية، وبعد النظر، والإرادة”.
واستشهد المتدخل بمحدودية التعاون المشترك، حيث تشتري، مثلا، الغابون ليمونها من إسبانيا أكثر من المغرب، وتتوجه دولٌ بالقارة لاقتناء القطن من الصين بينما يوجد في بوركينافاسو…
وأجمل الدبلوماسي قائلا: “الاتحاد الإفريقي أسس من أجل أن يعيش الإفريقي جيدا في بلده أو خارجه (…) وتوجد دول إفريقية لها نفس المستوى الاقتصادي الأوروبي (…) عندنا كل الحلول”.