خلال دورة استثنائية لجمعيته العامة، قدّم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أبرز الخطوط العريضة لمشروع رأي حول “السياسات العمومية للشباب”، بناء على طلب وإحالة توصل بها من مجلس المستشارين.
وتهدف هذه الدراسة، المقدمة وسط الأسبوع الماضي، إلى تقييم مدى فعالية والتقائية وملاءمة السياسات المتعلقة بالشباب، في علاقة بقدرتها على ضمان التنمية المندمجة للشباب وتماسكها ودرجة تنفيذها.
وترتكز هذه الدراسة على خمسة محاور أساسية تتكامل في ما بينهما، مستمدة من الإطار المرجعي لـ”الميثاق الاجتماعي” للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، القائم على الحقوق الأساسية المتضمنة في الدستور المغربي، والمعترف بها أيضا في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها من طرف المملكة.
هذه المحاور تتمثل، حسب ما اطلعت عليه هسبريس، في “التربية والتكوين”، ما يسهم في اكتساب وتعزيز المهارات والقدرات الفردية للشباب، ثم “التنمية الثقافية” من خلال الولوج إلى الأنشطة الرياضية والأنشطة الترفيهية، باعتبارها من أدوات “ترسيخ قيم الحداثة والانفتاح، والابتكار، ونشر الإبداع”.
كما لم يغفل المجلس الاقتصادي أن يشير إلى ضرورة “حصول الشباب على الخدمات الصحية والحماية الاجتماعية اللازمة للحفاظ على صحة عقلية وبدنية جيدة”، لافتا إلى أهمية “الإدماج الاقتصادي والولوجية إلى سوق الشغل، لضمان حياة كريمة والمساهمة في خلق الثروة”، فضلا عن “مشاركة الشباب وإسهامه في بناء دولة ديمقراطية ومجتمع مندمج”.
أمحمد الظريف، باحث بارز في “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد”، متخصص في تقييم السياسات العامة، أورد أن هذا التقرير الذي اشتغل عليه المجلس المذكور “سيكون له ما بعده من دون شك في ما يتعلق بتطوير السياسات العمومية الموجهة للشباب”، لاسيما في ظل الاهتمام الحالي بهذا الموضوع، مؤكدا أنه “حيثما كان هناك نقاش توجد الجدوى”.
وأثار الظريف، في حديث مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن الأهم بعد مضمون آراء المجلس وجدواها يظل هو “سؤال التفعيل وتطبيق ما يرد فيها من توصيات واقتراحات”، متسائلا في السياق نفسه عن أهمية تتبع هذا النوع من التقارير التي يطغى عليها الجانب التقييمي التقويمي.
وبخصوص مآل هذه التقارير وجدوى مثل هذه الآراء غير الملزمة للفاعل التنظيمي والتشريعي، قال الباحث ذاته إن دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يظل “مؤطَّرا دستوريا بتقييم السياسات العمومية وتقديم اقتراحات وتوصيات”، موضحا أن “تكوينه وتركيبة أعضائه متعددة الأطراف والمشارب تجعل منه مجلسَ حكامة، أو ما يشبه مجلسا للحكماء”.
وتابع الظريف بأن “الآراء التي يُطلب من المجلس إعدادها تكون توصياتها ونتائجها ملزِمة أخلاقيا للجهة التي طلبتها”، في حين أن تلك التي يأخذ فيها المبادرة فمهمته تتوقف فقط في “تبليغ المعنيين بها ولفت انتباههم إلى أهميتها”، خالصا إلى أن المشرّع “جعل من عدم الإلزامية اختيارا”.
وخلص الظريف إلى تأكيد الطابع “غير السياسي للمجلس”، قائلا إن آراءه ودراساته “تتضمن اقتراحات براغماتية الغرض منها إسداء النصح والأفكار للمسؤولين الحكوميين من أجل تدبير عمومي ناجع بعيدا عن أي صبغة أيديولوجية”.